2032 - (د ت ق) : زياد بن الحارث الصدائي ، له صحبة .
قدم على النبي صلى الله عليه وسلم ، وأذن له في سفره .
روى عنه : زياد بن نعيم الحضرمي (د ت ق) .
روى له أبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه طرفا من حديثه الطويل ، وقد وقع لنا بطوله عاليا .
أخبرنا به أبو الحسن ابن البخاري ، وأبو محمد عبد الواسع بن عبد الكافي الأبهري ، قالا : أنبأنا القاضي أبو الفتح محمد بن أحمد بن المندائي الواسطي كتابة من واسط ، قال : أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، قال : أخبرنا الحسن بن علي الجوهري ، قال : أخبرنا [ ص: 446 ] أبو بكر بن مالك ، قال : حدثنا بشر بن موسى ، قال : حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ ، عن عبد الرحمن بن زياد ، قال : حدثني زياد بن نعيم الحضرمي ، قال : سمعت زياد بن الحارث الصدائي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث قال :
قال الصدائي : وكتبت إليهم كتابا فقدم وفدهم بإسلامهم . فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أخا صداء ، إنك لمطاع في قومك " . فقلت : بل الله هو هداهم للإسلام . فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أفلا أؤمرك عليهم ؟ " فقلت : بلى يا رسول الله . قال : فكتب لي كتابا . فقلت : يا رسول الله ، مر لي بشيء من صدقاتهم . قال : نعم . فكتب لي كتابا آخر .
قال الصدائي : وكان ذلك في بعض أسفاره فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلا ، فأتاه أهل ذلك المنزل يشكون عاملهم ويقولون : أخذنا بشيء كان بيننا وبين قومه في الجاهلية . فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : أوفعل ؟ فقالوا : نعم . فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه وأنا فيهم ، فقال : " لا خير في الإمارة لرجل مؤمن " . قال الصدائي : فدخل قوله في نفسي ، ثم أتاه آخر فقال : يا نبي الله أعطني . فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : " من سأل الناس عن ظهر غنى فصداع في الرأس وداء في البطن " . فقال السائل : فأعطني من الصدقة [ ص: 447 ] فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيها فجزأها ثمانية أجزاء فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك أو أعطيناك حقك " .
قال الصدائي : فدخل ذلك في نفسي أني سألته من الصدقات ، وأنا غني ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتشى من أول الليل فلزمته وكنت قويا وكان أصحابه ينقطعون عنه ويستأخرون حتى لم يبق معه أحد غيري ، فلما كان أوان أذان الصبح أمرني فأذنت ، فجعلت أقول : أقيم يا رسول الله ؟ فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر ناحية المشرق إلى الفجر ، فيقول : لا ، حتى إذا طلع الفجر نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبرز ثم انصرف إلي وقد تلاحق أصحابه ، فقال : هل من ماء يا أخا صداء ؟ فقلت : لا ، إلا شيء قليل لا يكفيك . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " اجعله في إناء ثم ائتني به " . ففعلت فوضع كفه في الماء . قال الصدائي : فرأيت بين كل إصبعين من أصابعه عينا تفور . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لولا أني أستحيي من ربي لسقينا واستقينا ، ناد في أصحابي من له حاجة في الماء " . فناديت فيهم ، فأخذ من أراد منهم ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فأراد بلال أن يقيم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أخا صداء أذن ومن أذن فهو يقيم " .
قال الصدائي : فأقمت الصلاة فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة ، أتيته بالكتابين ، فقلت : يا رسول الله ، اعفني من هذين . فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : " ما بدا لك " ؟ فقلت : سمعتك [ ص: 448 ] يا نبي الله تقول : " لا خير في الإمارة لرجل مؤمن " . وأنا أؤمن بالله ورسوله ، وسمعتك تقول للسائل : " من سأل الناس عن ظهر غنى فهو صداع في الرأس وداء في البطن " . وسألتك وأنا غني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هو ذاك ، فإن شئت فاقبل وإن شئت فدع " . فقلت : أدع . فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " فدلني على رجل أؤمره عليكم " فدللته على رجل من الوفد الذين قدموا عليه فأمره عليهم . ثم قلنا : يا نبي الله ، إن لنا بئرا إذا كان الشتاء وسعنا ماؤها واجتمعنا ، وإذا كان الصيف قل ماؤها تفرقنا على مياه حولنا وقد أسلمنا ، وكل من حولنا عدو لنا فادع الله لنا في بئرنا أن يسعنا ماؤها فنجتمع عليها ولا نتفرق . فدعا بسبع حصيات فعركهن في يده ودعا فيهن ثم قال : " اذهبوا بهذه الحصيات ، فإذا أتيتم البئر فألقوها واحدة واحدة واذكروا اسم الله " .
قال الصدائي : ففعلنا ما قال لنا فما استطعنا بعد أن ننظر إلى قعرها ، يعني : البئر . أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعته على الإسلام وأخبرت أنه بعث جيشا إلى قومي ، فقلت : يا رسول الله ، اردد الجيش وأنا لك بإسلام قومي . فقال لي : " اذهب فردهم " . فقلت : يا رسول الله ، إن راحلتي قد كلت ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا فردهم .
روى أبو داود قصة الصدقة منه ، عن عبد الله بن مسلمة القعنبي ، عن عبد الله بن عمر بن غانم ، وكذلك قصة الأذان والإقامة .
ورواها الترمذي ، عن هناد بن السري ، عن عبدة بن سليمان ، ويعلى بن عبيد .
[ ص: 449 ] ورواها ابن ماجه ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن يعلى بن عبيد ، كلهم : عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ، فوقع لنا عاليا بدرجتين .