48 - أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر بن دينار ، أبو عبد الرحمن النسائي القاضي الحافظ ، صاحب كتاب " السنن " .
[ ص: 329 ] وغيره من المصنفات المشهورة .
أحد الأئمة المبرزين والحفاظ المتقنين والأعلام المشهورين .
طاف البلاد ، وسمع بخراسان ، والعراق ، والحجاز ، ومصر ، والشام ، والجزيرة من جماعة يطول ذكرهم ، قد ذكرنا روايته عنهم في تراجمهم من كتابنا هذا .
وروى القراءة عن أحمد بن نصر النيسابوري المقرئ ، وأبي شعيب صالح بن زياد السوسي .
روى عنه : إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن يعقوب بن يوسف الإسكندراني ، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن صالح بن سنان القرشي الدمشقي ، وأبو العباس أبيض بن محمد بن الحارث بن أبيض القرشي الفهري المصري ، وأحمد بن إبراهيم بن محمد بن أشهب بن عبد العزيز القيسي العامري ، وأحمد بن الحسن بن إسحاق بن عتبة الرازي ، وأبو الحسن أحمد بن سليمان بن أيوب بن حذلم الأسدي . [ ص: 330 ] الدمشقي ، وأحمد بن عبد الله بن الحسن بن علي العدوي المعروف بأبي هريرة ابن أبي العصام ، وأبو الحسن أحمد بن عمير بن يوسف بن جوصى الدمشقي الحافظ . وأحمد بن عيسى القمي نزيل بيروت ، وأحمد بن القاسم بن عبد الرحمن الحرسي ، وأبو الحسن أحمد بن محبوب الرملي ، وأبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق ابن السني الدينوري ، وأبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل بن يونس النحوي ، المعروف : بابن النحاس ، وأبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد ابن الأعرابي ، وأبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي ، وأبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن هاشم بن زامل الأذرعي ، وإسحاق بن عبد الكريم الصواف ، وجعفر بن محمد بن الحارث الخزاعي ، وأبو علي الحسن بن الخضر بن عبد الله الأسيوطي ، وأبو محمد الحسن بن رشيق العسكري ، وأبو علي الحسين بن علي النيسابوري الحافظ ، وأبو علي الحسين بن هارون المطوعي ، وأبو القاسم حمزة بن محمد بن علي بن محمد بن العباس الكناني الحافظ ، [ ص: 331 ] وأبو الخير زهير بن محمد بن يعقوب الملطي ، وسعيد بن قحلون بن سعيد البجاني ، وأبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني ، وأبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني الحافظ ، وأبو سعيد عبد [ ص: 332 ] الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى الصدفي صاحب " تاريخ مصر " ، وأبو عيسى عبد الرحمن بن إسماعيل الخولاني العروضي الخشاب المصري ، وأبو الميمون عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن راشد البجلي الدمشقي ، وابنه : أبو موسى عبد الكريم بن أحمد بن شعيب النسائي ، وأبو الفتح عبيد الله بن جعفر بن أحمد بن عاصم الدمشقي المعروف بابن الرواس ، وعلي بن أبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي ، وعلي بن محمد بن أحمد بن إسماعيل الطبري ، وأبو القاسم علي بن يعقوب بن إبراهيم بن أبي العقب الهمداني الدمشقي ، وأبو طالب عمر بن الربيع بن سليمان المصري ، وأبو بشر محمد بن أحمد بن حماد الدولابي وهو من أقرانه ، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن خالد بن يزيد الأعدالي المصري ، وأبو بكر محمد بن أحمد ابن الحداد المصري الفقيه ، وأبو الحسن محمد بن أحمد الرافقي ، ومحمد بن جعفر بن محمد بن هشام بن ملاس النميري ، وأبو بكر محمد بن داود بن سليمان الزاهد ، ومحمد بن سعد السعدي الباوردي ، وأبو الحسن محمد بن عبد الله بن زكريا بن حيويه النيسابوري ، وأبو بكر محمد بن علي بن الحسن بن أحمد النقاش التنيسي ، وأبو جعفر محمد بن عمرو بن موسى بن محمد بن حماد العقيلي المكي الحافظ ، وأبو الطيب محمد بن الفضل بن العباس ، ومحمد بن القاسم بن محمد بن سيار القرطبي ، وأبو بكر محمد بن القاسم المصري الزاهد المعروف بوليد ، وأبو بكر محمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم القرقساني ، وأبو بكر محمد بن موسى بن يعقوب ابن المأمون الهاشمي ، وأبو علي محمد بن هارون بن شعيب الأنصاري الدمشقي ، وأبو عبد الله محمد بن يعقوب بن يوسف [ ص: 333 ] الشيباني الحافظ المعروف بالأخرم ، ومنصور بن إسماعيل الفقيه المصري ، وأبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفرائيني ، ويعقوب بن المبارك المصري ، وأبو القاسم يوسف بن يعقوب السوسي .
قال : سمعت أبو أحمد بن عدي الحافظ منصورا الفقيه يقولان : أبو عبد الرحمن النسائي إمام من أئمة المسلمين . وأحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي
وقال أيضا : أخبرني محمد بن سعد الباوردي ، قال : ذكرت أبا عبد الرحمن النسائي ، فقال : هو إمام ، أو يستحق أن يكون إماما ، أو كما قال . لقاسم المطرز
وقال الحاكم أبو عبد الله الحافظ : سمعت يقول : سألت أبا عبد الرحمن النسائي ، وكان من أئمة المسلمين : ما تقول في بقية... فذكر كلاما . أبا علي الحسين بن علي الحافظ
وقال أيضا : أخبرنا ، أخبرنا أبو عبد الرحمن النسائي الإمام في الحديث بلا مدافعة . أبو علي الحافظ
وقال أيضا : سمعت غير مرة يذكر أربعة من أئمة المسلمين رآهم ، فيبدأ بأبي عبد الرحمن . أبا علي الحافظ
وقال في موضع آخر : سمعت يقول : رأيت من أئمة الحديث أربعة في وطني وأسفاري ، اثنان منهم بنيسابور : محمد [ ص: 334 ] ابن إسحاق وإبراهيم بن أبي طالب ، وأبو عبد الرحمن النسائي بمصر ، وعبدان بالأهواز . أبا علي الحافظ
وقال أيضا : سمعت جعفر بن محمد بن الحارث يقول : سمعت مأمون المصري الحافظ يقول : خرجنا مع أبي عبد الرحمن إلى طرسوس سنة الفداء ، فاجتمع جماعة من مشايخ الإسلام ، واجتمع من الحفاظ : عبد الله بن أحمد بن حنبل ومحمد بن إبراهيم مربع وأبو الآذان وغيرهم ، فتشاوروا من ينتقي لهم على الشيوخ ، فأجمعوا على أبي عبد الرحمن النسائي ، فكتبوا كلهم بانتخابه . وكيلجة
وقال أيضا : سمعت يقول : سمعت مشايخنا بمصر يعترفون لأبي عبد الرحمن النسائي بالتقدم والإمامة ، ويصفون من اجتهاده في العبادة بالليل والنهار ومواظبته على الحج والاجتهاد ، وأنه خرج إلى الفداء مع والي مصر فوصف من شهامته وإقامته السنن المأثورة في فداء المسلمين والمشركين واحترازه عن مجالسة السلطان الذي خرج معه والانبساط بالمأكول والمشروب في رحله ، وأنه لم يزل ذلك دأبه إلى أن استشهد رضي الله عنه بدمشق من جهة الخوارج . أبا الحسين محمد بن المظفر الحافظ
وقال أيضا : سمعت غير مرة يقول : أبو عبد الرحمن مقدم على كل من يذكر بهذا العلم من أهل عصره . علي بن عمر الحافظ
وقال : سألت أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي الصوفي ، فقلت : إذا حدث محمد بن إسحاق بن خزيمة وأحمد بن شعيب النسائي حديثا من تقدم [ ص: 335 ] منهما ؟ قال : النسائي لأنه أسند ، على أني لا أقدم على النسائي أحدا وإن كان ابن خزيمة إماما ثبتا معدوم النظير . أبا الحسن علي بن عمر الدارقطني الحافظ
قال : وقال : سمعت يقول : من يصبر على ما يصبر عليه أبو عبد الرحمن النسائي ، كان عنده حديث ابن لهيعة ترجمة ترجمة فما حدث بها ، وكان لا يرى أن يحدث بحديث ابن لهيعة . أبا طالب الحافظ
وقال حمزة بن يوسف السهمي : وسئل - يعني : - إذا حدث أبو عبد الرحمن النسائي وابن خزيمة بحديث أيما تقدمه ؟ فقال : أبو عبد الرحمن ، فإنه لم يكن مثله ، ولا أقدم عليه أحدا ، ولم يكن في الورع مثله لم يحدث بما حدث ابن لهيعة ، وكان عنده عاليا عن قتيبة . الدارقطني
وقال أبو عبد الرحمن السلمي أيضا : سمعت أبا الحسن الدارقطني يقول : سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن محمد المعدل النسوي بمصر يقول : سمعت - وذكره بالفضل والدين والاجتهاد - قال : أخذت نفسي بما رواه الربيع عن الشافعي أنه كان يختم في شهر رمضان ستين ختمة ، سوى ما يقرأ في الصلاة وفي غير رمضان ثلاثين ختمة ، فأما في شهر رمضان فلم أقدر على تمام الستين ، وأكثر ما قدرت عليه تسعة وخمسين ختمة وأتيت في غير رمضان بثلاثين ختمة . أبا بكر ابن الحداد
قال الدارقطني : وكان ابن الحداد كثير الحديث ، ولم يحدث عن أحد غير أبي عبد الرحمن النسائي فقط ، وقال : رضيت به حجة بيني وبين الله .
وقال أبو بكر محمد بن موسى بن يعقوب بن المأمون الهاشمي : كنت يوما في دهليز الدار التي كان أبو عبد الرحمن يسكنها في زقاق [ ص: 336 ] القناديل ومعي جماعة ننتظره لينزل ويمضي إلى الجامع ليقرأ علينا حديث الزهري ، فقال بعض من حضر : ما أظن أبا عبد الرحمن إلا يشرب النبيذ للنضرة التي في وجهه والدم الظاهر مع السن ! وقال آخرون : ليت شعرنا ما يقول في إتيان النساء في أدبارهن ؟ فقلت : أنا أسأله عن الأمرين وأخبركم ، فلما ركب مشيت إلى جانب حماره ، وقلت له : تمارى بعض من حضر في مذهبك في النبيذ ، فقال : مذهبي أنه حرام لحديث أبي سلمة عن : " عائشة " ، فلا يحل لأحد أن يشرب منه قليلا ولا كثيرا . كل شراب أسكر فهو حرام
قلت : فما الصحيح من الحديث في إتيان النساء في أدبارهن ؟ فقال : لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في إباحته ولا تحريمه شيء ، ولكن محمد بن كعب القرظي حدث عن [ ص: 337 ] جدك ابن عباس : " اسق حرثك من حيث شئت " ، فلا ينبغي لأحد أن يتجاوز قوله .
قال : وكان أبو عبد الرحمن يؤثر لباس البرود النوبية الخضر ، ويقول : هذا عوض من النظر إلى الخضرة من النبات فيما يراد لقوة البصر .
وكان يكثر الجماع مع صوم يوم وإفطار يوم ، وكان له أربع زوجات يقسم لهن ، ولا يخلو مع ذلك من جارية واثنتين يشتري الواحدة بالمائة ونحوها ويقسم لها كما يقسم للحرائر .
وكان قوته في كل يوم رطل خبز جيد يؤخذ له من سويقة العرافين لا يأكل غيره ، كان صائما أو مفطرا .
وكان يكثر أكل الديوك الكبار ، تشترى له ، وتسمن ثم تذبح فيأكلها ، ويذكر أن ذلك ينفعه في باب الجماع .
[ ص: 338 ] وسمعت قوما ينكرون عليه كتاب " الخصائص " لعلي رضي الله عنه وتركه لتصنيف فضائل أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ، ولم يكن في ذلك الوقت صنفها ، فحكيت له ما سمعت ، فقال : دخلنا إلى دمشق والمنحرف عن علي بها كثير ، فصنفت كتاب " الخصائص " رجاء أن يهديهم الله .
ثم صنف بعد ذلك فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقرأها على الناس ، وقيل له وأنا حاضر : ألا تخرج فضائل معاوية ؟ فقال : أي شيء أخرج ؟ ! " اللهم لا تشبع بطنه " ! وسكت وسكت السائل .
وقال أبو بكر ابن المأمون أيضا : سمعت أبا بكر ابن الإمام الدمياطي يقول لأبي عبد الرحمن النسائي : ولدت في سنة أربع عشرة - يعني : ومائتين - ففي أي سنة ولدت يا أبا عبد الرحمن ؟ فقال أبو عبد الرحمن : يشبه أن يكون في سنة خمس عشرة ومائتين ، لأن رحلتي الأولى إلى قتيبة كانت في سنة ثلاثين ومائتين ، أقمت عنده سنة وشهرين .
وقال الحاكم أبو عبد الله الحافظ : سمعت يقول : كان أبو عبد الرحمن النسائي أفقه مشايخ مصر في عصره ، وأعرفهم بالصحيح والسقيم من الآثار ، وأعلمهم بالرجال ، فلما بلغ [ ص: 339 ] هذا المبلغ حسدوه فخرج إلى الرملة ، فسئل عن فضائل معاوية ، فأمسك عنه ، فضربوه في الجامع . فقال : أخرجوني إلى مكة ، فأخرجوه إلى مكة وهو عليل ، وتوفي بها مقتولا شهيدا . علي بن عمر
قال الحاكم أبو عبد الله : ومع ما جمع أبو عبد الرحمن من الفضائل رزق الشهادة في آخر عمره ، فحدثني محمد بن إسحاق الأصبهاني ، قال : سمعت مشايخنا بمصر يذكرون أن أبا عبد الرحمن فارق مصر في آخر عمره ، وخرج إلى دمشق ، فسئل بها عن معاوية بن أبي سفيان وما روي من فضائله ، فقال : ألا يرضى معاوية رأسا برأس حتى يفضل ؟ ! فما زالوا يدفعون في حضنيه حتى أخرج من المسجد ثم حمل إلى مكة ، ومات بها سنة ثلاث وثلاث مائة وهو مدفون بمكة .
قال الحافظ أبو القاسم : وهذه الحكاية لا تدل على سوء اعتقاد أبي عبد الرحمن في معاوية بن أبي سفيان ، وإنما تدل على الكف في ذكره بكل حال .
ثم روى بإسناده عن أبي الحسن علي بن محمد القابسي ، قال : سمعت أبا علي الحسن بن أبي هلال يقول : سئل أبو عبد الرحمن النسائي عن معاوية بن أبي سفيان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : إنما الإسلام كدار لها باب ، فباب الإسلام الصحابة ، فمن آذى الصحابة إنما أراد الإسلام ، كمن نقر الباب إنما يريد دخول الدار ، قال : فمن [ ص: 340 ] أراد معاوية فإنما أراد الصحابة .
قال : قدم مصر قديما وكتب بها وكتب عنه ، وكان إماما في الحديث ثقة ثبتا حافظا ، وكان خروجه من مصر في ذي القعدة سنة اثنتين وثلاث مائة . أبو سعيد بن يونس
توفي بفلسطين يوم الاثنين لثلاث عشرة خلت من صفر سنة ثلاث وثلاث مائة .
وكذا قال أبو جعفر الطحاوي : إنه مات في صفر سنة ثلاث وثلاث مائة بفلسطين .
وقيل : إنه مات بالرملة ودفن ببيت المقدس .