روى عن : ، أنس بن مالك (د) ، وجابر بن عبد الله ، وطاوس بن كيسان (د ت س) ، وعبد الله بن عباس ، وعبد الله بن عمر بن الخطاب (د ت س) ، على خلاف فيه ، وعبد الله بن عمرو بن العاص (د) ، وعمرو بن دينار وعمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص (س) ، وفنج اليماني ، والنعمان بن بشير ، وأخيه همام بن منبه (خ م د ت س) ، وأبي خليفة البصري (عس) ، ، وأبي سعيد الخدري . وأبي هريرة
روى عنه : ابن ابنته إدريس بن سنان (فق) ، والد عبد المنعم [ ص: 141 ] ابن إدريس ، وإسرائيل أبو موسى (د ت س) ، وبكار بن عبد الله الصنعاني ، وداود بن قيس الصنعاني ، وسماك بن الفضل (د ت س) ، وأبو مصعب صالح بن عبيد (ي) ، وعاصم بن رجاء بن حيوة ، وعبد الله بن عثمان بن خثيم المكي ، وابناه عبد الله بن وهب بن منبه (عس) ، وعبد الرحمن بن وهب بن منبه ، وابن أخيه عبد الصمد بن معقل بن منبه (فق) ، وعبد الكريم بن حوران ، [ ص: 142 ] وعبد الملك بن خلج : الصنعانيون ، وابن أخيه عقيل بن معقل بن منبه (د) ، وعمر بن أبي يزيد ، وعمرو بن خالد الصنعاني ، (خ م ت س) ، وعمرو بن دينار وعمران أبو الهذيل ، وهو ابن عبد الرحمن بن هربذ ، ، وعوف الأعرابي وأبو سنان عيسى بن سنان الشامي (قد) ، ومحمد بن أيوب بن داود الصنعاني ، وأبو رفيق مرداس بن مافنه ، والمغيرة بن حكيم ، والمنذر بن النعمان الأفطس ، وهمام بن نافع ، والد عبد الرزاق ، ويزيد بن مسلم ، ويزيد بن يزيد بن جابر الدمشقي .
ذكره خليفة بن خياط في الطبقة الثانية من أهل اليمن ، وذكره محمد بن سعد في الطبقة الثالثة .
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه : كان من أبناء فارس ، قال : وكل من كان من أهل اليمن له " ذي " هو شريف يقال : فلان له ذي ، وفلان لا ذي له .
وقال : تابعي ثقة ، وكان على قضاء صنعاء . العجلي
وقال ، أبو زرعة : ثقة . والنسائي
وذكره في كتاب " الثقات " . ابن حبان
[ ص: 143 ] وقال غوث بن جابر بن غيلان بن منبه : كانوا إخوة أربعة أكبرهم ، وهب ، ومعقل ، وهمام ، وغيلان ، وكان أصغرهم .
وقال أحمد بن محمد بن الأزهر : سمعت مسلمة بن همام بن مسلمة بن همام بن منبه يذكر عن آبائه أن هماما ، ووهبا ، وعبد الله ، ومعقلا ، ومسلمة بنو منبه أصلهم من خراسان من هراة ، ومنبه من أهل هراة خرج فرفع إلى فارس أيام كسرى ، وكسرى أخرجه من هراة ثم إنه أسلم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فحسن إسلامه فمسكن ولده ، وتوالدهم باليمن ، وكان وهب بن منبه يختلف إلى هراة ، ويتفقد أمر هراة .
أخبرتنا زينب بنت مكي قالت : أخبرنا أبو حفص بن طبرزد قال : أخبرنا أبو غالب ابن البناء قال : أخبرنا أبو محمد الجوهري قال : أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن عمران الضراب ، قال : حدثنا محمد بن محمد بن سليمان ، قال : حدثنا علي ابن المديني قال : حدثنا حسان بن إبراهيم قال : حدثنا يحيى بن ريان ، قال : أخبرنا عبد الله بن راشد عن مولى لسعيد بن عبد الملك ، قال : سمعت خالد بن معدان يحدث عن عبادة بن الصامت قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " سيكون في [ ص: 144 ] أمتي رجلان أحدهما يقال له : وهب يؤتيه الله الحكمة ، والآخر يقال له : غيلان هو أشد على أمتي من إبليس " .
قال عثمان بن سعيد الدارمي ، سألت عن يحيى بن ريان : فقال : لا أعرفه . قلت : يروي عن عبد الله بن راشد من هو ؟ قال : لا أعرفه . يحيى بن معين
وقد روي من وجه آخر ضعيف عن الأحوص بن حكيم عن خالد بن معدان عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يكون في أمتي رجل يقال له وهب يهب الله له الحكمة ، ورجل يقال له غيلان هو أضر على أمتي من إبليس " .
رواه الوليد بن مسلم ، عن مروان بن سالم القرقساني ، عن الأحوص بن حكيم ، ومروان بن سالم هذا من الضعفاء المتروكين ، وقد ذكرنا أقوال الأئمة فيه في ترجمته .
وروي عن عبيد بن محمد الكشوري ، قال : حدثنا محمد بن الجساس ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرني أبي ، عن وهب بن منبه قال : يقولون : إن عبد الله بن سلام كان أعلم أهل زمانه ، وإن كعبا أعلم أهل زمانه أفرأيت من جمع علمهما أهو أعلم أم هما ؟ .
[ ص: 145 ] وعن عبيد بن محمد ، قال : حدثني محمد بن كثير بن عبيد بن كثير ، قال : حدثني أبي كثير بن عبيد أنه سار مع وهب حتى باتوا في دار بصعدة عند رجل من أهل صعدة فأنزلوا مصابيحهم ، وخرجت ابنة الرجل فرأت عنده مصباحا فاطلع إليه صاحب المنزل فنظر إليه صافا قدميه في ضياء كأنه بياض الشمس ، فقال : الرجل رأيتك الليلة في هيئة ما رأيت فيها أحدا . قال : وما الذي رأيت ؟ قال : رأيتك في ضياء أشد من الشمس . قال : اكتم ما رأيت .
وقال محمد بن سعد : أخبرنا أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي ، قال : حدثنا مسلم بن خالد قال : حدثني المثنى بن الصباح ، قال : لبث وهب بن منبه أربعين سنة ، لم يسب شيئا فيه الروح ، ولبث عشرين سنة لم يجعل بين العشاء والصبح وضوءا .
قال : وقال وهب : لقد قرأت ثلاثين كتابا نزلت على ثلاثين نبيا .
وقال ، عن جعفر بن سليمان الضبعي عبد الصمد بن معقل : صحبت عمي وهب بن منبه أشهرا يصلي الغداة بوضوء العشاء .
وقال سلم بن ميمون الخواص ، عن مسلم بن خالد الزنجي : لبث وهب بن منبه ، أربعين سنة لا يرقد على فراش ، ولبث عشرين سنة لم يجعل بين العتمة ، والصبح وضوءا .
[ ص: 146 ] وقال عبد الرزاق عن أبيه : رأيت وهبا إذا قام في الوتر قال : لك الحمد الدائم السرمد حمدا لا يحصيه العدد ، ولا يقطعه الأبد كما ينبغي لك أن تحمد ، وكما أنت له أهل ، وكما هو لك علينا حق .
وقال عبد المنعم بن إدريس عن أبيه : كان وهب بن منبه يحفظ كلامه كل يوم فإن سلم أفطر ، وإلا طوى .
وقال جعفر بن سليمان أيضا ، عن عبد الصمد بن معقل : قال : ما كلمت عالما قط إلا غضب ، وحل حبوته غير وهب بن منبه . الجعد بن درهم
وقال معمر ، عن سماك بن الفضل : كنا عند عروة بن محمد وإلى جنبه وهب بن منبه فجاء قوم فشكوا عاملهم ، وذكروا منه شيئا قبيحا ، فتناول وهب عصا كانت في يد عروة فضرب بها رأس العامل حتى سال دمه فضحك عروة ، واستلقى على قفاه ، وقال يعيب علينا أبو عبد الله الغضب ، وهو يغضب ! فقال وهب : ما لي لا أغضب ، وقد غضب الذي خلق الأحلام ، إن الله يقول : فلما آسفونا انتقمنا منهم يقول : أغضبونا .
وقال إسماعيل بن عبد الكريم عن عبد الصمد بن معقل : قيل لوهب بن منبه : يا أبا عبد الله إنك كنت ترى الرؤيا فتحدثنا بها فتكون حقا ، وفي رواية فلا نلبث أن نراها كما رأيت . قال : هيهات ذهب ذلك عني منذ وليت القضاء .
وقال عبد الصمد بن معقل أيضا ، عن وهب بن منبه : [ ص: 147 ] الدراهم والدنانير خواتيم الله في الأرض فمن ذهب بخاتم الله قضيت حاجته .
وقال سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار : دخلت على وهب بن منبه داره بصنعاء فأطعمني جوزا من جوزة في داره فقلت له : وددت أنك لم تكن كتبت في القدر كتابا . فقال وأنا والله لوددت ذلك .
وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني : وهب بن منبه كان كتب كتابا في القدر ثم حدثت أنه ندم عليه .
وقال أحمد بن حنبل ، عن عبد الرزاق : سمعت أبي يقول : حج عامة الفقهاء سنة مائة فحج وهب فلما صلوا العشاء أتاه نفر فيهم عطاء ، والحسن بن أبي الحسن ، وهم يريدون أن يذاكروه القدر . قال : فافتن في باب من الحمد فما زال فيه حتى طلع الفجر فافترقوا ، ولم يسألوه عن شيء . قال : وكان يتهم بشيء من القدر ، ورجع . أحمد
وقال حماد بن سلمة ، عن أبي سنان : سمعت وهب بن منبه يقول : كنت أقول بالقدر حتى قرأت بضعة وسبعين كتابا من كتب الأنبياء في كلها من جعل إلى نفسه شيئا من المشيئة فقد كفر فتركت قولي .
وقال أبو أسامة ، عن أبي سنان : سمعت وهب بن منبه يقول لعطاء الخراساني : كان العلماء قبلنا قد استغنوا بعلمهم عن دنيا [ ص: 148 ] غيرهم فكانوا لا يلتفتون إلى دنياهم ، وكان أهل الدنيا يبذلون دنياهم في علمهم فأصبح أهل العلم منا اليوم يبذلون لأهل الدنيا علمهم رغبة في دنياهم ، وأصبح أهل الدنيا قد زهدوا في علمهم لما رأوا من سوء موضعه عندهم .
وقال إسماعيل بن عبد الكريم : حدثني عبد الصمد بن معقل أنه سمع وهبا وهو يخطب الناس على المنبر فقال : احفظوا عني ثلاثا : إياكم وهوى متبعا ، وقرين سوء ، وعجاب المرء بنفسه .
وعن عبد الصمد قال : سمعت وهب بن منبه يقول دع المراء ، والجدال من أمرك فإنه لن يعجز أحد رجلين رجل هو أعلم منك فكيف تعادي ، وتجادل من هو أعلم منك ، ورجل أنت أعلم منه فكيف تعادي من أنت أعلم منه ، ولا يطيعك ؟ فاقلع عن ذلك .
وقال أبو عاصم النبيل : حدثني أبو سلام عن وهب بن منبه قال : العلم خليل المؤمن ، والحلم وزيره ، والعقل دليله ، والعمل قيمه ، والصبر أمير جنوده ، والرفق أبوه ، واللين أخوه .
وقال نافع بن يزيد المصري ، عن عامر بن مرة اليحصبي : كان ابن منبه يقول : المؤمن ينظر ليعلم ويسكت ، ويتكلم ليفهم ، ويخلو ليغنم .
وقال عبد العزيز بن رفيع عن وهب بن منبه : الإيمان عريان ، ولباسه التقوى ، وزينته الحياء ، وماله الفقه .
وقال إسماعيل بن عبد الكريم : حدثني عبد الصمد أنه سمع وهبا يقول لرجل من جلسائه : ألا أعلمك علما لا يتعايا الفقهاء فيه ؟ قال : بلى . قال : إن سئلت عن شيء عندك فيه علم فأخبر [ ص: 149 ] بعلمك ، وإلا فقل : لا أدري .
وقال مسلمة بن جعفر عن عمرو بن عامر البجلي عن وهب بن منبه : ثلاث من كن فيه أصاب البر : سخاوة النفس ، والصبر على الأذى ، وطيب الكلام .
وقال نوح بن حبيب القومسي : حدثنا حسن أبو عبد الله مولى أم الفضل ، عن ابن عياش قال : كنت جالسا مع وهب فجاءنا رجل فقال : إني مررت بفلان وهو يشتمك . قال : فغضب وهب ، وقال أما وجد الشيطان رسولا غيرك؟! قال : فما برحنا من عنده حتى جاء ذلك الرجل الشاتم فسلم على وهب فرد عليه السلام ، وصافحه ، وأخذ بيده ، وضحك في وجهه ، وأجلسه إلى جنبه .
وقال أبو اليمان الحكم بن نافع عن عباس بن يزيد قال وهب بن منبه : استكثر من الإخوان ما استطعت ؛ فإنك إن استغنيت عنهم لم يضروك ، وإن احتجت إليهم نفعوك .
وقال محمد بن كثير ، عن إبراهيم بن عمر الصنعاني ، قال وهب بن منبه : إذا سمعت الرجل يمدحك بما ليس فيك فلا تأمنه أن يذمك بما ليس فيك .
وقال عبد الله بن المبارك ، عن وهيب بن الورد : جاء رجل إلى وهب بن منبه فقال : إن الناس قد وقعوا فيما وقعوا فيه فقد حدثت نفسي أن لا أخالطهم . فقال : لا تفعل ؛ إنه لا بد للناس منك ، ولا بد لك منهم ، ولهم إليك حوائج ، ولك إليهم حوائج ، ولكن كن فيهم أصم سميعا أعمى بصيرا سكوتا نطوقا .
وقال مبارك بن سعيد الثوري ، عن جعفر بن برقان قال [ ص: 150 ] وهب بن منبه : طوبى لمن شغله عيبه عن عيب أخيه ، طوبى لمن تواضع لله من غير مسكنة ، طوبى لمن تصدق من مال جمعه من غير معصية ، طوبى لأهل الضر ، وأهل المسكنة طوبى لمن جالس أهل العلم ، والحلم ، طوبى لمن اقتدى بأهل العلم والحلم ، والخشية طوبى لمن وسعته السنة فلم يعدها .
وقال الهيثم بن عدي الطائي : قال وهب بن منبه : الأحمق إذا تكلم فضحه حمقه ، وإذا سكت فضحه عيه ، وإذا عمل أفسد ، وإذا ترك أضاع لا علمه يعينه ، ولا علم غيره ينفعه تود أمه أنها ثكلته ، وتود امرأته أنها عدمته ، ويتمنى جاره منه الوحدة ، وتأخذ جليسه منه الوحشة ، وأنشد لمسكين الدارمي في ذلك :
اتق الأحمق أن تصحبه إنما الأحمق كالثوب الخلق كلما رقعت منه جانبا
حركته الريح وهنا فانخرق أو كصدع في زجاج فاحش
هل ترى صدع زجاج يتفق وإذا جالسته في مجلس
أفسد المجلس منه بالخرق وإذا نهنهته كي يرعوي
زاد جهلا ، وتمادى في الحمق
وقال علي ابن المديني : حدثنا هشام بن يوسف الصنعاني أبو عبد الرحمن قاضي صنعاء ، قال : أخبرني داود بن قيس ، قال : كان لي صديق من أهل بيت خولان من حضور يقال له : أبو شمر ذو خولان ، قال : فخرجت من صنعاء أريد قريته ، فلما دنوت منها وجدت كتابا مختوما في ظهره إلى أبي شمر ذي خولان فجئته فوجدته مهموما حزينا ، فسألته عن ذلك ، فقال : قدم رسول من صنعا [ ص: 151 ] فذكر أن أصدقاء لي كتبوا إلي كتابا فضيعه الرسول ، فبعثت معه من رقيقي من يلتمسه من قريتي وصنعاء ، فلم يجدوه ، وأشفقت من ذلك ، قلت : فهذا الكتاب قد وجدته . فقال : الحمد لله الذي أقدرك عليه ففضه فقرأه ، فقلت : أقرئنيه . فقال : إني لأستحدث سنك . قلت : فما فيه ؟ قال : ضرب الرقاب . قلت : لعله كتبه إليك ناس من أهل حرورا في زكاة مالك ؟ قال : من أين تعرفهم ؟ قلت : إني وأصحابا لي نجالس وهب بن منبه ، فيقول لنا : احذروا أيها الأحداث الأغمار هؤلاء الحروراء ، لا يدخلوكم في رأيهم المخالف ، فإنهم عرة لهذه الأمة . فدفع إلي الكتاب ، فقرأته فإذا فيه : بسم الله الرحمن الرحيم إلى أبي شمر ذي خولان سلام عليك ، فإنا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ، ونوصيك بتقوى الله وحده لا شريك له ، فإن دين الله رشد وهدى في الدنيا ونجاة وفوز في الآخرة ، وإن دين الله طاعة ، ومخالفة من خالف سنة نبيه وشريعته ، فإذا جاءك كتابنا هذا فانظر أن تؤدي - إن شاء الله - ما افترض الله عليك من حقه تستحق بذلك ولاية الله وولاية أوليائه ، والسلام عليك ورحمة الله . فقلت له : فإني أنهاك عنهم قال : فكيف أتبع قولك وأترك قول من هو أقدم منك ؟ قال : قلت : أفتحب أن أدخلك على وهب بن منبه حتى تسمع قوله ويخبرك خبرهم ؟ قال : نعم . فنزلت ونزل معي إلى صنعاء ، ثم غدونا حتى أدخلته على وهب بن منبه ومسعود بن عوف وال على اليمن من قبل عروة بن محمد - قال علي ابن المديني : هو عروة بن محمد [ ص: 152 ] ابن عطية السعدي ولاؤنا لهم ، من سعد بن بكر بن هوازن - قال فوجدنا عند وهب نفرا من جلسائه ، فقال لي بعضهم : من هذا الشيخ ؟ فقلت : هذا أبو شمر ذو خولان من أهل حضور وله حاجة إلى أبي عبد الله .
قالوا : أفلا يذكرها ؟ قلت : إنها حاجة يريد أن يستشيره في بعض أمره . فقام القوم ، وقال وهب : ما حاجتك يا ذا خولان ؟ فهرج وجبن من الكلام ، فقال لي وهب : عبر عن شيخك . فقلت : نعم يا أبا عبد الله ، إن ذا خولان من أهل القرآن وأهل الصلاح فيما علمنا ، والله أعلم بسريرته ، فأخبرني أنه عرض له نفر من أهل صنعاء من أهل حروراء ، فقالوا له : زكاتك التي تؤديها إلى الأمراء لا تجزي عنك فيما بينك وبين الله ، لأنهم لا يضعونها في مواضعها فأدها إلينا فإنا نضعها في مواضعها نقسمها في فقراء المسلمين ونقيم الحدود . ورأيت أن كلامك يا أبا عبد الله أشفى له من كلامي ، ولقد ذكر لي أنه يؤدي إليهم الثمرة للواحد مائة فرق على دوابه ويبعث بها مع رفيقه . فقال له وهب : يا ذا خولان أتريد أن تكون بعد الكبر حروريا تشهد على من هو خير منك بالضلالة ؟ فماذا أنت قائل لله غدا حين يقفك الله ؟ ومن شهدت عليه ، الله يشهد له بالإيمان ، وأنت تشهد عليه بالكفر ، والله يشهد له بالهدى ، وأنت تشهد عليه بالضلالة ؟ فأين تقع إذا خالف رأيك أمر الله وشهادتك شهادة الله . أخبرني يا ذا خولان ماذا يقولون لك ؟ فتكلم عند ذلك ذو خولان ، وقال لوهب : إنهم يأمرونني أن لا أتصدق إلا على من يرى رأيهم ، ولا أستغفر إلا [ ص: 153 ] له فقال له وهب : صدقت ، هذه محنتهم الكاذبة ، فأما قولهم في الصدقة فإنه قد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أن امرأة من أهل اليمن دخلت النار في هرة ربطتها فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ، أفإنسان ممن يعبد الله ويوحده ولا يشرك به شيئا أحب إلى الله من أن يطعمه من جوع ، أو هرة ؟ والله يقول في كتابه ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا يقول : يوما عسيرا غضوبا على أهل معصيته لغضب الله عليهم فوقاهم الله شر ذلك اليوم حتى بلغ وكان سعيكم مشكورا ثم قال وهب : ما كاد تبارك وتعالى أن يفرغ من نعت ما أعد لهم بذلك من النعيم في الجنة .
وأما قولهم : لا يستغفر إلا لمن يرى رأيهم ، أهم خير من الملائكة ؟ والله تعالى يقول في سورة (حم عسق والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض وأنا أقسم بالله ما كانت الملائكة ليقدروا على ذلك ولا ليفعلوا حتى أمروا به ؛ لأن الله تعالى قال : لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون وأنه أثبتت هذه الآية في سورة (حم عسق) وفسرت في (حم) الكبرى ، [ ص: 154 ] قال : الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا الآيات ألا ترى يا ذا خولان إني قد أدركت صدر الإسلام ، فوالله ما كانت للخوارج جماعة قط إلا فرقها الله على شر حالاتهم ، وما أظهر أحد منهم قوله إلا ضرب الله عنقه ، وما اجتمعت الأمة على رجل قط من الخوارج ، ولو أمكن الله الخوارج من رأيهم لفسدت الأرض ، وقطعت السبل ، وقطع الحج عن بيت الله الحرام ، وإذن لعاد أمر الإسلام جاهلية حتى يعود الناس يستعينون برؤوس الجبال كما كانوا في الجاهلية ، وإذن لقام أكثر من عشرة أو عشرين رجلا ليس منهم رجل إلا وهو يدعو إلى نفسه بالخلافة ، ومع كل رجل منهم أكثر من عشرة آلاف يقاتل بعضهم بعضا ويشهد بعضهم على بعض بالكفر حتى يصبح الرجل المؤمن خائفا على نفسه ودينه ودمه وأهله وماله ، لا يدري أين يسلك ، أو مع من يكون ، غير أن الله بحكمه وعلمه ورحمته ، نظر لهذه الأمة فأحسن النظر لهم ، فجمعهم وألف بين قلوبهم على رجل واحد ليس من الخوارج ، فحقن الله به دماءهم ، وستر به عوراتهم وعورات ذراريهم ، وجمع به فرقتهم ، وأمن به سبلهم ، وقاتل به عن بيضة المسلمين عدوهم ، وأقام به حدودهم ، وأنصف به مظلومهم ، وجاهد به ظالمهم ، رحمة من الله رحمهم بها . قال الله تعالى في كتابه : ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض إلى : العالمين واعتصموا بحبل الله [ ص: 155 ] جميعا حتى بلغ تهتدون وقال الله تعالى : إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا إلى : الأشهاد فأين هم من هذه الآية فلو كانوا مؤمنين نصروا . وقال ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون فلو كانوا جند الله غلبوا ولو مرة واحدة في الإسلام . وقال الله تعالى ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم حتى بلغ نصر المؤمنين فلو كانوا مؤمنين نصروا . وقال : وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم حتى بلغ لا يشركون بي شيئا فأين هم من هذا ، هل كان لأحد منهم قط أخبر إلى الإسلام من يوم عمر بن الخطاب بغير خليفة ولا جماعة ولا نظر ، وقد قال الله تعالى : هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وأنا أشهد أن الله قد أنفذ للإسلام ما وعدهم من الظهور والتمكين والنصر على عدوهم ، ومن خالف رأي جماعتهم .
وقال وهب : ألا يسعك يا ذا خولان من أهل التوحيد وأهل القبلة وأهل الإقرار لشرائع الإسلام ، وسننه وفرائضه ، ما وسع نبي الله نوحا من عبدة الأصنام والكفار ، إذ قال له قومه أنؤمن لك [ ص: 156 ] واتبعك الأرذلون حتى بلغ : تشعرون أولا يسعك منهم ما وسع نبي الله وخليله إبراهيم من عبدة الأصنام ، إذ قال : واجنبني وبني أن نعبد الأصنام حتى بلغ : غفور رحيم أولا يسعك يا ذا خولان ما وسع عيسى من الكفار الذين اتخذوه إلها من دون الله . إن الله قد رضي قول نوح ، وقول إبراهيم ، وقول عيسى إلى يوم القيامة ليقتدي به المؤمنون ومن بعدهم ، يعني : إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ولا يخالفون قول أنبياء الله ورأيهم فيمن يقتدي إذا لم يقتد بكتاب الله وقول أنبيائه ورأيهم ، واعلم أن دخولك علي رحمة لك إن سمعت قولي وقبلت نصيحتي لك وحجة عليك غدا عند الله إن تركت كتاب الله وعدت إلى قول الحروراء .
قال ذو خولان : فما تأمرني ؟ فقال وهب : انظر زكاتك المفروضة ، فأدها إلى من ولاه الله أمر هذه الأمة وجمعهم عليه ، فإن الملك من الله وحده وبيده ، يؤتيه من يشاء وينزعه ممن يشاء ، فمن ملكه الله لم يقدر أحد أن ينزعه منه ، فإذا أديت الزكاة المفروضة إلى والي الأمر برئت منها ، فإن كان فضل فصل به أرحامك ومواليك وجيرانك من أهل الحاجة ، وضيف إن ضافك . فقام ذو خولان فقال : أشهد أني نزلت عن رأي الحرورية ، وصدقت ما قلت . فلم يلبث ذو خولان إلا يسيرا حتى مات .
[ ص: 157 ] وقال الحارث بن محمد بن أبي أسامة التميمي : حدثنا داود بن المحبر ، قال : حدثنا عباد بن كثير عن أبي إدريس ، عن وهب بن منبه ، قال : من أخلاق العاقل عشرة أخلاق : الحلم ، والعلم ، والرشد ، والعفاف ، والصيانة ، والحياء ، والرزانة ، ولزوم الخير والمداومة عليه ، ورفض الشر وبغضه له ولأهله ، وطواعية الناصح وقبوله منه ، فهي عشرة خصال من أخلاق العاقل ، ويتشعب من كل خصلة منها عشرة أخلاق صالحة :
فالحلم يتشعب منه : حسن العاقبة ، والمحمدة في الناس ، وشرف المنزلة ، والتسليم من السفه ، وركوب الجميل من الفعل ، وصحبة الأبرار ، ويرتدع من الضعة ، ويرتفع من الخساسة ، وينتهي إليه البر ، ويقربه من معالي الدرجات .
والعلم يتشعب منه : الشرف وإن كان دنيا ، والعز وإن كان مهينا ، والغنى وإن كان فقيرا ، والقوة وإن كان ضعيفا ، والنبل وإن كان حقيرا ، والقرب وإن كان قصيا ، والجود وإن كان بخيلا ، والحياء وإن كان صلفا ، والمهابة وإن كان وضيعا ، والسلامة وإن كان سفيها .
ويتشعب من الرشد : الرشاد ، والهدى ، والبر ، والتقى ، والعبادة ، والقصد ، والاقتصاد ، والثواب ، والكرم ، والصدق .
ويتشعب من العفاف : الكفاية ، والاستكانة ، والمصادقة ، والموافقة ، والبصر ، واليقين ، والسداد ، والرضى ، والراحة .
[ ص: 158 ] ويتشعب من الصيانة : الكف ، والورع ، وحسن الثناء ، والتزكية ، والمروءة ، والتكرم ، والغبطة ، والسرور ، والمنالة ، والتفكر .
ويتشعب من الحياء : اللين ، والرقة ، والرجاء ، والمخافة ، والسماحة ، والصحة ، والمداومة على الخير ، وحسن السياسة والمطاوعة ، وذل النفس .
ويتشعب من الرزانة : الراحة ، والسكون ، وعلو ، وتمكن وتأن ، وحظوة ، وتكرم .
ويتشعب من المداومة على الخير : الصلاح ، والقرار والإخبات ، والإنابة ، والسؤدد ، والظفر ، والرضى في الناس ، وحسن العاقبة .
ويتشعب من كراهية الشر : حسن الأمانة ، وترك الخيانة ، واجتناب الشر ، وحب الخير ، وتحصين الفرج ، وصدق اللسان ، وحب التواضع لمن هو فوقه ، والإنصاف لمن هو دونه ، وحسن الجوار ، ومجانبة خلطاء السوء .
ويتشعب من طاعة الناصح : زيادة في الفضل ، وكمال في اللب ، ومحمدة في العواقب ، والسلامة من اللؤم ، والبعد من الطيش ، واستصلاح المال ، ومراقبة ما هو نازل ، والاستعداد للعدو ، والاستقامة على المنهاج ، ولزوم الرشاد ، فتلك مائة خصلة من أخلاق العاقل .
ومن أخلاق الجاهل عشرة أخلاق سيئة : الطيش ، والسفه والضجر ، والعجلة ، والغضب ، والملامة ، والكذب ، وبغض الخير ، وحب الشر ، وطاعة الغاش .
ويتشعب من الطيش : سوء الصنيع ، والصلف ، والردى ، [ ص: 159 ] والهوان ، والسفال ، والغل ، والعمى ، والرذل ، والعنى ، والذل .
ويتشعب من السفه : كثرة الكلام في غير الحق فيما عليه ، ولا له ، والخوض في الباطل ، وصحبة الفجار ، والإنفاق في السرف ، والاختيال ، والبذخ ، والمكر ، والخديعة ، والاغتياب ، والسباب .
ويتشعب من الضجر : ترك الحق ، والميل إلى الباطل ، والرديء ، ومتابعة الهوى ، وقطيعة الرحم ، وعقوق الوالدين ، وسوء اليقين ، والتفريط في العمل ، والنسيان ، والهم ، والخنا .
ويتشعب من العجلة : الخسران ، والندامة ، وقلة الفهم ، وسوء النظر ، وفراق الصاحب ، وطلاق المرأة ، وتضييع المال ، وشماتة العدو ، واكتساب الشر ، واكتساب الملامة والمذمة .
ويتشعب من الغضب : قتل النفس ظلما ، وركوب الصديق بالقبح ، وضرب الخادم ، واقتحام المعاصي ، ومباشرة العيوب ، ومصاولة الحميم ومصارمته ، والأيمان الكاذبة ، وفراق الأحبة ، ومصارمتهم ، وسوء ذات البين ، والتعب في طلب المعاذير .
ويتشعب من الملامة : سوء المعاشرة ، ومنابذة الصديق ، وتقريب العدو ، وحب الفاحشة ، وبغض التقوى ، وطاعة الغاش ، والجبن عند البأس ، وخذلان الأصحاب ، والميل إلى أهل العمى ، والمسارعة في الشر .
ويتشعب من الكذب : الغدر ، والفجور ، والمقت عند ذوي الألباب وغيرهم ، والفخر بالباطل ، ومدحه الفاسقين ، والإفراط في البذل ، واختلاط العقل ، وحب الشقاء وأهله ، وبغض السعادة وأهلها ، والتهمة عند الخلق وإن صدق .
[ ص: 160 ] ويتشعب من بغض الخير : إطاعة الشيطان ، ومعصية المرشد ، والكسل عن الرشد ، والمسارعة في الغي ، والجفاء ، والحقد ، والمذمة ، والاستطالة ، والردى .
ويتشعب من حب الشر : أكل الحرام ، ومنع الصدقات ، وتضييع الصلوات ، والاستخفاف بالذنب ، والانهماك في الطغيان والمعصية ، واقتحام المهالك ، واختيار البلايا والشقاء ، والثناء على أهل المنكر ، والرضى بصنيعهم ، ومذمة الصالحين والطعن عليهم .
ويتشعب من طاعة الغاش : الصدود عن الخير والمعروف ، والمسارعة إلى الشر والمنكر ، واستحلال الفروج ، وركوب الفواحش ، وأذى الجيران ، وبغض الإخوان والإساءة إلى المرأة ، والتواني عن النجاح ، وبغض القرآن ، ومعصية الرب ، فتلك مائة خصلة سيئة من أخلاق الجاهل .
أخبرنا بذلك أبو إسحاق ابن الواسطي قال : أخبرنا أبو الفضل عبد السلام بن عبد الله بن بكران الداهري ببغداد ، قال : أخبرنا أبو المعالي المبارك بن الحسين بن الحسن البقلي ، قال : أخبرنا أبو المعالي ثابت بن بندار البقال ، قال : أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن شاذان ، قال : أخبرنا جعفر بن محمد بن نصير الخلدي ، قال : حدثنا الحارث بن محمد بن أبي أسامة ، فذكره .
قال إسحاق بن إبراهيم بن عبد الرحمن الهروي : ولد سنة أربع وثلاثين في خلافة عثمان .
وقال الواقدي ، وعبد المنعم بن إدريس ، ومحمد بن سعد ، وخليفة بن خياط ، وأبو عبيد القاسم بن سلام : مات سنة عشر [ ص: 161 ] ومائة .
زاد الواقدي ، وعبد المنعم : بصنعاء في أول خلافة هشام بن عبد الملك .
وقال إبراهيم بن خالد الصنعاني : أخبرني عمر بن عبيد قال : أخبرني فلاح بن عطاء أن وهبا توفي في ذي الحجة سنة ثلاث عشرة ومائة .
وقال عبد الصمد بن معقل ، وهمام بن نافع والد عبد الرزاق ، ومعاوية بن صالح الأشعري : مات سنة أربع عشرة ومائة .
زاد عبد الصمد : في المحرم استقبال سنة أربع عشرة .
وقال يونس بن عبد الصمد بن معقل : سمعت غير واحد من مشيختنا : إن وهبا مات في سنة أربع عشرة ومائة .
وقال أبو عبيد في رواية أخرى : مات سنة ست عشرة ومائة .
وقيل : إن يوسف بن عمر الثقفي ضربه حتى مات .
روى له ابن ماجه في " التفسير " والباقون .
أخبرنا أبو الفرج بن قدامة ، وأبو الغنائم بن علان ، وأحمد بن شيبان قالوا : أخبرنا حنبل بن عبد الله قال : أخبرنا أبو القاسم بن الحصين قال : أخبرنا أبو علي بن المذهب قال : أخبرنا أبو بكر بن مالك قال : حدثنا عبد الله بن أحمد قال : حدثني أبي [ ص: 162 ] قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو ، عن ابن منبه ، يعني وهبا ، عن أخيه ، قال : سمعت أبا هريرة يقول : " ليس أحد أكثر حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مني إلا عبد الله بن عمرو ، فإنه كان يكتب وكنت لا أكتب " .
أخرجه البخاري ، والترمذي ، والنسائي ، من حديث سفيان بن عيينة ، فوقع لنا بدلا عاليا ، وقال : حسن صحيح ، وليس له عند البخاري غيره والله أعلم . الترمذي