الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية

                                                                                        ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        4220 - وقال إسحاق : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن ابن خثيم ، عن أبي الطفيل رضي الله عنه ، قال : كانت الكعبة في الجاهلية مبنية بالرضم ليس فيه مدر ، وكانت قدر ما يقتحمها العناق ، وكانت غير مهولة إنما يوضع ثيابها عليها ثم تسدل سدلا عليها ، وكان الركن الأسود موضوعا على سورها باديا ، وكانت ذات ركنين كهيئة الحلقة ، مربعة من جانب ومدورة من جانب ، فأقبلت سفينة من أرض الروم ، حتى إذا كانوا قريبا من جدة انكسرت السفينة ، فخرجت قريش ليأخذوا خشبها فوجدوا روميا عندها ، فأخذوا الخشب ، فأعطاهم إياها ، وكانت السفينة تريد الحبشة ، وكان الرومي الذي في السفينة تاجرا ، فقدموا بالخشب ، وقدموا بالرومي ، فقالت قريش : نبني بهذا الخشب بيت ربنا ، فلما أرادوا هدمه إذا هم بحية على سور البيت ، بيضاء البطن ، سوداء الظهر ، فجعلت كلما دنا أحد إلى البيت ليهدمه يأخذ من حجارته سعت إليه فاتحة فاها ، فاجتمعت قريش عند المقام فعجوا إلى الله تعالى ، قال : وقالوا : ربنا لم ترع ، أردنا تشريف بيتك وتزيينه ، فإن كنت ترضى بذلك ، وإلا فما بدا لك فافعل ، فسمعوا جوابا في السماء ، فإذا بطائر أعظم من النسر أسود الظهر أبيض البطن والرجلين ، فغرز مخالبه في بطن الحية ، ثم انطلق بها يجرها وذنبها ساقط ، حتى انطلق بها نحو جياد ، فهدمتها قريش ، فجعلوا يبنونها بحجارة الوادي ، تحملها قريش على رقابها ، ورفعوها في السماء عشرين [ ص: 234 ] ذراعا ، فبينا النبي صلى الله عليه وسلم يحمل حجاره من أجياد وعليه نمرة ، فضاقت عليه النمرة ، فذهب بعض النمرة على عاتقه فترى عورته من صغر النمرة ، فنودي : يا محمد ، خمر عورتك ، فلم ير عريانا بعد ذلك ، وكان بين بنائها وبين ما أنزل الله عليه خمس عشرة سنة ، فلما كان جيش الحصين بن نمير ... فذكر حريقها في زمان ابن الزبير رضي الله عنهما .

                                                                                        قال ابن خثيم : وأخبرني ابن سابط أنه لما بناها ابن الزبير رضي الله عنهما كشفوا عن القواعد ، فإذا الحجر فيها مثل الحلقة ، مشبكة بعضها ببعض ، إذا حركت بالعتلة تحرك الذي من الناحية الأخرى .

                                                                                        قال ابن سابط : فأرانيه زيد بعد العشاء في ليلة مقمرة ، قال : فرأيتها أمثال الحلقة مشبكة أطراف بعضها ببعض .

                                                                                        قال معمر : فأخبرني يزيد بن أبي زياد ، عن مجاهد ، قال : لما هدموا البيت في الجاهلية ، حتى إذا بلغوا موضع الركن ، خرجت عليهم حية ، كأنما عنقها عنق بعير ، فهاب الناس أن يدنوا منها ، فجاء طائر ظلل نصف مكة فأخذها برجليه ، ثم حلق بها حتى قذفها في البحر .

                                                                                        قال مجاهد : وخرجوا يوما ، فنزع رجل من البيت حجرا فسرق من حلية البيت ، ثم عاد فسرق فلصق الحجر على رأسه .

                                                                                        [ ص: 235 ] [ ص: 236 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية