[ ص: 437 ] 32 - قصة قتل ابن أبي الحقيق .
4291 - قال : حدثنا أبو يعلى ، حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء ، حدثنا يونس بن بكير إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع الأنصاري ، حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ، حدثني أبي عن جدي أبي أمي ، عن عبد الله بن أنيس رضي الله عنه ، قال : وأبا قتادة ، وحليفا لهم من الأنصار ، وعبد الله بن عتيك إلى ابن أبي الحقيق لنقتله ، فخرجنا ليلا ، فتتبعنا أبوابهم ، فعلقناها عليهم من خارج ، ثم جمعنا المفاتيح ، فصعد القوم في النخل ، ودخلت أنا وعبد الله بن عتيك في درجة ابن أبي الحقيق ، فتكلم عبد الله بن عتيك ، فقال ابن أبي الحقيق : ثكلتك أمك عبد الله ، أنى لك بهذه البلدة ؟ قومي فافتحي له ، فإن الكريم لا يرد عن بابه هذه الساعة ، فقامت ، فقلت لعبد الله بن عتيك : دونك ، فشهر عليهم السيف ، فذهبت امرأته لتصيح [ ص: 438 ] فأشهر عليها السيف ، فأدركه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن قتل النساء والصبيان فأكف .
قال عبد الله بن أنيس : فدخلت عليه في مشربة له ، فوقفت أنظر إلى شدة بياضه في ظلمة الليل ، فلما رآني أخذ وسادة فاستتر بها ، فذهبت أرفع السيف لأضربه ، فلم أستطع من قصر البيت ، فوخزته وخزا ، ثم خرجت ، فقال صاحبي : فعلت ؟ قلت : نعم ، فدخل فوقف عليه ، ثم خرجنا فانحدرنا من الدرجة ، فسقط عبد الله بن عتيك في الدرجة ، فقال : وارجلاه ، كسرت رجلي ، فقلت : ليس برجلك بأس ، ووضعت قوسي فاحتملته ، وكان عبد الله قصيرا ضئيلا ، فأنزلته فإذا رجله لا بأس بها ، فانطلقنا حتى لحقنا أصحابنا ، وصاحت المرأة : وابياتاه ، فيثور أهل خيبر لقتله ، فذكرت موضع قوسي ، فقلت : لا أرجع حتى آخذ قوسي ، فرجعت فإذا أهل خيبر قد ثوروا ، وإذا ما لهم كلام إلا من قتل ابن أبي الحقيق ؟ فجعلت لا أنظر في وجه إنسان ولا ينظر في وجهي إلا قلت كما يقول : من قتل ابن أبي الحقيق ؟ حتى جئت الدرجة ، فصعدت مع الناس ، فأخذت قوسي ، ثم لحقت بأصحابي ، فكنا نسير بالليل ونكمن بالنهار ، فإذا كمنا النهار أقعدنا ناطورا ينظرنا حتى إذا اقتربنا من المدينة فكنا بالبيداء كنت أنا ناطرهم ، ثم إني ألحت لهم بثوبي فانحدروا ، فخرجوا جمزا ، وانحدرت أنا في آثارهم ، فأدركتهم حتى بلغنا المدينة ، فقال لي [ ص: 439 ] أصحابي : هل رأيت شيئا ؟ فقلت : لا ، ولكن رأيت ما أدرككم من العياء ، فأحببت أن يحملكم الفزع .
وأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب بالناس ، فقال : أفلحت الوجوه ، فقلنا : أفلح وجهك يا رسول الله ، قال : أقتلتموه ؟ قلنا : نعم ، فدعا صلى الله عليه وسلم بالسيف الذي قتل به ، فقال : هذا طعامه في ظبات السيف بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 440 ]