أمسى الجلابيب قد عزوا وقد كثروا وابن الفريعة أمسى بيضة البلد
[ ص: 75 ] فاعترضه صفوان ليلة، وهو آت من عند أخواله بني ساعدة، فضربه بالسيف على رأسه، فيعدو عليه ثابت بن قيس بن شماس، فجمع يديه إلى عنقه بحبل أسود، وانطلق به إلى دار بني حارثة، فلقيه فقال له: ما هذا؟ فقال: ما أعجبك عدا على عبد الله بن رواحة حسان بالسيف، فوالله ما أراه إلا قد قتله، فقال: هل علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما صنعت به؟ فقال: لا، فقال: والله لقد اجترأت، خل سبيله، فستغدو على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكروا له ذلك، فقال: أين ابن المعطل؟ فقام إليه، فقال: هأنذا يا رسول الله، فقال: ما دعاك إلى ما صنعت؟ فقال: يا رسول الله آذاني وكثر علي، ولم يرض حتى عرض في الهجاء، فاحتملني الغضب، وهأنذا فما كان علي من حق فخذني به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ادعوا إلي حسان" ، فأتي به، فقال: " يا حسان أتشوهت على قومك أن هداهم الله للإسلام، يقول: تنفست عليهم يا حسان، أحسن فيما أصابك" فقال: هي لك يا رسول الله، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم سيرين القبطية، فولدت له وأعطاه أرضا كانت عبد الرحمن بن حسان، لأبي طلحة تصدق بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم.قال حدثنا ابن إسحاق: أن يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس قال حين ضرب صفوان بن المعطل حسان:
تلق ذباب السيف عنك فإنني غلام إذا هوجيت لست بشاعر
رأيتك وليغفر لك الله حرة من المحصنات غير ذات غوائل
حصان رزان ما تزن بريبة وتصبح غرثى من لحوم الغوافل [ ص: 76 ]
وإن الذي قد قيل ليس بلائط بك الدهر بل قيل امرئ متماحل
فإن كنت أهجوكم كما بلغوكم فلا رجعت سوطي إلي أناملي
فكيف وودي ما حييت ونصرتي لآل رسول الله زين المحافل
وإن لهم عزا يرى الناس دونه قصار وطال العز كل التطاول