أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو الفضل بن إبراهيم، قال [ ص: 139 ] : حدثنا قال: حدثنا أحمد بن سلمة، إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا قال: حدثنا أبو عامر العقدي عبد الملك بن عمرو، عن عكرمة بن عمار اليمامي، عن أبيه، قال: إياس بن سلمة، الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن أربع عشرة مائة وعليها خمسون شاة لا ترويها فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على جباها يعني الركية فإما دعا وإما بسق فيها فجاشت، فسقينا واستقينا قال: ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعانا إلى البيعة في أصل الشجرة فبايعه أول الناس، ثم بايع وبايع، حتى إذا كان في وسط الناس قال: "بايعني يا سلمة" قال: قلت يا رسول الله قد بايعتك أول الناس، قال: "وأيضا" قال: ورآني رسول الله صلى الله عليه وسلم عزلا فأعطاني حجفة أو درقة، ثم بايع حتى إذا كان في آخر الناس قال: ألا تبايع يا سلمة، قال: قلت: يا رسول الله قد بايعتك في أول الناس وأوسطهم، قال: "وأيضا" فبايعته الثالثة فقال: يا سلمة أين حجفتك أو درقتك التي أعطيتك، قال: قلت: يا رسول الله لقيني عامر عزلا فأعطيتها إياه، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: " إنك كالذي قال الأول: اللهم أبغني حبيبا [ ص: 140 ] هو أحب إلي من نفسي ".
ثم إن المشركين من أهل مكة راسلونا الصلح حتى مشى بعضنا في بعض فاصطلحنا" ، قال: وكنت خادما لطلحة بن عبيد الله أستقي فرسه وأحسه، وآكل من طعامه، وتركت أهلي ومالي مهاجرا إلى الله ورسوله، قال: فلما اصطلحنا نحن وأهل مكة واختلط بعضنا بعضا أتيت شجرة فكسحت شوكها واضطجعت في أصلها , فأتاني أربعة من أهل مكة من المشركين، فجعلوا يقعون في رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبغضتهم ثم فتحولت إلى شجرة أخرى فعلقوا سلاحهم واضطجعوا فبينما، هم كذلك إذ نادى مناد من أسفل الوادي: يا آل المهاجرين قتل ابن زنيم , قال فاخترطت سيفي، فشددت على أولئك الأربعة وهم رقد، فأخذت سلاحهم فجعلته ضغثا في يدي ثم قلت: والذي كرم وجه محمد صلى الله عليه وسلم لا يرفع أحد منكم رأسه إلا ضربت الذي في عيناه، قال: ثم جئت بهم أسوقهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وجاء عمي عامر برجل من العبلات يقال له مكرز من المشركين يقوده على فرس [ ص: 141 ] مجفف حتى وقفنا بهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعين من المشركين فنظر إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "دعوهم يكون لهم بدء الفجور وثناه" .
فعفا عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله عز وجل: وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم الآية. قدمنا
رواه مسلم في الصحيح، عن إسحاق بن إبراهيم.