وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قالا: حدثنا وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بكير، قال: حدثنا ابن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، راشد مولى حبيب، عن حبيب بن أبي أوس، قال: حدثنا قال: عمرو بن العاص، قريش فقلت: والله إني لأرى [ ص: 347 ] أمر محمد يعلو علوا منكرا، والله ما يقوم له شيء، وقد رأيت رأيا ما أدري كيف رأيكم فيه، قالوا: وما هو؟ فقلت: رأيت أن نلحق بالنجاشي على حافتنا، فإن ظفر قومنا فنحن من قد عرفوا نرجع إليهم، وإن يظهر عليهم محمد فنكون تحت يد النجاشي أحب إلينا من أن نكون تحت يدي محمد، فقالوا: قد أصبت، قلت: فابتاعوا له هدايا، وكان من أعجب ما يهدى إليه من أرضنا الأدم، فجمعنا أدما كثيرا وخرجنا حتى قدمنا عليه، فوافقنا عنده قد بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمرو بن أمية الضمري، النجاشي في أمر جعفر وأصحابه، فلما رأيته قلت لصاحبي: هذا رسول محمد، لو قد أدخلت هداياه سألته أن يعطينيه فأضرب عنقه، فإذا فعلت ذلك رأت قريش أني قد أجزأت عنها حين قتلت رسول محمد، فلما دخلت عليه قال: مرحبا وأهلا بصديقي، هل أهديت لي شيئا؟ فقلت: نعم، فقربت إليه الهدايا، فلما تعجب لها وأخذها، قلت: أيها الملك، إني قد رأيت رسول محمد دخل عليك، وهو رجل قد وترنا وقتل أشرافنا وخيارنا، فأعطنيه أضرب عنقه، فغضب أشد غضب خلقه الله ثم رفع يده فضرب بها أنف نفسه ظننت أنه قد كسره، ولو انشقت لي الأرض دخلت فيها، فقلت: أيها الملك، لو ظننت أنك تكره هذا لم أسألك، فقال: تسألني أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر تقتله، فقلت: أيها الملك، فإن ذلك لكذلك؟ فقال: نعم والله، ويحك يا عمرو إني لك ناصح فاتبعه وأسلم معه، فوالله ليظهرن هو ومن معه على من خالفهم، كما ظهر موسى على فرعون وجنوده، قلت: أيها الملك، فبايعني أنت له على الإسلام، فقال: نعم، فبسط يده فبايعته لرسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام، ثم خرجت إلى أصحابي وقد حال رأيي، فقالوا: ما وراءك؟ فقلت: خيرا، فلما أمسيت جلست [ ص: 348 ] على راحلتي فانطلقت وتركتهم، فوالله إني لأهوي إذ لقيت فقلت له: أين يا خالد بن الوليد أبا سليمان؟ فقال: أذهب والله أسلم، إنه والله استقام المنسم، إن الرجل لنبي ما أشك فيه، فقلت: وأنا والله ما جئت إلا لأني مسلم، فقدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فتقدم خالد فبايع، ثم تقدمت فقلت: فقال لي: "يا يا رسول الله، أبايعك على أن يغفر ما تقدم من ذنبي، ولم أذكر ما تأخر، عمرو، بايع فإن الإسلام يجب ما كان قبله، والهجرة تجب ما كان قبلها". لما انصرفنا من الخندق جمعت رجالا من