1398 - قال وحدثنا ابن صاعد : ، يعقوب بن إبراهيم الدورقي وخلاد بن أسلم ، قالا : حدثنا ، عن علي بن عاصم عن حصين ، - واللفظ عمرو بن ميمون لخالد بن عبد الله - قال : كان رضي الله عنه : "بعث عمر بن الخطاب على ما سقت حذيفة دجلة ، وبعث عثمان بن حنيف على ما سقى الفرات ، فوضعا الخراج ، فلما قدما عليه قال : "لعلكما حملتما الأرض ما لا تطيق" ، فقال : لو شئت لأضعفت أرضي ، وقال حذيفة عثمان بن حنيف : لقد حملتها ما تطيق ، وما فيها كبير فضل ، فقال : "لئن عشت لأرامل أهل العراق لأدعهن ، لا يحتجن إلى أحد بعدي" ، قال : فما لبث إلا أربعة حتى أصيب ، قال : وكان رضي الله عنه إذا أقيمت الصلاة ، قال للناس : استووا ، فلما استووا طعنه [ ص: 1922 ] رجل فقال : باسم الله أكلني الكلب - أو قتلني الكلب - قال : فطار العلج بسكين ذي طرفين لا يدنوا منه إنسان إلا طعنه حتى طعن ثلاثة عشر ، فمات منهم تسعة ، وألقى عليه رجل من المسلمين برنسا ، ثم جثم عليه ، فلما عرف أنه مأخوذ ، طعن نفسه ، فقتل نفسه ، قال : وقدم الناس عمر ، فصلى بهم صلاة خفيفة ، قال : فقال عمر عبد الرحمن : انظر من قتلني ؟ قال : فجال جولة ثم رجع ، فقال : غلام لابن عباس فقال : الصنيع ؟ قال : نعم ، قال : المغيرة بن شعبة ، وقال قاتله الله لقد كنت أمرت به خيرا ، الحمد لله الذي لم يجعل ميتتي في يد رجل من المسلمين ، : لقد كنت أنت وأبوك تحبان أن يكثر العلوج لابن عباس بالمدينة ، قال : فقال : ألا نقتلهم ؟ قال : أبعد ما صلوا صلاتكم وحجوا حجكم ، ثم حمل حتى أدخلوه منزله ، فكأن لم يصب المسلمين مصيبة قبل يومئذ ، قال : فجعل الناس يدخلون عليه ، إذ دخل عليه شاب فقال : أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله عز وجل ، فإن لك من القدم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان لك ، ثم وليت فعدلت ، ثم رزقك الله الشهادة . قال : يا ابن أخي ، وددت أني وذاك لا لي ولا علي ، ثم أدبر الشاب ، فإذا هو يجر إزاره ، فقال : ردوه ، فرد ، فقال له : يا ابن أخي ، ارفع إزارك فإنه أنقى لثوبك ، أتقى لربك .
قال فوالله ما منعه ما كان فيه أن نصحه ، ثم أتي بشراب نبيذ فشرب منه ، فخرج من جرحه فعرف أنه لما به ، فقال : يا عمرو بن ميمون : ، انظر ما علي من الدين [ ص: 1923 ] فنظروا فإذا بضع وثمانون ألفا ، فقال : سل في آل عمر ، فإن وفى وإلا فسل في بني عدي ، فإن وفت وإلا فسل في عبد الله بن عمر قريش ولا تعدهم إلى غيرهم .
ثم قال : يا ائت أم المؤمنين عبد الله ، ، فقل : إن عائشة يقرأ عليك السلام ، ولا تقل : أمير المؤمنين ، فإني لست اليوم للمؤمنين بأمير ، وقل : يستأذن في أن يدفن مع صاحبيه ، فإن أذنت فادفنوني معهما ، وإن أبت فردوني إلى مقابر المسلمين ، فأتاها عبد الله وهي تبكي ، فقال : إن عمر يستأذن في أن يدفن مع صاحبيه ، فقالت : لقد كنت أدخر ذلك المكان لنفسي ، لأوثرنه اليوم على نفسي ، ثم رجع ، فلما أقبل قال عمر أقعدوني ، ثم قال : ما وراءك ؟ قال : قد أذنت لك ، قال : الله أكبر ، ما شيء أهم إلي من ذلك المضجع ، فإذا أنا قبضت فاحملوني ، ثم قولوا : يستأذن عمر ، فإن أذنت فادفنوني وإلا فردوني إلى مقابر المسلمين . عمر :
ثم قال : إن الناس يقولون : استخلف ، وإن الأمر إلى هؤلاء الستة الذين توفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض : علي ، ، وعثمان وطلحة ، والزبير ، ، وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن مالك ، وليشهدهم وليس له من الأمر شيء ، فإن أصابت الخلافة عبد الله بن عمر سعدا ، وإلا فليستعن به من ولي ، فإني لم أعزله عن عجز ولا خيانة .
ثم قال : أوصي الخليفة من بعدي بتقوى الله عز وجل ، وأوصيه بالمهاجرين [ ص: 1924 ] الأولين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم ، أن يعرف لهم حقهم ، ويحفظ لهم حرمتهم ، وأوصيه بالأنصار خيرا أن يقبل من محسنهم ، ويتجاوز عن مسيئهم ، وأوصيه بأهل الأنصار خيرا فإنهم ردء الإسلام ، وغيظ العدو وجباة المال لا يؤخذ منهم إلا فضلهم عن رضى منهم ، وأوصيه بالأعراب خيرا ؛ فإنهم أصل العرب ومادة الإسلام ، أن يؤخذ من حواشي أموالهم فترد على فقرائهم ، وأوصيه بذمة الله عز وجل وذمة رسوله أن يوفي لهم بعهدهم ، وأن يقاتل من ورائهم ولا يكلفوا إلا طاقتهم" .