55  - وأخبرنا  أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري ،  قال : حدثنا لوين ؛   محمد بن سليمان ،  قال : حدثنا  عبد الله بن الزبير ،  عن عبد الله بن شريك العامري ،  عن  جندب ،  قال : لما كان يوم قتل  علي   - رضي الله عنه - الخوارج  نظرت إلى وجوههم وإلى شمائلهم ، فشككت في قتالهم ، فتنحيت عن العسكر غير بعيد ، فنزلت عن دابتي ، وركزت رمحي ، ووضعت درعي تحتي ، وعلقت [ ترسي ] مستترا به من الشمس ، وأنا معتزل من العسكر ناحية ؛ إذ طلع أمير المؤمنين - رضي الله عنه - على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت في نفسي : ما لي وله ؟ أنا أفر منه وهو يجيء إلي ، فقال لي : يا  جندب !  ما لك في هذا المكان تنحيت عن العسكر ؟ فقلت : يا أمير المؤمنين ! أصابني وعك ، فشق علي الغبار ، فلم أستطع الوقوف . قال : فقال : أما بلغك ما للعبد في غبار العسكر من الأجر ؟ ثم ثنى رجله فنزل ، فأخذت برأس دابته وقعد فقعدت ، فأخذت البرنس بيدي فسترته من الشمس ، فقال : فوالله ! إني  [ ص: 360 ] لقاعد إذ جاء فارس يركض ، فقال : يا أمير المؤمنين ! إن القوم قد قطعوا الجسر ذاهبين . قال : فالتفت إلي فقال : إن مصارعهم دون النهر ، قال : وإن الرجل الذي أخبره عنده واقف . إذ جاء رجل آخر فقال : يا أمير المؤمنين قد والله ! عبروا فما بقي منهم أحد ! ! قال : ويحك ! ! إن مصارعهم دون النهر ، قال : فجاء فارس آخر يركض ، فقال : يا أمير المؤمنين ؛ والذي بعث نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق لقد رجعوا ، ثم جاء الناس ، فقالوا : قد رجعوا ، حتى إنهم ليتساقطون في الماء زحاما على العبور ، قال : ثم إن رجلا جاء . فقال : يا أمير المؤمنين ! إن القوم قد صفوا الصفوف ورموا فينا ، وقد جرحوا فلانا ، فقال  علي   - رضي الله عنه - : هذا حين طاب القتال ، قال : فوثب فقعد على بغلته ، فقمت إلى سلاحي ، فلبسته ، ثم شددته علي ، ثم قعدت على فرسي ، وأخذت رمحي ، ثم خرجت ، فلا والله ! يا عبد الله بن شريك  ما صليت العصر - قال أبو جعفر لوين :  أو قال : الظهر - حتى قتلت بيدي سبعين . 
 [ ص: 361 ] 
				
						
						
