ذكر الدعوى في الحائط
جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد مجهول لا يثبت من جهة النقل أنه قضى في الخص يتداعاه الرجلان يدعيه كل واحد منهما أنه للذي يليه القمط .
6643 - حدثنا أحمد بن داود ، قال : حدثنا هدبة بن خالد ومحمد بن الصباح وأبو كريب قالوا : حدثنا ، عن أبو بكر بن عياش دهثم بن قران ، عن نمران بن جارية ، عن أبيه أن ، فبعث معهم قوما اختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في خص حذيفة يقضي بينهم ، فقضى للذي يليه القمط ، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بخبر فقال : "أحسنت " . [ ص: 152 ]
قال ، أبو بكر : دهثم بن قران مجهول ، ونمران بن جارية وأبوه غير معروفين ، ولا يدرى هل لجارية صحبة أم لا ، والإسناد إذا كان هذا سبيله فالاعتماد عليه غير جائز ، وإنما حملني على ذكره لئلا أخفي أمره على من يجهل معرفة الحديث فيغتر به ، وقد رويت عن بإسناد فيه مقال أنه قضى بمثل ذلك . علي بن أبي طالب
6644 - حدثنا يحيى بن محمد ، قال : حدثنا مسدد، عن عن محمد بن جابر، عن سماك بن حرب ، حنش بن المعتمر ، علي في حظار قصب ، فقضى به للذي يليه القمط - يعني العقد. [ ص: 153 ] أن رجلين اختصما إلى
6645 - وقد روينا عن شريح أنه قضى بالقمط والعلق .
وكان سوار يرى حائط القصب إذا لم يدر ما وجهه لمن الوثاق يليه .
وقال يعقوب ومحمد : يقضى بالخص لمن إليه القمط ، ويقضى بالبناء أيضا لمن كان ظهر البناء وأنصاف اللبن إليه .
قال وفيه قول ثان وهو : أنه بينهما نصفان ، ولا يلتفت إلى القمط أن يكون إلى أحدهما بعد أن يكون في أيديهما . هذا قول أبو بكر : ، أبي ثور والنعمان . قال : وكذلك البناء إذا كان وجهه إلى أحدهما فهو بينهما نصفان ، ولا ينظر في ذلك إلى من إليه الوجه . وكذلك قال أبو ثور النعمان .
قال وهذا أصح القولين أن لا يلتفت إلى من إليه معاقد القمط ؛ لأن الخبر إذا لم يثبت فالاعتماد عليه غير جائز ، فيجعل معاقد القمط بمنزلة بينة تثبت بشيء معلوم يحكم بها ، وقد يجوز أن تكون معاقد القمط جعل لمن لا شيء له وأزيل عمن له الشيء ، وإذا احتمل ذلك معنيين ولم يثبت خبر لم يجز الحكم به بالظن . أبو بكر :
وكان يقول : الشافعي ، فإن كان متصلا ببيت أحدهما اتصال البنيان الذي لا يحدث مثله إلا من أول البنيان جعلته له ، وهذا منقطع منه وإن كان يحدث بمثله بعد كمال [ ص: 154 ] بنيانه مثل نزع طوبة وإدخال أخرى أحلفتهما وجعلته بينهما ، وإن كان غير موصول بواحد من بنيانهما أو متصل ببنيانهما جميعا بعد أن أحلف كل واحد منهما ولا أنظر إلى من إليه الخوارج ولا الدواخل ولا أنصاف اللبن ولا معاقد القمط ، لأنه ليس في شيء من هذا دلالة ، ولو كان لأحدهما عليه جذوع ولا شيء للآخر عليه أحلفتهما ، وأقررت الجذوع بحالها ، وجعلت الجدار بينهما نصفين ولم أجعل لواحد منهما أن يفتح كوة ولا يبني عليه بناء إلا بإذن صاحبه وقسمته بينهما إن شاء ، إن كان عرضه ذراعا أعطيته شبرا في طول الجدار . وإذا تداعى الرجلان جدارا بين داريهما
وكان يقول : إذا كان الحائط بين دارين فادعى كل واحد من مالك الدارين أن الحائط له ولا بينة ، حلف كل واحد منهما لصاحبه ، وكان الحائط بينهما نصفين ، ولا ينظر إلى عقد البناء ولا إلى وجهه إنما الحكم فيه بالأيمان وترك كل من بيده شيء ما بيده ولا نحكم بالظن . أبو ثور
قال : فإن كان لأحدهما عليه جذوع وليس للآخر عليه شيء ، فصاحب الجذوع أولى ، لأنه في يد دون صاحبه ، وكذلك قال أبو ثور النعمان .
قال واختلفوا فيه إن كان لأحدهما عليه حرادي أو بواري ، [ ص: 155 ] فكان أبو بكر : يقول : هو له أيضا . أبو ثور
وقال النعمان : لا يستحق بالبواري والحرادي شيئا .
وكان يقول : وإذا كان على الحائط جذوع لأحدهما ، وهو متصل ببناء في الآخر ، فهو في يد صاحب الجذوع ، وذلك أن البناء لا يدل على شيء . وكذلك قال أبو ثور النعمان قال : إلا أن يكون اتصالا بتربيع دار أو بتربيع بيت فيكون الحائط لصاحب الاتصال ولصاحب الجذوع موضع جذوعه .
وقال : إذا كان الحائط متصلا ببناء أحدهما ، وليس للآخر عليه جذوع فهو بينهما أيضا . أبو ثور
وقال النعمان : هو لصاحب الاتصال .
وقال أبو ثور والنعمان : إن لم يكن متصلا ببناء أحدهما ولا لواحد منهما عليه جذوع فهو بينهما نصفين .
وقال : إن كان لأحدهما عليه عشر خشبات ، وللآخر واحدة فهو بينهما نصفين . أبو ثور
وقال النعمان : لكل واحد منهما ما تحت خشبه ولا يكون بينهما نصفين .
وقال : إن كان لأحدهما عليه خشب وللآخر سترة فهو بينهما . [ ص: 156 ] أبو ثور
وقال النعمان : الحائط الأسفل لصاحب الخشب منهما ولصاحب السترة السترة على حالها .
وقال : إن كان أسفل الحائط لرجل وعلوه لرجل ، فأراد صاحب السفل أن يفتح فيه كوة أو بابا أو يدخل فيه جذعا ، فإن كان لا يضر بصاحب العلو فذلك له ، وإن كان يضر به فليس ذلك له . أبو ثور
وقال يعقوب ومحمد : له أن يحدث فيه ما شاء ما لم يضر بذلك العلو ، فإن أضر به لم يكن له أن يفعله .
وقال النعمان : ليس له أن يفتح فيه كوة ولا بابا ولا يدخل فيه جذعا لم يكن إلا بإذن صاحب العلو .
واختلفوا في
أو يشرع جناحا فله أن يفعل ذلك . وفي قول صاحب العلو إن أراد أن يحدث في علوه بناء أو يدخل جذعا . ما لم يضر بصاحب السفل . أبي ثور
وقال النعمان : ليس له أن يفعل شيئا من ذلك .
وقال : وإذا كان الحائط بين دارين فأقام كل واحد من رب الدار (بينة) كانت البينتان قد تدافعتا وكان الحائط في أيديهما كما كان ، وإذا أقام أحدهما البينة أنه له ولم يقم الآخر بينة ولم تقم له عليه جذوع ، فالحائط للذي أقام البينة ، وإن كان صاحب الجذوع لا يجد موضعا لجذوعه إلا على حائط جاره لم يكن له أن ينزع الجذوع من حائطه ، [ ص: 157 ] وكان عليه تركها ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أبو ثور "لا يمنعن أحدكم جاره أن يغرز خشبة في جداره " .
وقال النعمان : يقضى به لصاحب البينة ، وإن كان للآخر عليه جذوع نزعت منه .
قال وإذا كان الحائط بين رجلين ، فادعى رجل آخر أن أحد الرجلين قد أقر أن الحائط له ، وأقام على ذلك بينة ، فإنه يقضى له بحصة المقر له ويكون بينه وبين الآخر . وهذا قول أبو بكر : ، وأصحاب الرأي . أبي ثور
قال وإذا كان لرجل حائط عليه جذوع خارجة في دار رجل ، فأراد صاحب الحائط أن يسقف ما له من أطراف الجذوع الخارجة في دار الرجل ، فلصاحب الدار أن يمنعه من ذلك . في قول أبو بكر : وأصحاب الرأي . أبي ثور
وكان يقول : لصاحب الدار أن يقطع ما في داره من أطراف جذوع جاره ؛ لأن المطر قد يقع عليه فيقطر في دار الرجل وإنما ذلك بمنزلة [شجرة ] أغصانها تشرف في دار رجل ، فله أن يقطع ما كان يشرف في داره . أبو ثور
وقال أصحاب الرأي : ليس له أن يقطع الجذوع إلا أن يكون لا يحتمل على مثلها بناء ، إنما هي أطراف جذوع ، فإنها تقطع في قول النعمان . [ ص: 158 ]
وكان يقول : إذا كان سفل لرجل وأعلاه لآخر . فليس لصاحب السفل أن يهدم سفله إلا أن يكون مستهدما فيهدمه ويعيده ، ولصاحب العلو أن يبني على علوه ما لم يضر بصاحب السفل . أبو ثور
وقال يعقوب ومحمد : له أن يبني ما لم يضر بصاحب السفل وليس له أن يبني ما يضر به .
وقال النعمان : ليس لصاحب العلو أن يبني على علوه ، ما لم يكن قبل ذلك .
وقال النعمان ويعقوب ومحمد : إذا انهدم العلو والسفل جميعا لم يجبر صاحب السفل على بنائه ، ولصاحب العلو أن يبني السفل ثم يبني العلو فوقه ولا يسكن صاحب السفل بمنزله حتى يؤدي قيمة البناء إلى صاحب العلو .
وقال : يجبر صاحب السفل أن يمنع من ذلك ، فيضر بصاحب العلو ، وقد نهي عن الإضرار بالجار . أبو ثور
قال وهذا قول أبو بكر : . مالك
وفيه قول ثالث : وهو أن صاحب السفل لا يجبر على بناء سفله ، فإن تطوع صاحب العلو ببناء السفل بناه ورد علوه عليه ، وليس له أن يمنع صاحب السفل من سكنى سفله ، لأنه متطوع بما فعل ولا يجبر صاحب السفل على أن يعين صاحب العلو قيمة بنائه ، لأنه متطوع . ولا يجوز [ ص: 159 ] لصاحب العلو أن يمنع صاحب السفل من سكناه ، سمعت بعض أصحابنا يحكي هذا عن . الشافعي
وقال النعمان : لو هدم صاحب العلو علوه وصاحب السفل سفله ، أخذت صاحب السفل بالبناء حتى يعيده على حاله ، وقال : لو كان بيت بين رجلين فانهدم ، فبناه أحدهما لم يرجع على شريكه بشيء ، وكذلك الحائط إذا لم يكن عليه جذوع ، والحمام ، وكذلك البيت بين الرجلين ، لا يشبه بهذا العلو والسفل ؛ لأن هذا قد ينافي ملكه (وملك صاحبه بغير أمره وصاحب العلو إنما ينافي) ملك صاحب السفل ولا يكون له علو حتى يبني السفل وصاحب الدار والبيت ، والشريك في الدار في البيت يقدر على القسمة فيبني في حقه .
وقال يعقوب ومحمد : له أن يبني ما لم يضر بالسفل فليس له ذلك .
وكان يقول : إن كل من بينه وبين رجل شيء فحدثت فيه حادثة فكان في تركه ضرر عليهما أو على جاره [أو ] على بنائه وذلك أن من ترك إصلاح ماله فهو مفسد يحجر عليه ، وإذا ترك رجل ماله يخرب كان مفسدا يحجر عليه . [ ص: 160 ] أبو ثور