ذكر دعوة التوءم بعد البيع
قال وإذا أبو بكر : ، أو أحدهما فهو سواء ، فإن ادعى البائع أحدهما أو كليهما ، فإن ثبت أنه كان يطؤها قبل البيع فهما جميعا ولده ويفسخ البيع وترد الأمة إليه ، وتكون أم ولده ويرد على المشتري الثمن إن كان قبضه ، فإن أعتق المشتري أحد الولدين أو كليهما فالعتق باطل ، ويردون إلى البائع وتكون أم ولده ولا تعتق بعتق المشتري ، وذلك أن البيع لم يتم فيها ولا يجوز عتق ما لا يملكه المرء . وهذا قول حبلت الأمة عند الرجل ، فولدت عند المشتري ولدين في بطن واحد لأقل من ستة أشهر جميعا وقال أبي ثور . النعمان : دعوة البائع فيهما جائزة ، وعتق المشتري أحدهما باطل ، فترد الأم فتكون أم ولد للبائع ، ويرد الثمن . ثم قال : وإن كان المشتري أعتق الأم جاز عتقه ، ولم ترجع إلى البائع رقيقا ، ولا تشبه الأم بهذا الولد ، وكذلك لو كان دبرها . قال : وإن كان باع أحد الولدين فأعتقه المشتري ، ثم ادعاهما البائع الأول جازت دعوته ، وكان عتق المشتري باطلا . [ ص: 188 ]
قال من حيث ثبت نسب الولد بدعواه ثبت أنها أم ولد له ، ومن حيث أبطل عتق المشتري أحد الولدين وجب أن يبطل عتق المشتري من ذلك الوجه للأم ، لأنها تصير أم ولد له بثبوت نسب الولد منه ويبطل ذلك إذا بطل دعواه لا فرق بين ذلك . أبو بكر :
قال ولو كان أحد الولدين فأعتقه المشتري ، ثم ادعاهما البائع الأول على ما وصفنا من وطئه قبل البيع ، جازت دعوته وبطل عتق المشتري ، ولو كان أحد الولدين جنيت عليه جناية فأخذ المشتري أرشها ، ففقأ رجل عينه أو قطع يده ، ثم ادعاها البائع كانت دعوته جائزة ، وكان الأرش الذي أخذه المشتري باطلا ، ويرجع البائع على الجاني بدية ما جنى دية حر ، ويرد المشتري الأرش الذي قبضه على الجاني ، ويرجع المشتري بالثمن إن كان قبضه البائع عليه . وهذا قول أبو بكر : أبي ثور .
ولو قتل أحدهما ثم ادعاه البائع ثبت نسبه منه ، وكان ولده ، ويرجع على القاتل بدية حر إن كان خطأ ، وإن كان عمدا ففيه القود . وهذا قول وقال أصحاب الرأي : إذا جنى على أحد الولدين جناية ففقأ عينه أو قطع يده فأخذ المشتري أرشها ، ثم ادعاهما البائع كانت دعوته جائزة ، وكان أرش ذلك الجرح للمشتري ثم قالوا : ولو كان أحدهما قتل ثم ادعاهما البائع ، فإن نسبهما يثبت من البائع وتكون قيمة المقتول لورثة المقتول ويصدق المدعي على القيمة . أبي ثور ،
قال ما الفرق بين قيمته ، وبين أرش جناية جنيت عليه ، ما بينهما فرق . [ ص: 189 ] أبو بكر :
قال ولو كان المشتري أعتق أحد الولدين فقتل فأخذ ديته وميراثه بالولاء ، ثم ادعاهما البائع فألحق به نسبهما ، وصارت الأم أم ولد ، فإنه يرجع على المشتري بالدية والميراث ، ويرجع عليه المشتري بالثمن ، وهذا قول أبو بكر : وقال أصحاب الرأي : يقضى بالحي منهما وبأمه له ، ويلحق نسبه ونسب المقتول به ، ولا يصدق على الدية والميراث الذي قد وجب للمشتري ، ولو لم يقتل ولم يمت صدق عليه ورجع النسب إليه وبطل عتق المشتري وولاؤه . قال أبي ثور ، : إذا كان حمل واحد فصدق على أحدهما لما لا يصدق على الآخر وهو يلحق نسبه به ؟ فلو جاز أن يفرق بين حمل واحد جاز أن يدعي أحد الولدين دون الآخر ، فإن لم يجز أن يفرق بينهما (ما فعل) لم فرق فيهما . أبو ثور
قال وإذا ولدت الأمة ولدين في بطن لم يكن أصل الحمل عند المولى فباع أحدهما ثم ادعى الآخر ، والذي باع جميعا وقد أعتق المشتري الذي اشترى ، فإن دعوته قد ثبتت وثبت نسبه منهما ؛ لأن هذين ليس لهما نسب يعرف ولا ولدا على فراش أحد ولا في ملكه ، بل ولدا في ملك الرجل فادعى أنهما ابناه ثبت نسبهما منه ، ولا ينقض البيع ؛ لأن النسب لم يثبت بسبب . وقال مرة أخرى : بسبب كان في ملكه فيكون بيعه باطلا . وكذلك قال أبو بكر : وأصحاب الرأي . وقالوا جميعا : وإذا كانت أمة في يد [رجل ] ، وفي يده ولد لها وفي يد [ ص: 190 ] آخر ولد لها آخر ، فادعى الذي في يده الولد أن الولدين جميعا [ولداه ] ولدا له من هذه الأمة في بطن واحد ، وأن الأمة أمته وأقام على ذلك بينة ، فأقام الذي في يده البينة على مثل ذلك ، فإن الأمة والولدين يقضى بهما للذي الأمة في يده ، وذلك أن الولاد لا يكون إلا مرة واحدة فلما تدافعت البينتان كانت الأمة في يد الذي هي في يده . وحكم على الآخر الذي في يده الولد برد الجارية إذا كان ولدها وكان الفراش أحق من غيره . أبو ثور
وقالوا جميعا : إذا كانت الأمة في يد رجل ، وفي يده ولدها ، وجاء آخر يدعيها ولا يدعي ولدها أنه ابنه وفي يده ابن آخر لها يدعي أنه ابنه ، فأقام الذي يدعي البينة أن الأمة له ، وأن الابن الذي في يده ابنه ولدته ، فإن أقام الذي في يده الأمة بينة أن هذه الأمة أمته ولدت هذا الولد الذي في يده منه ، والولدين في بطنين مختلفين ، وليس يدعي كل واحد منهما الولد الذي في يد صاحبه ولم يعلم أيهما أكبر ، فإنه يقضي لكل واحد منهما بالولد الذي في يده ويقضى بالأمة للذي هي في يديه ؛ لأن البينتين قد تدافعتا .
وقال : وإذا كانت أمة في يد رجل له منها ولد ، فادعى آخر أن الأمة للذي هي في يديه ، وأنه زوجها إياه ، وأنها ولدت في ملكه على فراشه ولدا هو بيديه ، وأقام الذي هو في يديه البينة أن هذه الأمة لهذا المدعي ، وأنه زوجها إياه ، وأنها ولدت على فراشه هذا الولد الآخر . فإنه يقضي لكل واحد منهما بالولد الذي هو في يديه ، وأما الأمة فكل واحد منهما يزعم أنها ملك لصاحبه ، فأيهما مات منهما فهي حرة ، [ ص: 191 ] وذلك أن كل واحد منهما قد أولدها ، وتكون في يد الذي هي في يديه فلا يطأها واحد منهما ؛ لأن كل واحد منهما يدعي أن صاحبه زوجه وصاحبه ينكر ذلك . فقال أصحاب الرأي : يقضى لكل واحد منهما بولده الذي هو في يديه وتكون الأمة موقوفة في يدي الذي هي في يديه ، ولا يطأها أحد منهما وأيهما مات عتقت . أبو ثور
وقال : وإذا كانت الأمة في يد رجل ، وله منها ولد ، فادعى آخر أنه تزوجها بغير إذن مولاها ، وأنها ولدت منه على فراشه هذا الولد الذي في يد مولاها بعدما تزوجها ببينة ، وأقام على ذلك البينة ، وأقام المولى البينة بأنه ولد على فراشه من أمته هذه . فإنه ابن المولى ولا يكون للمدعي شيء ، وإن علم أن هذا لا يحل له كان محدودا لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "أيما عبد تزوج بغير إذن سيده فهو عاهر وعليه الحد " . وكذلك قال أبو ثور ، وكذلك الأمة إذا علمت أن هذا لا يحل لها كانت عاهرة عليها الحد . وقال أصحاب الرأي : [ ص: 192 ] يقضي بالولد للزوج ويثبت نسبه منه ، ويعتقه بإقرار المولى ، ويجعل أمه أم ولد إذا مات المولى عتقت . وقال ابن عمر : هذا خطأ وخلاف السنة والقياس والمعقول ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد حكم في ابن وليدة أبو ثور زمعة وقد ادعى عتبة ، وكان وطؤه بشبهة ، وهو لا يعلم أن ذلك مما لا يجوز ، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم دعوته وقضى بالولد للفراش ثم قال الجاهل : أجعله ابن الزوج وأثبت نسبه وأعتقه ، فإن كان ابن أمته قد يقر الأب الذي ألحقه به أنها أمته ، وأبطل قول المولى أنه ولده لم تعتق عليه ، وله نسب معروف ، ولم جعلها أم ولده وهو لا يلزمه الولد ، فأعتق عليه الابن ، ومنعه من بيع الجارية ، وجعلها تعتق عليه إذا مات ، وإنما جعل خطأه ردا على خطأ له آخر زعم أن رجلا ابن ثلاثين سنة وله عبد ابن خمسين سنة قال لعبده : هو ابني والعبد أكبر منه بعشرين سنة أنه يعتق عليه فإقراره أنه ابنه ولا يلحق نسبه .