ذكر اختلاف أهل العلم فيما يفعل بمن شهد بالزور 
اختلف أهل العلم فيما يفعل بشاهد الزور ، فروينا عن  عمر بن الخطاب  أنه أمر أن ينكت به ويخلى سبيله . 
 6694  - حدثنا  محمد بن إسماعيل الصائغ ،  قال : حدثنا شبابة ،  قال : حدثنا  شعبة ،  عن عاصم بن عبد الله ،  عن عبد الله بن عامر  قال : رأيت  عمر بن الخطاب  ذات عشية (أقام) شاهد الزور في إزار ينكت به ، ثم خلى سبيله . 
وكان شريح  إذا أخذ شاهد الزور ، فإن كان سوقيا بعث به إلى سوقه ، فقال : إن هذا شاهد زور ، وإن لم يكن سوقيا بعث به إلى قومه  وقال : إن  [ ص: 254 ] هذا شاهد زور . وروي عنه أنه كان يقول إذا بعث به : إنا قد زيفنا شهادة هذا ، وكان سوار  يأمر به يلبب بثوبه ويقول لبعض أعوانه : اذهبوا به إلى مسجد الجامع فدوروا به على حلق المسجد ينادي : من رآني فلا يشهد بزور . 
وكان النعمان  يرى أن يبعث به إلى سوقه إن كان سوقيا ، أو إلى مسجد قومه إن كان من العرب فيقول : القاضي يقرئكم السلام ويقول : إنا وجدنا هذا شاهد زور فاحذروه وحذروه الناس ، ولا يرى عليه تعزيرا ، ورأت طائفة أن يجلد أسواطا ويوقف للناس ، كذلك قال شريح   - القول الثاني - وبه قال  الحسن البصري .  
وقال  مالك بن أنس  في شاهد الزور : أرى أن يفضح ويشهر ويعلن به ويوقف ، ولا أريد الحد ، وأرى أن يضرب ويشار به . وكان  أحمد بن حنبل   [يقول ] : يقام للناس ويعرف ويؤدب ، وبه قال إسحاق . 
وقال  أبو ثور   : يعاقب ، ولم يجعل للعقوبة حدا . 
وقال  الشافعي   : إذا علم القاضي يقينا أن قد شهد بزور ، عزره ولا يبلغ بالتعزير أربعين ، ويشهر بأمره ، فإن كان من أهل المسجد وقفه  [ ص: 255 ] في المسجد ، وإن كان من أهل قبيلة وقفه في قبيلته ، وإن كان سوقيا وقفه في سوقه وقال : إنا وجدنا هذا شاهد زور فاعرفوه واحذروه ، وإذا أمكن بحال أن لا يكون شاهد زور أو شبه عليه بما يغلط به مثله . قيل له : لا تقدمن على شهادة إلا بعد إثبات ، ولم يعزر . 
وقد روينا عن  عمر بن الخطاب  أنه أمر بضربه أربعين سوطا وليس ذلك بثابت عنه . 
 6695  - حدثنا  الربيع بن سليمان،  قال : حدثنا حجاج - يعني ابن إبراهيم - الأزرق  قال : حدثنا عيسى ،  قال : حدثنا  أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم ،  عن  مكحول  وعطية بن قيس ،  أن  عمر بن الخطاب  ضرب شاهد الزور أربعين سوطا ، وسخم وجهه ، وطاف به في أسواق المدينة   .  
وقد روينا عن  عمر بن الخطاب  أنه حبسه يوما وخلى سبيله . 
 6696  - حدثنا  موسى بن هارون ،  قال : حدثنا  يحيى بن عبد الحميد ،  قال : حدثنا شريك ،  عن عاصم ،  عن  عبد الله بن عامر بن ربيعة ،  أن عمر  أخذ شاهد زور ، فطاف به ووقفه للناس ، وحبسه يوما وخلى سبيله .  [ ص: 256 ] 
وفيه قول خامس : وهو أن يضرب شاهد الزور خمسة وسبعين سوطا ، ولا يبعث به ،  هذا قول  ابن أبي ليلى   . 
وقال يعقوب  آخر قوليه : أبلغ به خمسة وسبعين سوطا . 
وفيه قول سادس : وهو أن يضربا إذا كانا اثنين ، وقد شهدا على طلاق ففرق بينهما ، ثم أكذبا أنفسهما ، مائة مائة ، ويغرمان للآخر الصداق . هذا قول  الأوزاعي .  وقد روينا عن القاسم  وسالم  غير ذلك ، قالا في رجل وجد شاهد زور ، وقد أمر الوليد بن عبد الملك  بقطع لسانه فقالا : سبحان الله! بحسبه أن يخفق سبع خفقات ، ويقام بعد العصر فيقال : هذا أبو قبيس  وجدناه شاهد زور . قال : ففعل ذلك به ، وقد روينا عن عبد الملك بن يعلى  قاضي البصرة  أنه أمر بحلق أنصاف رؤوسهم وتسخيم وجوههم وطاف بهم في الأسواق والذي شهدوا له معهم . 
قال  أبو بكر :  من شهد شهادة زور ، فاحتمل أن يكون فيها مخطئا ، أو مغفلا ، أو له مخرج مما شهد به بوجه من الوجوه ، فلا شيء عليه ، وإذا لم يكن له من ذلك مخرج ، وثبت عند الحاكم ، شهر به عند الناس لئلا يغتر به ، ولو أدبه الحاكم أدبا خفيفا كان حسنا ، والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					