ذكر الجنب المسافر لا يجد من الماء إلا قدر ما يتوضأ به
اختلف أهل العلم في المسافر الجنب لا يجد من الماء إلا قدر ما يتوضأ به.
فقالت طائفة: يتيمم، وليس عليه أن يغسل أعضاء الوضوء، هذا قول [ ص: 150 ] عطاء، والحسن، وحماد، والزهري، ومالك، وعبد العزيز بن أبي سلمة، وقال مالك، وأحمد: يغسل بذلك الماء فرجه، وما أصابه من ذلك الأذى، ثم يتيمم صعيدا طيبا كما قال جل ثناؤه.
وكذلك قال أصحاب الرأي، كما قال عطاء . والزهري
وقالت طائفة: يجمعهما جميعا، هكذا قال عبدة بن أبي لبابة ومعمر، في الجنب لا يجد من الماء إلا قدر ما يتوضأ به.
وحكى هذا القول عن أحمد، الأثرم، وأبو داود، والقول الأول حكاه صالح ابنه عنه.
وقد روي عن الحسن قول ثالث خلاف رواية الأشعث عنه، رواه عن معمر، عن عمرو بن عبيد، الحسن أنه قال: في الجنب إذا لم يكن معه من الماء إلا ما يغسل به وجهه ويديه، غسل وجهه ويديه ويصلي [ ص: 151 ] ولا يتيمم.
وقد روينا عن عطاء أنه قال: إذا كان معه من الماء مقدار ما يغسل به وجهه ويديه وفرجه أجزأه، وإن كان معه مقدار ما يغسل وجهه وفرجه، غسل فرجه ووجهه ومسح كفيه بالتراب.
وفي المسألة قول رابع: قال أصحاب الرأي في المسافر قال: يتيمم ولا يتوضأ بذلك الماء قال: قلت: فإن تيمم الصعيد وصلى الظهر، ثم أحدث ثم حضرت العصر، وذلك الماء عنده قدر ما يوضئه. الجنب عنده من الماء قدر ما يتوضأ به، ولا يستطيع أن يغتسل،
قال: يتوضأ به ولا يتيمم، قلت: وإن تيمم ولم يتوضأ بذلك الماء؟ قال: لا يجزئه، قلت: لم؟ قال: لأنه طاهر وعنده من الماء قدر ما يتوضأ به، قلت: إن توضأ وصلى العصر ثم مر بالماء بعد ما صلى صلاة العصر فلم يغتسل، وحضرت المغرب وقد أحدث أو لم يحدث وعنده من الماء قدر ما يتوضأ به، ولا يستطيع أن يغتسل أيتوضأ به أو يتيمم؟ قال: بل يتيمم ولا يتوضأ، قلت: لم؟ قال: لأنه حين أبصر الماء عاد جنبا كما كان.
قال قال الله تعالى ( أبو بكر: وإن كنتم جنبا فاطهروا ) فأوجب على الجنب الاغتسال بالماء، فإن لم يجد تيمم، وأوجب على المظاهر رقبة، فإن لم يجد صام شهرين، فلما كان الواجد بعض رقبة في معنى [ ص: 152 ] من لا يجد وفرضه الصوم، كان الواجد من الماء ما يغسل به بعض بدنه في معنى من لا يجد وفرضه التيمم، والجواب في المتمتع يجد بعض ثمن الهدي، والحانث في يمينه يجد ما يطعم أقل من عشرة: مساكين حكم من ذكرنا، فأما أن يفرض على بعض من ذكرنا فرضين فغير جائز.