ذكر ثم تاب شهادة من أتى ما يوجب عليه حدا
أجمع أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من أتى حدا من الحدود فأقيم عليه ، ثم تاب وأصلح ، أن شهادته مقبولة ، إلا القاذف فإنهم اختلفوا في شهادته إذا تاب ، وأنا ذاكر ذلك بعد - إن شاء الله .
وقد ذكرت في الباب قبل في شارب الخمر ، عن أنه قال : إن تاب فاقبل شهادته . وكان عمر بن الخطاب شريح يقول : كل صاحب حد - يعني - شهادته جائزة إذا كان يوم شهد عدلا ، إلا الفاسق ، وأجاز شريح شهادة رجل جلد في الخمر وتاب . وكان يقول في السارق : إذا قطعت يده ، والزاني ، والسكران إذا أقيم عليه الحد ، إن شهادتهم جائزة إذا كانوا عدولا يوم شهدوا وروينا عن الحسن البصري شريح أنه أجاز شهادة رجل ضرب في الحد .
وقال : الأمر عندنا أن كل من جلد حدا من حدود الله ثم تاب توبة معروفة ظاهرة فشهادته جائزة . مالك
وقال : وتقبل شهادة المحدودين في القذف وفي جميع المعاصي إذا تابوا ، فأما من أتى محرما حد فيه فلا تقبل شهادته [ ص: 301 ] إلا بمدة أشهر يختبر فيها بالانتقال من الحال السيئة إلى الحال الحسنة ، والعفاف عن الذنب الذي أتى . ومذهب الشافعي أبي ثور وأحمد وإسحاق في هذا الباب كمذهب هؤلاء .