الحكم في العبد بين الرجلين يعتق أحدهما نصيبه وهو موسر
اختلف أهل العلم في العبد يكون بين الرجلين يعتق أحدهما نصيبه منه . فكان ، ابن أبي ليلى ، وابن شبرمة يقولون : إذا أعتق أحد الشريكين نصيبه ، فإن كان موسرا حين أعتقه عتق العبد كله [ ص: 508 ] وصار حرا ، وغرم لشريكه قيمة نصيبه في ماله ، والولاء كله له . وكان وسفيان الثوري يقول : إذا أعتق أحد الشريكين حصته من العبد عتق نصيبه ، ولم يعتق نصيب الآخر حتى تقوم عليه حصة الذي لم يعتق ، ويؤمر بأدائها إلى شريكه ، فإذا أداها عتق العبد كله وله ولاؤه ، وإنما يصير حرا إذا أخذت منه القيمة ، فأما قبل ذلك فلا ، وقد حكي عن مالك ربيعة ويحيى بن سعيد كقول . مالك
وكان النعمان يقول : إذا أعتق أحد الشريكين نصيبه وهو موسر ، فشريكه الذي لم يعتق بالخيار إن شاء أعتق كما أعتق ، وكان الولاء بينهما نصفين ، وإن شاء استسعى في نصف قيمته ، ورجع شريكه بما ضمن على العبد فاستسعاه فيه ، فإذا أداه عتق فكان الولاء كله للمعتق ، والعبد ما دام يسعى بمنزلة العبد في شهادته وحدوده ، وخالفه أصحابه ، وقالوا بمثل قول وسائر أهل العلم ، فبقي قول سفيان الثوري النعمان منفردا لا أنيس معه . وقد كان - إذ هو الشافعي بالعراق - يقول بقول في هذه المسألة ، ثم قال مالك بمصر فيها قولان : أحدهما كقول . قال والقول الثاني : أني أنظر إلى [الحال التي أعتق فيها] شركا له في عبد فإن كان حينئذ موسرا ثم أعسر ، كان حرا وتبع بما يضمن منه ، ولم ألتفت إلى تغير حاله . [ ص: 509 ] مالك
قال : وهذا القول الذي يصح فيه القياس ، واحتج بعض أهل المدينة لقول بظاهر أخبار مالك ، وهي أخبار ثابتة . ابن عمر
6923 - أخبرنا حاتم بن منصور ، أن حدثهم قال : حدثنا الحميدي سفيان قال : حدثنا ، عن عمرو بن دينار ، عن سالم بن عبد الله أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "أيما عبد كان بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه ، فإن كان موسرا فإنه يقوم بأعلى القيمة - أو قال : قيمة عدل - لا وكس ولا شطط ، ثم يغرم لصاحبه حصته ، ثم يعتق " .
قال سفيان : وكان عمرو يشك فيه هكذا .
6924 - وأخبرنا الربيع قال : أخبرنا قال : أخبرنا الشافعي ، عن مالك نافع ، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "من أعتق شركا له في عبد فكان له مال يبلغ ثمن العبد ، قوم عليه قيمة ، فأعطى شركاؤه حصصهم ، وعتق عليه العبد ، وإلا فقد عتق منه ما عتق " .
قال : فاستدل بعضهم باللفظة التي في حديث أبو بكر عن ابن عيينة : يقوم بأعلى القيمة أن الباقي رقيق إلى أن يقوم ، وفي حديث آخر : أقيم ما بقي في ماله . ولو كان قد عتق بالقول الأول لم يكن لقوله : أقيم ما بقي في ماله معنى إذا لم يبق منه شيء . [ ص: 510 ] عمرو بن دينار
6925 - حدثنا ، عن إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري سالم ، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "من أعتق شركا له في عبد أقيم ما بقي في ماله " .
قال : وفتيا أبو بكر عمر بن دينار يدل على أنهما كانا يريان حصة الذي لم يعتق رقيق على حال قبل التقويم . والزهري
6926 - حدثنا ، عن إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، الزهري في وعمرو بن دينار قالا : الميراث والولاء بينهما نصفان ، ولا ضمان عليه . العبد يكون بين رجلين فيعتقه أحدهما ثم يعتقه الآخر بعد
قال : وفي هذا الباب سوى هذه الأقاويل التي ذكرناها أقاويل : أحدها : أن الآخر الذي لم يعتق على حقه فيه ، وليس على العتق شيء سوى عتق ما أعتق منه إلا أن يكون الذي أعتق جارية نفيسة تغالى فيها ، فإذا كان ذلك فهو بمنزلة الجناية من المعتق للضرر الذي أدخله على شريكه ، هذا قول أبو بكر ، وكان عثمان البتي البتي يورث المعتق منه الشقص بقدر ما عتق ، ويقيم عليه من حد الحر بقدر ذلك ، ويجعل له من عمله وخدمته وكسبه بقدر ذلك ، وإن أصيب بجراحة خطأ فإن الأمر فيه كذلك .
قال : وقد روي عن أبو بكر أنه قال في رجل أعتق نصف عبد كان له قال : يعتق في عتقه ، ويرق في رقه . وروي عن طاوس أنه قال في العبد يعتق منه الشقص ، قال : كان يقضى فيه بثلاث قضايا لا يحيف من قضى بواحدة منهن ، كان منهم من يعتقه من مال الذي [ ص: 511 ] أعتقه ، ومنهم من يستسعيه ، ومنهم من يعتقه من بيت المال . وبارك الله في ذلك الأمير . ابن سيرين