باب ذكر الشهادة على الكتاب المختوم
أجمع أهل العلم على أن وأقر بما فيه أن الشهادة عليه جائزة . الموصي إذا كتب كتابا، وقرأه على الشهود، أو قرأ الكتاب عليه وعلى الشهود،
واختلفوا في فأجازت طائفة ذلك، وممن رأى ذلك جائزا: الرجل يكتب وصيته ويختم عليها، ويقول للشهود: اشهدوا علي بما في هذا الكتاب. عبد الملك بن يعلى، ومكحول، ونمير بن [ ص: 118 ] إبراهيم، وبه قال ، مالك بن أنس ، والليث بن سعد ومحمد بن مسلمة، وأبو عبيد، والأوزاعي، . وإسحاق بن راهويه
وروينا عن أنه ذهب إلى حفص بن عاصم ، وقد ختم وصيته فقال: إن حدث بي حدث فاشهد عليها . سالم بن عبد الله
واحتج أبو عبيد بكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عماله وأمرائه، في نهيه وأمره، وأحكامه وسنته، ثم ما عملت به الخلفاء الراشدون المهديون بعده من كتبهم إلى ولاتهم بالأحكام التي فيها الدماء، والفروج، والأموال، يبعثون بها مختومة، ولا يعلم حاملها ما فيها، فأمضوها على وجوهها، فكذلك الشهادة على الكتاب الذي يقر به كاتبه أنه خط يده، فكل ما كان فيه من طلاق وعتاق وبيع وشراء وغير ذلك من الإقرار بالدين والصدقة فهو لازم له، وأوسع للشاهد عليه أن يشهد به إذا ثبت معرفة الصحيفة والخاتم مع إقرار كاتبها عنده بما فيها، وكذلك كتاب القاضي إلى القاضي إذا شهد الشهود على ذلك، ثم أثبتوا معرفة الكتاب، والخاتم، وسواء قرأ عليهم الكتاب أو ترك، وذكر استخلاف سليمان بن عبد الملك ، فإن عمر بن عبد العزيز سليمان كتب عهد عمر في صحيفة وختمها، وأشهدهم على عهده بما في تلك الصحيفة، من [ ص: 119 ] غير أن يعلموا ما فيها، ثم دفعها إلى وأمره أن يقرأها على الناس بعد وفاته، فلما دفن سليمان قرأها رجاء على الناس، فلا نعلم أحدا أنكر ذلك على سليمان . رجاء بن حيوة
قال وفي هذه المسألة قول ثان: وهو أن ذلك لا يجوز، حتى يسمعوا منه ما في الصحيفة، أو يقرأ عليه فيقر بما فيها، هذا قول جماعة . أبو بكر:
كان الحسن البصري فإن كانت عدلا شهد عليها، وإن كانت حيفا - أو قال: جنفا، لم يشهد عليها. وقال يكره أن يشهد الرجل على الوصية يؤتى بها مختومة حتى يعلم ما فيها، أبو قلابة في هذه: لا، حتى يعلم ما فيها، لعل فيها جورا، وهذا قول رحمه الله . الشافعي
وقال أصحاب الرأي: لا تجوز ما لم يقرأ كتاب الوصية على الشهود، أو يقرأ الكتاب على الموصي بحضرة من الشهود، فيقر بما فيه فحينئذ يجوز للشهود أن يشهدوا عليه، وإلا لم يجز . الشهادة على الكتاب المختوم،
وقال في الشهادة على الوصية المختومة: كان سفيان الثوري يبطلها . [ ص: 120 ] ابن أبي ليلى
قال سفيان: والقضاة يجيزونها .
وقال : لا يجوز حتى يقرأها . أحمد بن حنبل
وقال : وإذا كان الكتاب منشورا، ولم يقرأها على الشهود، ولم يقرأ على الموصي، وقال: اشهدوا عليها فإنها وصيتي، فإن الشهادة عليها لا تجوز، ولو قرئت عليه ففهمها، وقالوا: نشهد عليك بما قرئ. وهو لا يقدر على الكلام، إلا أنه يفهم، ويجيب بالإشارة، كانت الشهادة جائزة بمنزلة الأخرس . أبو ثور
وكان يقول: إذا سفيان الثوري فليس بشيء حتى يتكلم بشيء . سئل المريض عن الشيء فأومأ برأسه أو بيده
وقال : لا تجوز وصية لمن يتكلم بها، وإن أومأ برأسه . الأوزاعي
وقال النعمان: إذا قال: هذا باطل، ولا يجوز، ولا يشبه الأخرس. وقال في الأخرس يشير برأسه: نعم، إذا جاء من ذلك ما يعرف أنه إقرار وكتب، فهو جائز . اعتقل لسان الرجل، فقرأ عليه وصيته، وأشار برأسه: نعم، أو كتب،
قال لا فرق بين الأخرس الذي يشير برأسه إشارة تفهم عنه، وبين منع الكلام إذا فهم ما يومئ به، وفهمت عنه الإشارة إذ هما جميعا يعقلان، وممنوعان من الكلام . [ ص: 121 ] أبو بكر:
وقال في المريض يسأل عن الشيء، يومئ برأسه أو بيده، قال: لا يجوز حتى يتكلم . أحمد بن حنبل
وقال كذلك، إلا أن يعلم إرادته بالإشارة، أو كتب كتابا فيه وصيته، وقال: هذه وصيتي، فإن ذلك جائز . إسحاق
قال ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر: . أنه صلى قاعدا، وصلى وراءه قوم قياما، فأشار إليهم فقعدوا
7066 - حدثنا علان بن المغيرة قال: حدثنا قال: أخبرنا ابن أبي مريم قال: حدثني الليث بن سعد عن أبو الزبير، قال: جابر بن عبد الله . اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلينا وراءه وهو قاعد، فالتفت إلينا فرآنا قياما، فأشار إلينا فقعدنا
قال وكل من أبو بكر: وجب استعمال ما أشار به إذا فهمت الإشارة عنه، استدلالا بالسنة . أشار بإشارة تعقل أخرس كان أو ممنوع الكلام وهو يعقل،
قال وإذا أبو بكر: كانت شهادتهم جائزة في قول كتبها بين أيديهم وهم ينظرون إليها، ويقرؤون ما فيها ثم قال: اشهدوا أن هذه وصيتي. وأصحاب الرأي . [ ص: 122 ] أبي ثور،