ذكر مناكحة الأكفاء وما عليه أمر الناس منه
اختلف أهل العلم في باب الكفاءة: فقالت طائفة: الكفاءة في الدين، وأهل الإسلام كلهم بعضهم لبعض أكفاء. كذلك قال . مالك بن أنس
قال : سألت ابن القاسم مالكا عن فقال: لا بأس بذلك ألا ترى إلى ما في كتاب الله ( نكاح (المولى) في العرب يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) ، قال: وقال أهل الإسلام كلهم بعضهم لبعض أكفاء، لقول الله - جل وعز - في التنزيل: ( مالك: إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ) .
وذكر عن أنه قال: ومما يبين ذلك أن مالك أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة أنكح سالما فاطمة بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة ولم ينكر ذلك [ ص: 222 ] عليه، ومما يبين ذلك أيضا أن خبابا الأنصاري كانت تحته امرأة من قريش من بني هاشم، وقد انقض على من يقول إن العرب لا تتزوج في قريش، ولم أر أحدا من أهل الفقه والفضل، ولم أسمع أنه أنكر أن يتزوج العرب من قريش، ولا أن يتزوج الموالي في العرب وقريش، إذا كان كفؤها في حاله .
قال وقد روي عن أبو بكر: رضي الله عنه أنه قال: ما بقي في شيء من أمر الجاهلية غير أني لست لا أبالي، أي المسلمين نكحت، و (أيهم) أنكحت . عمر بن الخطاب
وروي عنه أنه قال: حسب الرجل دينه، ومروءته خلقه، وأصله عقله. وروي عن أنه قال لأخته: أنشدك الله أن تزوجي إلا مسلما، وإن كان أحمر روميا أو أسود حبشيا . ابن مسعود
7133 - حدثنا قال: حدثنا هوذة قال: حدثنا محمد بن إسماعيل ابن عون ، عن قال: قال ابن سيرين عمر: ما بقي في شيء من أمر الجاهلية غير أني لا أبالي إلى أي المسلمين نكحت وأيهم أنكحت .
7134 - حدثنا إسحاق، عن ، عن عبد الرزاق عن مالك، ، عن ابن شهاب عروة، عن رضي الله عنها أن عائشة أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة - وكان بدريا - أنكح سالما - الذي يقال له: سالم مولى أبي حذيفة - فاطمة ابنة الوليد بن عتبة - وسالم مولى امرأة من الأنصار . [ ص: 223 ]
7135 - حدثنا الحسن بن عفان قال: حدثنا قال: حدثنا أبو أسامة إسماعيل قال: سمعت عامرا يقول: قال رضي الله عنه: عمر بن الخطاب . حسب المرء دينه، ومروءته خلقه، وأصله عقله
7136 - حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال: حدثنا قال: أخبرنا يزيد بن هارون العوام، عن إبراهيم التيمي قال: قال لأخته: ابن مسعود . أنشدك الله أن تزوجي إلا مسلما، وإن كان أحمر روميا أو أسود حبشيا
7137 - وروي عن في مولى نكح عربية فقال: والله لقد عدا طوره مولى آل كثير، وما أنا بالذي أحرم ما أحل الله . عمر بن عبد العزيز
وكان يقول في حماد بن أبي سليمان قال: هي امرأته، هم ضيعوا. وروي عن رجل تزوج إلى قوم من العرب وهو مولى، أنه تزوج عربية . ابن سيرين
قال أبو عبيد : وكذلك يروى عن ابن عون أنه تزوج عربية، وروي عن أنه أجاز نكاح امرأة من بني بكر تزوجها مولى عبيد بن عمير، بالعراق . [ ص: 224 ]
وحكى البويطي، عن رحمه الله أنه قال: الكفؤ هو الدين، وقال: أصل الكفاءة يستنبط من حديث الشافعي بريرة، صار زوجها غير كفؤ لها فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان قال بالعراق: وأحب إلي - يعني من النساء - ذات الدين والعقل، فإن أهل العقل من كل صنف أقربهم من الدوام على الخير، والانتقال عن الشر .
وحكي عن عبيد الله بن الحسن أنه قال: الكفؤ في المواضع والدين والملأ. وقد احتج بعض من يميل إلى هذا القول بأحاديث، منها:.
7138 - ما حدثنا قال: حدثنا موسى بن هارون المقدمي قال: حدثنا يحيى، عن عبيد الله بن عمر ، عن ، عن أبيه، عن سعيد بن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أبي هريرة "تنكح المرأة لأربع: لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك " .
وحدثني علي، عن أبي عبيد قال: فأما قوله: "تربت يداك " فإن أصله أن يقال للرجل إذا قل ماله: قد ترب، أي: افتقر حتى لصق بالتراب، وقال الله عز وجل ( أو مسكينا ذا متربة ) فيرون - والله أعلم - أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتعمد الدعاء بالفقر عليه، ولكن هذه كلمة جارية على ألسنة العرب، يقولونها وهم لا يريدون وقوع الأمر، كقوله لصفية: "عقرى حلقى ". فأصل هذا معناه: عقرها الله وحلقها - يعني عقر جسدها وحلقها - أي أصابها الله بوجع في حلقها . [ ص: 225 ]
7139 - حدثنا قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الرزاق عن معمر، ثابت، عن قال: أنس بن مالك خطب النبي صلى الله عليه وسلم على جليبيب امرأة من الأنصار إلى أبيها فقال: حتى أستأمرها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "نعم " [إذا] فانطلق الرجل إلى امرأته فذكر ذلك لها، فقالت: لا ها الله إذا ما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا جليبيبا؟ وقد منعناها من فلان وفلان، قال: والجارية في سترها تسمع، فانطلق الرجل وهو يريد أن يخبر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، فقالت الجارية: أتريدون أن تردوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره؟ إن كان قد رضيه لكم فأنكحوا فكأنما [حلت] عن أبويها، وقال: صدقت، فذهب أبوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: إن كنت قد رضيته، قال: "فإني قد رضيته "، قال: فتزوجها، ثم فزع أهل المدينة فركب جليبيب فوجدوه قد قتل، ووجدوا حوله أناسا من المشركين قد قتلهم. قال أنس: فلقد رأيتها وإنها لأنفق بيت في المدينة . [ ص: 226 ]
واحتج فقال: تزوج أبو ثور - وكان رجلا من كلب - أسامة بن زيد قرشية، وتزوج فاطمة بنت قيس المقداد بن الأسود - وكانت قرشية، ضباعة بنت الزبير . وتزوج غير واحد من العرب في قريش
وفيه قول ثان:
7140 - روي عن ابن [عمر ] أنه قال: والموالي بعضها أكفاء لبعض إلا حائكا أو حجاما . قريش بعضها أكفاء لبعض، والعرب بعضها أكفاء لبعض،
قال هذا حديث رواه أبو بكر: أبو عبيد ، عن عن شجاع بن الوليد، ، عن عطاء، عن ابن جريج . [ ص: 227 ] ابن عباس
قال أبو عبيد : قال شجاع: لم أسمعه منه - يعني من - وإنما حدثني به رجل عنه . [ ص: 228 ] ابن جريج
7141 - وروي عن سلمان أنه قال: لا نرثكم ولا ننكح نساءكم يعني العرب حدثناه ، حدثنا علي بن عبد العزيز مسلم، حدثنا عن شعبة، أبي إسحاق، عن أوس بن ضمعج، عن سلمان .
وكان يرى التفريق إذا سفيان الثوري وشدد فيه، وحكى آخر عن نكح المولى عربية أنه قال: الكفؤ الحسب والدين، وكان الثوري يقول في المولى يتزوج العربية: يفرق بينهما، فكان أحمد بن حنبل رحمه الله يقول: إذا غرها بنسب فوجد دونه وهو بالنسب الدون كفؤ، ففيها قولان: أحدهما: أن الاختيار لها ولوليها . الشافعي
قال: وهذا أشبه القولين وبه أقول .
والآخر: أن النكاح مفسوخ، لأنها مثل المرأة تأذن، والرجل يزوج غيره .
وكان يقول: والذي يجب للمرأة إذا كانت عربية أن لا تزوج [ ص: 229 ] إلا [قرشيا] أو عربيا، فأما الموالي وسائر الناس فبعضهم كفؤ لبعض، ولا ينبغي للمرأة أن تزوج إلا رجلا صالحا تقيا مستورا، فإن الصلاح أولى وأقرب إلى الله عز وجل وذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم: أبو ثور وقال أصحاب الرأي: قريش بعضها أكفاء لبعض، والعرب بعضهم أكفاء لبعض، وكل من كان من الموالي له أبوان أو ثلاثة في الإسلام، فبعضهم لبعض أكفاء، وإذا أعتق عبد أو أسلم ذمي، فإنه ليس بكفؤ لامرأة لها أبوان أو ثلاثة في الإسلام من الموالي، وإذا زوجت المرأة نفسها من غير كفؤ فللأولياء أن يفرقوا بينها وبينه، ولا يكون ذلك إلا عند قاض، ولا يكون أحد من العرب [كفؤا] لقرشي، ولا يكون أحد من الموالي كفؤا للعرب، ولا يكون من العبيد [أحد] كفؤا للأحرار، وإذا "عليك بذات الدين ". فليس لمن بقي من الأولياء أن يفرقوا بينهما . تزوجت المرأة غير كفؤ فسلم أحد الأولياء،