ذكر اختلاف أهل العلم في عظام الميتة والعاج
اختلف أهل العلم في فكرهت طائفة ذلك، قال عطاء: زعموا أنه لا يصاب عظامها إلا وهي ميتة، قال: فلا يستمتع بها. قيل: وعظام الميتة كذلك؟ قال: نعم. قيل: ويجعل في عظام الميتة يخبأ فيه؟ قال: لا. وكره الانتفاع بعظام الميتة، وأنياب الفيلة: طاوس، والحسن البصري، العاج . وعمر بن عبد العزيز
وقال في أمشاط العاج: ما كان فيه ذكي فلا بأس به، وما كان [ ص: 415 ] منها ميت فلا خير فيه. مالك
وكره ذلك وقال معمر. لا تباع عظام الميتة. ورخصت طائفة في العاج، هذا قول الشافعي: وقال عروة بن الزبير. هشام: كان لأبي مشط ومدهن من عظام الفيل. وكان لا يرى بالتجارة به بأسا، وقد روينا عن ابن سيرين قولا ثانيا: وهو أن لا بأس بأنياب الفيلة، وكان الحسن البصري النعمان يقول: لا بأس ببيع العاج وما أشبهه من العظام والقرون، وإن كان من ميتة، وكذلك الريش والوبر والشعر.
وقد روينا عن أنه سئل عن لحم الفيل فلم ير به بأسا، وكان الشعبي يقول لا أرى بالقرن، والظلف بأسا، وما وقع منه حي فليس به بأس ليس بمنزلة العظم. سفيان الثوري
وقال أصحاب الرأي: لا بأس بعظم الميت إذا غسل. وكان يقول: لا بأس بعظام الميتة أن ينتفع بها، الأمشاط والمداهن، وغير ذلك إذا أغليت على النار بالماء حتى يذهب ما فيها من الدسم، وهذا الذي سمعته من العلماء. الليث بن سعد
قال حرم الله الميتة، والدم، ولحم الخنزير، وثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم الميتة، وأجمع أهل العلم في جمل أقاويلهم على أبو بكر: تحريم [ ص: 416 ] الميتة.
واختلفوا في عظام الميتة على سبيل ما ذكرناه عنهم، فالميتة محرمة على ظاهر كتاب الله عز وجل، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، واتفاق الأمة .
ومن الدليل البين على أن العظم يحيى بحياة الحيوان ويموت بموته قوله تعالى: ( قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم ) ، فأعلمنا أنه يحيي العظام، ودل ذلك على أن في العظم حياة، وليس الشعر والصوف كذلك؛ لأنه لا حياة فيهما. ودل إجماع أهل العلم على طهارة الصوف إذا جز من الشاة وهي حية وأن عضوا لو قطع منها وهي حية أن ذلك نجس " .
فلما أجمعوا على الفرق بينهما بأن أحدهما يحيى بحياة ذي الروح ويموت بموته، وأن الآخر لا حياة فيه فيموت بموت ذي الروح، وأما الجلد المدبوغ فيستثنى من جملة الميتة بالخبر الثابت عن نبي الله صلى الله عليه وسلم، ولولا ذلك كان حكمه حكم الميتة، ولو، وجدنا في العظم سنة عن رسول الله [ ص: 417 ] صلى الله عليه وسلم توجب استثناءه كما وجب استثناء الجلد المدبوغ لأخرجناه من جملة الميت، كما أخرجنا الجلد المدبوغ.
وقد ذكر ربيعة بن كلثوم أن ضرسا للحسن سقط، قال: فقال لي الحسن يا ربيعة، أشعرت أنه مات بعضي اليوم. فأما إباحة الكوفي ومنعه الانتفاع بشعور بني آدم وبيعها فمن أعجب ما حكي وأقبحه، إذ هو خارج عن باب النظر والمعقول. الانتفاع بشعر الخنزير،