الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              جماع أبواب جلود السباع .

                                                                                                                                                                              893 - حدثنا إبراهيم بن عبد الله، ثنا يزيد بن هارون، ثنا شعبة، عن يزيد الرشك، عن أبي المليح الهذلي، عن أبيه، قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن جلود السباع أن تفترش" .

                                                                                                                                                                              894 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، عن أبي شيخ الهنائي أن معاوية قال " لنفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلمون أن نبي الله صلى الله عليه وسلم نهى، عن سروج النمور أن يركب عليها؟ قالوا: نعم " .

                                                                                                                                                                              895 - حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، ثنا أبو عمر الحوضي، ثنا همام، عن قتادة .

                                                                                                                                                                              وثنا محمد بن إسماعيل، ثنا عفان، ثنا همام، ثنا قتادة، عن أبي شيخ الهنائي، قال: كنت في ملأ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عند معاوية، فقال معاوية: " أنشدكم الله أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ركوب صفف النمور. قالوا: اللهم نعم. قال: وأنا أشهد " . [ ص: 436 ]

                                                                                                                                                                              896 - حدثنا يزيد بن عبد الصمد الدمشقي، ثنا محمد بن عثمان ، ثنا سعيد بن بشير، عن قتادة، عن زرارة، عن سعد بن هشام، عن عائشة أن نبي الله صلى الله عليه وسلم، قال: "لا تقرب الملائكة رفقة فيها جرس ولا جلد نمر" .

                                                                                                                                                                              897 - وروى هذا الحديث بندار، عن أبي داود، عن عمران، عن قتادة، عن زرارة، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "لا تصحب الملائكة رفقة فيها جلد نمر".

                                                                                                                                                                              واختلفوا في جلود الهر، والنمور، والثعالب وغير ذلك من السباع.

                                                                                                                                                                              898 - حدثنا موسى بن هارون، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا هشيم، أبنا يونس بن عبيد، عن ابن سيرين، عن أنس: "أن عمر رأى رجلا يصلي، وعليه قلنسوة بطانتها من جلود الثعالب، قال: فأكفاها عن رأسه، وقال: ما يدريك لعله ليس بذكي".

                                                                                                                                                                              وقد روينا عن عطاء، وطاوس، ومجاهد، أنهم كانوا يكرهون أن ينتفعوا بشيء من جلود السنانير، أو يؤكل لحومها، وأثمانها، وكره عبيدة السلماني جلود الهرر وإن دبغ، وكره النخعي جلود السباع، وكره الحسن البصري أن يركب على سرج منمر، أو يفترش النمور، أو يقعد عليها. وأمر عمر بن عبد العزيز أن يشق سرج منمر، وشق عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بفراء وألقى عنه جلد النمر [ ص: 437 ]

                                                                                                                                                                              وقال سعيد بن جبير: نهي عن لحوم السباع وجلودها. ورخصت في جلود السباع إذا دبغت طائفة.

                                                                                                                                                                              899 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الرزاق، عن حميد، عن الحجاج بن أرطاة، قال: أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: "لا بأس بجلود السباع إذا دبغت".

                                                                                                                                                                              وقال النخعي في جلود النمور: دباغها طهورها. وقال الحسن البصري في جلود النمور: تدبغ بالرماد والملح ذلك دباغها، ولم ير ببيعها بأسا.

                                                                                                                                                                              وروينا عن ابن سيرين، وعمر بن عبد العزيز، وعروة بن الزبير، والحسن البصري، أنهم رخصوا في الركوب على السروج المنمرة، ورخص الزهري في جلود النمور، ورئي على إبراهيم النخعي قلنسوة فيها ثعالب، وقال الليث بن سعد: لا بأس بجلود الميتة إذا دبغت أو ملحت.

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الصلاة في جلود الثعالب، فروينا عن عمر وعلي أنهما كرها الصلاة فيها، فأما إسناد حديث عمر فقد ذكرناه في الباب قبل، وأما حديث علي.

                                                                                                                                                                              900 - فحدثنا يحيى بن محمد، ثنا مسدد، نا هشيم، عن منصور بن زاذان، عن الحسن: "أن عليا كان يكره الصلاة في جلود الثعالب"، وكان يزيد بن هارون يقول: يعيد من صلى في جلود الثعالب [ ص: 438 ]

                                                                                                                                                                              وكره ذلك أحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبو ثور، وسئل الأوزاعي عن الصلاة على جلود السباع، فكره ذلك لما جاء فيه من الحديث.

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان: وهو إباحة أن يصلى في جلود الثعالب. روينا هذا القول عن الشعبي، وبه قال الحسن البصري، وأصحاب الرأي إذا دبغت.

                                                                                                                                                                              ورخصت طائفة في لبسها وكرهت الصلاة فيها، هذا قول سعيد بن جبير، والحسن البصري، والحكم بن عتيبة، ومكحول.

                                                                                                                                                                              وروينا معنى ذلك عن علي بن الحسين، وأبي العالية، والله أعلم.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية