باب ذكر هبة المشاع
أجمع أهل العلم على أن الرجل إذا وهب لرجل دارا أو أرضا أو عبدا على غير عوض، بطيب من نفس المعطي، وقبل الموهوب له ذلك وقبضه بدفع من الواهب ذلك إليه، وحازه، أن الهبة تامة.
واختلفوا في الرجل يهب من الرجل الشقص من الدار أو العبد.
فقالت طائفة: ذلك جائز، والهبة عندها جائزة وإن لم تكن مقسومة.
هذا قول [ ص: 13 ] ، مالك بن أنس ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل . وإسحاق بن راهويه
وكان النعمان يقول: فإن ذلك لا يجوز، إلا أن يقسم لكل واحد منهما حصته، وإذا وهب اثنان لواحد وقبض فهو جائز. إذا وهب الرجل دارا لرجلين أو متاعا، وذلك المتاع مما يقسم وقبضاه جميعا،
وحكى عن أبو ثور الكوفي أنه قال: وما كان لا ينقسم فلا بأس بذلك وهو جائز. لا تجوز الصدقة ولا الهبة ولا النحل ولا العطية فيما ينقسم إلا مقسوما،
قال: وقال مالك، : لا بأس بصدقة المشاع، وهبته، ونحله، والعمرى، والعطية، والرهن، والبيع. والشافعي
وقال : والإجارة. الشافعي
قال مالك: لا تجوز إجارة المشاع.
قال ( ) : والذي به نقول أن جميع ما ذكرناه جائز [ ص: 14 ] فيما ينقسم وفيما لا ينقسم، وذلك أن أهل العلم لا اختلاف بينهم أن أبو ثور جائز، وأن قبضه التخلية بين المشتري وبين الشيء المشاع، فلما أجمعوا على إجازة البيع وعلى تحويل الملك وقبضه مشاعا، وكان المشتري قابضا بالتخلية كان النحل والعطية والصدقة والهبة والرهن والإجارة جائزة قياسا، والله أعلم. بيع المشاع
قال : وقد احتج بعض أصحابنا في باب هبة المشاع بحديث أبو بكر . عبد الله بن عمرو
8807 - حدثنا قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ، عفان، قال: حدثنا ، قال: حدثنا حماد بن سلمة محمد بن إسحاق ، عن ، عن أبيه، عن جده عمرو بن شعيب قال: عبد الله بن عمرو حنين وجاءته وفود هوازن، وذكر بعض الحديث [قال] ثم قال: "أيها الناس، إنه ليس لي من هذا الفيء شيء ولا هذه إلا الخمس، والخمس مردود فيكم، فردوا الخياط والمخيط؛ فإن الغلول يكون على أهله عارا يوم القيامة، ونارا، وشنارا" فقام رجل في يده [كبة] من شعر فقال: أخذت هذه لأصلح بها برذعة بعير لي فقال: "أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لك" فقال: أما إذ بلغت ما أرى فلا أرب لي فيها ونبذها. [ ص: 15 ] سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم
قال : فكانت حصة النبي - صلى الله عليه وسلم - من الكبة مشاعة غير مقسومة ولم يكن [ليملكه] منها إلا ما يجوز له أن يملكه، فدل ذلك على إباحة أبو بكر هبة المشاع.
ومما يدخل في هذا الباب حديث جابر.
8808 - حدثنا ، قال: حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم ، عن شعبة ، عن جابر: محارب بن دثار أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترى من رجل بعيرا فلما أن وزن له رجح له.
قال : وحديث أبو بكر سويد بن قيس في معناه، والرجحان غير مفروز من الثمن الذي وزن له.