باب ذكر الرجوع في الهبات وما يجوز من ذلك وما لا يجوز
اختلف أهل العلم في الرجوع في الهبات.
8812 - فحدثنا ، قال: حدثنا الحسن بن علي بن عفان ، عن عبد الله بن نمير ، عن الأعمش إبراهيم، عن الأسود، عن عمر، قال: من وهب هبة لذي رحم جاز، ومن وهب هبة لغير ذي رحم رجع إن لم يثب.
وقال شريح: من أعطى في صلة رحم، أو قرابة، أو حق، أو معروف أجزنا عطيته، والجانب المستغزر يرد إليه هبته أو يثاب منها.
وقال بنحو من قول عمر . إبراهيم النخعي
وقال : ومن وهب هبة لذي رحم محرم فقبضها فليس له أن يرجع فيها، ومن وهب هبة لذي رحم ليس بمحرم رجع فيها متى شاء إن كانت قائمة بعينها لم يستهلكها (ثابه) أو يثيبه منها، وإلا [ثابه] أن يعطيه الشيء فيقول: هذا لهذا، ومن وهب هبة لذي رحم غير محرم رجع فيها ما لم يستهلكها أو يثيبه منها. [ ص: 19 ] سفيان الثوري
وقال بنحو من قول إسحاق قال: وذو الرحم المحرم الابن، والأخ، والجد، والعم، والعمة، والخال، والخالة، وابنة الأخ، ومن يحرم عليه نكاحه من قبل النسب. الثوري،
وقال أصحاب الرأي: وكل هؤلاء ذو رحم محرم. إذا وهب الرجل لابن أخيه هبة أو لابن أخته، أو لابن ابن أخيه، أو لابن ابن أخته، أو لابنة ابنه، أو لأخته لأمه، أو لجده أبي أمه، أو لخاله، أو لخالته، أو لعمه، أو لعمته، وقبضوا ما وهب لهم فليس له أن يرجع فيها،
وتفسير ذي الرحم المحرم من النسب الذي لا يكون للواهب أن يرجع فيما أعطاهم: كل من لا يحل له نكاحهم، فليس له أن يرجع فيما أعطاهم، إلا أن يكون ممن يحرم عليه نكاحه من قبل الرضاع أو غيره من نحو امرأة الأب، وأم امرأته، أو امرأة أبيه، ليس بمنزلة من حرم عليه بالنسب.
وإذا وهب ابن العم لابن عمه شيئا فله أن يرجع في هبته، وكذلك ابن الخال، وابن الخالة، وكذلك الصدقة على ذي الرحم الذي ليس له محرم مثل ذلك، وكذلك الهبة والنحل، والعمرى، والعطية إذا كان على ذوي رحم محرم هو في جميع ما ذكرنا على نحو ما وصفت لك في الباب الأول، يجوز ذلك إذا قبضه الموهوب له، والمنحول، والمعمر له، (والمعاطاة) ، والمتصدق عليه، وإذا لم يقبض لم يجز.
وقالوا في الرجل يهب للرجل الهبة، ويدفعه إليه: إن كانت الهبة قائمة [ ص: 20 ] بعينها لم تزدد خيرا، أو ليس الموهوب له بذي رحم محرم ولم يعوض الواهب، فله أن يرجع فيها.
وقالت طائفة: ليس لأحد أن يهب هبة ثم يرجع فيها على ظاهر حديث . ابن عباس
8813 - حدثنا ، قال: حدثنا علي بن الحسن عبد الله بن الوليد ، عن سفيان، حدثني أيوب ، قال: حدثنا عكرمة ، عن ، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ابن عباس "العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه، ليس لنا مثل السوء".
ومن حجة قائل هذا القول أن في قوله "ليس لنا مثل السوء" دليل على أن العود في الهبات من الأمثال التي لا يجوز لأحد أن يرتكبه أمثال السوء.
[وممن قال هذا: واحتج بقوله: "ليس لنا مثل السوء"] . أحمد بن حنبل
وكان يقول: الشافعي فليس للواهب الذي ذكر أنه وهب للثواب ولم يشترط ذلك أن يرجع في الجارية، أي: حال ما كانت زادت خيرا أو نقصت. [ ص: 21 ] إذا وهب الرجل للرجل جارية أو دارا فزادت الجارية في يديه، أو [بنى] الدار
وكان يقول: لا يعود الرجل في هبته. طاوس
وقالت طائفة: ليس لأحد أن يهب هبة لقريب أو بعيد فقبضها الموهوب له أن يرجع فيها، إلا الوالد فيما يهب لولده.
هذا قول ، واحتج بحديث أبي ثور ، ابن عمر . وابن عباس
8814 - حدثنا ، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل مسدد ، قال: حدثنا ، قال: حدثنا يزيد بن زريع ، عن حسين المعلم ، عن عمرو بن شعيب ، عن طاوس ، ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: وابن عباس "لا يحل لرجل يعطي عطية ثم يرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده، ومثل الذي يعطي العطية ثم يرجع فيها كمثل الكلب يأكل، فإذا شبع قاء، ثم عاد في قيئه".
وقد حكي عن أنه قال: لا يرجع الرجل فيما وهب لمولاه، ولا [لتابعه] ، ولا لذي رحمه، ولا لامرأته، ولا السلطان لمن دونه، ويرجع فيما سوى ذلك، فإن كانت الهبة قد تمت وزادت عند صاحبها فقيمتها يوم وهبها. الأوزاعي عمر بن عبد الواحد عنه.
وقالت طائفة: إذا استهلكت الهبة فلا رجوع فيها.
كذلك قال ، الشعبي . [ ص: 22 ] وسعيد بن جبير
قال وتفسير الاستهلاك أن يبيعها، أو يهبها، أو يأكلها، أو تخرج من يده إلى غيره، فهذا استهلاك. الثوري:
وقال : سفيان الثوري إذا وهب رجل لرجل دراهم ثم إن الواهب قال للذي وهبه إياها: أقرضنيها فأقرضه إياها فقد صارت دينا للموهوب له على الواهب، فهو بمنزلة الاستهلاك، فلا رجوع له فيها.
وقال سفيان: لا يرجع الواهب في هبته إذا كان الموهوب له غائبا.