باب ذكر اختلاف أهل العلم في العمرى
اختلف أهل العلم في العمرى، فقالت طائفة بظاهر أخبار جابر، أن العمرى للذي أعمرها حيا وميتا، ولعقبه، روينا معنى هذا القول عن ، جابر بن عبد الله . وابن عمر
8853 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، قال: أخبرنا ، قال: أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر أيوب ، عن ، قال: حبيب بن أبي ثابت سمعت وسأله أعرابي فقال: ابن عمر فقال رجل أعطى ابنه ناقة له حياته، فأنتجها، فكانت إبلا، : هي له حياته وموته، قال: أفرأيت إن كان تصدق عليه، قال: فذلك أبعد له. ابن عمر
8854 - حدثنا أبو أحمد قال: أخبرنا ، عن يعلى بن [عبيد ] سفيان، عن ، عن أبي الزبير ، عن طاوس ابن عباس قال: لا تحل العمرى ولا الرقبى، فمن أعمر شيئا فهو له، ومن أرقب شيئا فهو له.
وقال شريح: العمرى ميراث لأهلها.
وقال : العمرى جائزة ونقضي بها، وقال طاوس مجاهد : العمرى [ ص: 68 ] لمن أعمرها ولوارثه، والرقبى مثلها.
وقال : العمرى أن يقول: هذا الشيء لك حياتك، فإذا جعله فله حياته وموته. أحمد بن حنبل
وقال : وإذا قال الرجل للرجل: هذا لك عمري أو حياتك، فإن كان ذا رحم محرم فليس له أن يرجع فيها، وإن جعلها لذي رحم أو غير ذي رحم رجع فيها ما لم يستهلكها، أو يثيبه منها، فإن مات أحدهما جازت. سفيان الثوري
وقال أصحاب الرأي: إذا قال: أعمرتك بهذه الدار حياتك، أو: أعطيتكها حياتك فهي له حياته وبعد موته [...] قبضها.
وقال : العمرى والهبة سواء، هي لصاحبها إذا قبضها ولورثته من بعده. الحسن بن صالح
وكان يقول: إذا قال: هي عمرى له ولعقبه، فقال: هي للذي يعطاها لا ترجع إلى الذي أعطاها، وذكر حديث جابر، وقد كان ذكر خبر الشافعي إذ هو مالك بالعراق، ثم قال: فقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سن أنه إنما يجعل العمرى لمن أعمرها إذا أعمرها مالكها المعمر له ولعقبه، ومن قال: لمن أعمرها ولعقبه وليس فيها السبب الذي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنها به لمن أعمرها فقد خالف هذا الحديث.
وقالت طائفة: وإن أعمر رجل عمرى هو وحده فهو له ما عاش ثم ترجع إلى أهلها، وإن أعمر له ولولده فهي لهم، فإذا انقرضوا رجعت إلى [ ص: 69 ] صاحبها الأول الذي أعمرها. إذا أعمر رجل عمرى فهي له ما عاش ثم ترجع إلى أهلها،
هذا قول القاسم بن محمد ، ويزيد بن قسيط.
وقال القاسم : ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم وفيما أعطوا.
وذكر حديث مالك بن أنس القاسم بن محمد : ما أدركت الناس إلا على شروطهم. قال مالك: وعلى هذا العمل ببلدنا.
وقال فيمن أعمر دارا أو حيوانا: أن المعمر يبيع ذلك ممن أعمره إياه إن شاء، فلا بأس به، وليس له أن يبيعه من غيره؛ لما فيه من المخاطرة، وإنما أرخص في بيعه للذي أعمره حياته. مالك
وكان يقول: لا تجوز العمرى؛ إنها كما قال رسول الله: أبو ثور "إذا أعطاكها وقعت فيه المواريث" وذلك أن يقول: قد أعمرتك وعقبك من بعده، فإن لم يقل ذلك رجعت إذا مات المعمر إلى المعمر أو إلى ورثته، وإن قال: هي لك عمري سكنى فهذه عمرى أو سكنى، فإن كان إلى أجل فإلى أجله، وإن لم يكن له أجل وكانت عمرى فهي حياته، وإن كانت سكنى فمتى شاء أخرجه.
وقال : قلت الأوزاعي للزهري: قال: لا. رجل قال لرجل: جاريتي هذه لك عمري أحل له فرجها؟
وحدثنا علي، عن أبي عبيد أنه قال: وأصل العمرى إنما هو مأخوذ من العمر، ألا تراه يقول: هو لك عمري أو عمرك.
وذكر الرقبى فقال: هذا ينبئك عن المراقبة، والذي كانوا يريدون بهذا أن يكون الرجل يريد أن [ ص: 70 ] يتفضل على صاحبه بالشيء، فيستمتع منه ما دام حيا، وإذا مات الموهوب له لم يصل إلى ورثته منه شيء، فجاءت سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - بنقض ذلك أنه من ملك شيئا حياته فهو لورثته من بعده، وذكر حديث أبي هريرة وجابر.
فقال : وقد احتج بعض من يميل إلى مذهب مالك بأن قال: الأصل أن كل أبو بكر فله ملكه، ولا يجوز إزالة ملكه إلا بحجة، ولا يخرج من ماله شيء إلا كما أعطى، واحتج من خالفه بأن الله - عز وجل - قد فرض طاعة رسوله في غير آية من كتابه، وإذا ثبت الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجب استعماله وترك أن يحمل ما قد تثبت به السنة على النظر والقياس. مالك
وحديث عن مالك، ، عن الزهري أبي سلمة ، عن جابر موافق لهذا القول، وليست الرواية التي فيها "من بدافع لما قلنا؛ وذلك أن الكلامين ثابتان عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأيهما قال القائل فالشيء ثابت للمعمر ولورثته من بعده. أعمر عمرى له ولعقبه فهي للذي أعمرها لا يرجع إلى الذي أعمرها"
وإن قال: هي لك عمرى فهي له ولعقبه من بعده؛ لقوله: وإن قال: هي لك ولعقبك فكذلك هي للذي أعمرها، لا يرجع إلى الذي أعمرها. "من أعمر عمرى فهي للذي أعمرها حيا وميتا ولعقبه"
وكل ذلك مما يجب أن يقال به ويسلم له، وكان يقول في الرجل يعمر ويشرط على الذي أعطى أنك إذا مت فهو حر، قال: يكون حرا مرتين تترى، وهذا قول عطاء بن أبي رباح الزهري . وقتادة
وقال : قلت ابن جريج لعطاء : أفرأيت إن قال: هو رد على ورثتي؟ قال: لا، هو للذي أعطاه حينئذ حياته وموته.
قلت: فلم يختلفان، قال: لأنه شرط [ ص: 71 ] العتاقة مع الإعمار.
واختلفوا في الرجل يقول: هي لك حياتك ثم هي لفلان، فقال : هو على شرطه، وقال الزهري : هي [لورثة] الأول. قتادة
قال : وإن قال: إن حدث في حدث فسيفي هذا لفلان، وإن مات فهو لفلان، فإن أبو بكر الحسن قالا: هو للأول، وقال وسعيد بن المسيب حميد بن عبد الرحمن : هو كما قال، وسئل عن الرجل يخدم الرجل العبد ما عاش، ثم يقول: بعد ما شاء الله هو من بعد خدمتك لفلان، قال: يجوز ذلك كله، وهو من رأس المال إن فعل ذلك وهو صحيح، وإن كان مريضا فهو من الثلث. مالك