ذكر اليمين بصدقة المال أو بجعله في السبيل أو بهديه
اختلف أهل العلم في الرجل يحلف بصدقة ماله، أو بأن يجعله في السبيل، أو يهديه.
فقالت طائفة: لا شيء عليه.
كذلك قال الحكم، ، والشعبي والحارث، وحماد ، فيمن قال: كل مال له في المساكين، فحنث، أن لا شيء عليه.
وروينا ذلك عن عطاء . وطاوس
8891 - وحدثنا ، قال: حدثنا موسى بن هارون يحيى، قال: حدثنا شريك ، عن إبراهيم، عن ، عن صفية في رجل جعل ماله في رتاج الكعبة، قالت: ليس بشيء. عائشة
وقالت طائفة: كفارة يمين.
روينا هذا القول عن . عائشة
8892 - حدثنا ، عن إسحاق ، عن عبد الرزاق ، قال: أخبرني ابن جريج عطاء ، عن بنت شيبة، عن صفية أم المؤمنين، أنها [ ص: 110 ] عائشة سألتها أو سمعتها تسأل عن حالف حلف فقال: مالي إذا (ضرائب) في رتاج الكعبة، أو في سبيل الله، فقالت له: يمين.
8893 - حدثنا قال: حدثنا علي بن الحسن عبد الله، عن سفيان، عن منصور بن عبد الرحمن، عن أمه عن صفية بنت شيبة، عائشة فيمن جعل المال في رتاج الكعبة، قالت: يكفره ما يكفر اليمين.
8894 - حدثنا علي، عن أبي عبيد قال: حدثنا عن هشام بن عمار، صدقة بن خالد، عن المثنى بن الصباح، عن ، عن أبيه، أن رجلا أتى عمرو بن شعيب فقال: عمر بن الخطاب إني جعلت مالي في رتاج الكعبة إن كلمت أخي، فقال: قد أغنى الله الكعبة عن مالك، كفر يمينك.
8895 - حدثنا علي، عن أبي عبيد قال: حدثنا ، عن إسماعيل بن إبراهيم ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة عن خلاس بن عمرو، أنه ابن عباس قالوا: في غضب، قال: فإن الله لا يتقرب إليه بالغضب، لتكفر يمينها وتلبس ثوبها. [ ص: 111 ] سئل عن امرأة أهدت ثوبها إن لبسته، فقال أفي غضب أو في رضا؟
قال : وقد روينا معنى هذا القول عن أبو بكر حفصة وعبد الله ابني عمر، أنهم قالوا ذلك، وأنا ذاكر إسناده فيما بعد في باب اليمين بالعتق - إن شاء الله - وروينا عن وزينب ابنة أم سلمة الحسن البصري أنهما قالا فيما هذا معناه: كفارة يمين، فقد مر. وطاوس
وكان يقول: كفارة يمين إذا الشافعي فعليه كفارة يمين. قال [مالي] في سبيل الله أو في المساكين فحنث،
وبه قال عبيد الله بن الحسن ، وشريك، وعبيد الله بن عمرو، وأحمد، وإسحاق ، وأبو عبيد، . وأبو ثور
وقالت فرقة ثالثة: يخرج ثلث ماله ويتصدق به، هذا قول ، روينا عن مالك بن أنس أنه ذكر من جعل ماله في سبيل الله فقال: لم أسمع في هذا من وجه، إلا ما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - الزهري لأبي لبابة: "يجزئك الثلث" ولكعب بن مالك: "أمسك بعض مالك؛ فهو خير لك".
وقالت طائفة رابعة: يتصدق من ماله بمقدار الزكاة.
روينا هذا القول عن عمر . [ ص: 112 ] وابن عباس
8896 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: أخبرنا قال: أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر إسماعيل بن أمية، عن عثمان بن أبي حاضر، قال: [حلفت] امرأة من أهل ذي أصبح، فقالت: مالي في سبيل الله، وجاريتها حرة، إن لم يفعل كذا وكذا، لشيء كرهه زوجها ألا تفعله، فسئل عن ذلك ، ابن عباس ، قالا: أما الجارية فتعتق، وأما قولها: مالي في سبيل الله، فتصدق بزكاة مالها. وابن عمر
قال : وقد كان أبو بكر يقول بمثل قول مالك، ثم صار إلى أن قال: زكاة ماله. ربيعة بن أبي عبد الرحمن
وفيه قول خامس: وهو أن يفي بما جعله على نفسه، ويخرجه في الوجوه التي ذكرها.
8897 - حدثنا قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا موسى بن هارون ، عن ابن المبارك ، عن معمر ، عن الزهري سالم، عن في ابن عمر رجل جعل ماله في سبيل الله، قال: هو كما جعله.
وقال : إذا أهدى شيئا فليمضه، وإذا قال: كل مال له صدقة في المساكين فحنث فليتصدق بماله، وليمسك منه ما يقوته، فإذا أفاد مثل ما أمسك فليتصدق به، وقال عثمان البتي: إذا قال: مالي في المساكين إن فعل كذا وكذا، لا كفارة له إلا الوفاء به. [ ص: 113 ] النخعي
8898 - أخبرنا ، قال: أخبرنا الربيع بن سليمان حجاج الأزرق، قال: حدثنا ، عن ابن وهب عمرو، أن حدثه، أن بكير بن الأشج الهيثم بن سنان حدثه، أنه سمع ، وسأله بعض أهله فأخبره: أنه ابن عمر : ليجعل مالها في رتاج الكعبة، ابن عمر قال: إنما مالها في الغنم والإبل، قال كسا امرأته كسوة فسخطتها، [فقالت: إن] لبستها كل شيء لي في رتاج الكعبة، قال : لتبع الغنم والإبل في رتاج الكعبة. ابن عمر
8899 - حدثنا ، قال: حدثنا علي بن عبد العزيز أبو عبيد ، قال: حدثنا عمرو بن طارق، عن السري بن يحيى، عن أن امرأة أتته فقالت: مالك بن دينار أنس] فسألته، فقال: إن لبستها فلتهدها. إن زوجها كساها كسوة وإنها غضبت، فجعلتها هدية إلى بيت الله إن لبستها، قال: [فانطلقت إلى
وفيه قول سادس: وهو أن تهدي بدنة.
هذا قول فيمن قال: أنا أهدي جاريتي. قتادة
وفيه قول سابع: وهو إن كان مالا له كثيرا فعشره، وإن كان وسطا فسبعه، وإن قليلا فخمسه.
كذلك قال ، رواه جابر بن زيد عنه، قال قتادة : والكثير ألفان، والوسط ألف، والقليل خمسمائة. [ ص: 114 ] قتادة
وفيه قول ثامن، قاله النعمان ومن وافقه، قال: وإذا فهذا على ما يكون فيه الزكاة. قال: مالي في المساكين صدقة،
قال : ولا نعلم أحدا سبق أبو بكر النعمان إلى هذا القول؛ إذ لا خلاف أن الدور، والعقار، والمواشي تسمى أموالا، يقال: عامة مال فلان مواش، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لمالك بن نضلة، وهو رجل من جشم: "ألك مال؟ قال: من كل المال".
8900 - حدثنا يحيى بن محمد ، قال: حدثنا قال: حدثنا سهل بن بكار ، عن شعبة أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن أبيه، قال: خذ من أموالهم صدقة ) ".
وأجمع أهل العلم على أن الإبل، والبقر، والغنم داخل في جملة ما أمر الله بأخذ الصدقة منها. أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا قشف الهيئة، فقال: "هل لك من مال؟" قال: نعم، من كل مال، قال: "من أي مال؟ " قال: من الخيل، والرقيق، والغنم، قال: "إذا آتاك الله مالا فلير عليك، قال الله - عز وجل - : (
وأما قصة أبي لبابة وكعب بن مالك فليس من أبواب الأيمان بسبيل؛ لأنهما لم يكونا حلفا فيكونا قد أمرا لأيمانهما بالكفارة، إنما تطوعا بما لم يكن عليهما شكرا لله حيث قبل توبتهما، وعفى عن ذنوبهما، فليس ذلك [ ص: 115 ] مما يجوز أن يشبه بالكفارات التي أوجبها الله على عباده المؤمنين.
وليس لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لكعب: أمسك عليك بعض مالك للمديني حجة؛ إذ ليس للبعض الذي أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - كعبا بإمساكه مقدار يوقف، ولو كان جزءا معلوما لكان مع ذلك بعيدا من أبواب الأيمان.
قال : [والذي به أقول: أن على] من أبو بكر كفارة يمين؛ لقول الله - عز وجل - : ( حلف بصدقة ماله، أو قال: مالي في سبيل الله إن فعلت كذا، فحنث: لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم ) الآية، وللأخبار الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: فليس لأحد أن يخرج من جملة الأيمان شيئا إلا بحجة من كتاب أو سنة أو إجماع. "من حلف على يمين فرأى [غيرها] خيرا منها فليكفر عن يمينه، وليأت الذي هو خير"