ذكر وغير ذلك اليمين بتحريم ما أحل الله من الطعام
قال الله - عز وجل - : ( يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم ) .
اختلف أهل العلم في تأويل هذه الآية، فقالت طائفة: إنما حرم النبي - صلى الله عليه وسلم - على نفسه شرابا كان يشربه عند بعض أزواجه. [ ص: 120 ]
8904 - حدثنا علي بن المبارك، قال: حدثنا زيد بن المبارك، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن في ابن عباس تبتغي مرضات أزواجك ) قال: ترضي بتحريمها قوله: ( لأنها وجدتها معه في بيتها، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حفصة ابنة عمر؛ أن تكتم ذلك، فأخبرت حفصة بذلك حفصة ، فتظاهرتا عليه. عائشة
8905 - فأما عطاء فأخبرني عن ، عن عبيد بن عمير قالت: عائشة ويمكث عندها، فتواطأت وحفصة أن إذا دخل عليها فلتقل: أكلت مغافير، إني لأجد منك ريح مغافير، فقال: "لا، ولكن كنت أشرب عسلا عند زينب ابنة جحش، ولن أعود له، وقد حلفت، فلا تخبري بذلك أحدا". زينب ابنة جحش، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يشرب عسلا عند
8906 - حدثنا قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ، الحسن بن علي ، قال: حدثنا ، قال: حدثنا أبو أسامة ، عن أبيه، عن هشام بن عروة قالت: عائشة ، فاحتبس عندها أكثر مما كان يحتبس، فسألت عن ذلك، فقيل لي: أهدت لها امرأة من قومها عكة من عسل، فسقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه شربة، فقالت: أما والله لنحتالن له، فذكرت ذلك حفصة لسودة، وقالت: إذا دخل عليك فإنه سيدنو منك، فقولي له: أكلت مغافير؟ فإنه سيقول لك: لا، فقولي: ما هذه [ ص: 121 ] الريح - وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتد عليه أن يوجد منه الريح - فإنه سيقول لك: سقتني شربة عسل، فقولي: جرست نحله العرفط، وقوليه أنت يا حفصة ، فلما دخل على صفية قالت - تقول سودة والله الذي لا إله إلا هو لقد كدت أبادئه بالذي قلت، وإنه على الباب؛ فرقا منك، فلما دنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت: يا رسول الله، أكلت مغافير؟ قال: "لا" قلت: فما هذه الريح؟ قال: "سقتني سودة - : شربة من عسل" قلت: جرست نحله العرفط. حفصة
قال: فلما دخل على قالت: يا رسول الله، ألا أسقيك منه، قال: "لا، لا حاجة لي به" قال: تقول حفصة [سبحان الله! والله] لقد حرمناه [قلت] لها: اسكتي. سودة
قال : وهذا قول أبو بكر ، ابن عباس وعبد الله [بن عتبة ] . كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب الحلواء والعسل، وكان إذا صلى العصر دار على نسائه، فيدنو منهن، فدخل على
8907 - حدثنا ، قال: حدثنا موسى بن هارون شجاع، قال: حدثنا عبد الله بن رجاء، قال: أخبرنا إسرائيل، عن مسلم، عن مجاهد ، عن في ابن عباس يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك ) قال: حرم شربته. [ ص: 122 ] قوله (
وقالت طائفة: حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتاته القبطية أم إبراهيم ، هكذا قال ، وقال قتادة : حرم جارية له. الحسن البصري
قال : والذي كان حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على نفسه الشربة التي ذكرناها، وحلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع ذلك، فأمر بكفارة يمين لليمين التي كان حلف بها، قد ذكرنا أنه كان حلف في حديث أبو بكر ، من حديث عائشة عطاء ، عن ، عن عبيد بن عمير . عائشة
8908 - ومن حديث مسلمة بن علقمة ، عن ، عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي مسروق ، عن قالت: عائشة آلى رسول الله من نسائه وحرم، فجعل الحرام حلالا، وجعل في اليمين كفارة، كتب إلي بعض أصحابنا يذكر أن الحسن بن قزعة حدثهم قال: حدثني مسلمة بن علقمة .
قال : قد أبو بكر فقالت طائفة: لا يحرم عليه الشيء الذي حرمه عليه، وعليه فيه كفارة يمين، حكى اختلف أهل العلم فيمن حرم على نفسه طعاما أو شرابا أحله الله له، أبو عبيد هذا القول عن أهل العراق ، فإن أراد بالحل عليه حرام الطعام والشراب واللباس والإماء، فعليه كفارة يمين، وإن نوى به الكذب فلا شيء عليه، وإن لم يكن له نية فهي كفارة يمين. [ ص: 123 ]
قال : وقد روينا عن أبو بكر ما يدل على هذا المعنى: ابن مسعود
8909 - حدثنا ، قال: حدثنا علي بن الحسن عبد الله، عن سفيان، عن منصور ، عن أبي الضحى، قال: كنا عند فجيء بضرع، فتنحى رجل فقال عبد الله بن مسعود عبد الله: ادن، فقال: إني حرمت أن لا آكله، فقال عبد الله: ادن فاطعم، وكفر عن يمينك، يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ) . ثم تلا هذه الآية: (
8910 - حدثنا ، قال: حدثنا علي بن الحسن عبد الله، عن سفيان، عن ، عن الأعمش إبراهيم، عن ، عن همام بن الحارث قال: عمرو بن شرحبيل معقل بن مقرن إلى ، فقال: إني حرمت فراشي، فقال: نم على فراشك، وكفر عن يمينك، عبد الله بن مسعود ثم تلا هذه الآية ( جاء يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ) فقال معقل: من أجل هذه الآية سألتك، قال: آية الأيمان أزكى، قال: تحرير رقبة.
وقالت طائفة: إذا هي يمين. قال: كل حلال عليه حرام،
هذا قول الحسن وجابر بن زيد ، . وقتادة
وقال الحسن: إلا أن يقول: من أهل أو مال.
وكان يقول في قوله: ما أحل الله عليه حرام، كفر يمينك، ولا يسأله عن نيته، فإن أخبره أنه نوى به طلاقا، قال: ما نويت. [ ص: 124 ] الأوزاعي
وقال أحمد: إن كانت له امرأة فكفارة الظهار، وإن لم تكن له امرأة فكفارة يمين، وكذلك قال إذا لم يرد طلاقا. إسحاق
وحكى أبو عبيد عن أنه كان لا يرى عليه فيما سوى النساء شيئا، ويتأول قوله: ( مالك يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ) وحكي عن سفيان وكثير من أهل العراق أنهم قالوا: إن لم يرد طلاقا فيمين يكفرها.
8911 - وقد روينا عن أنه قال ابن عباس في النذر والحرام إذا لم يرد شيئا قال: أغلظ الأيمان عليه فعليه رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا.
حدثنا قال: أخبرنا إسحاق قال: أخبرنا عبد الرزاق عن الثوري، منصور ، عن ، عن سعيد بن جبير . ابن عباس
وقال : هو ما نوى، يعني في قوله: كل حلال عليه حرام. طاوس
قال : وقد روي خبر أبو بكر أبي موسى في (قول) الرجل: لحم الدجاج، على الاختصار، فلا يظن ظان أن أبا موسى أمر الرجل بكفارة يمين لتحريمه الدجاج على نفسه، ولكنه أمره بالكفارة؛ لأنه حلف (لا) يأكله.
8912 - حدثنا يحيى بن محمد ، قال: حدثنا عبد الرحمن بن المبارك، قال: حدثنا الصعق، عن عن مطر الوراق، زهدم الجرمي، قال: ، وبين يديه لحم دجاج يأكله، فقال: ادنه، قال: قلت: إني قد حلفت ألا آكله، قال: ادنه؛ فإني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأكله، وسأخبرك عن يمينك هذه، قال: فدنوت فأكلت، ثم قال: أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نستحمله فحلف أن لا يحملنا، فوالله ما برحنا [حتى] أتته فرائض غر الذرى، فأمر لنا بحملان منها، فلما خرجنا قلنا: ما صنعنا، نسينا رسول الله يمينه، والله لا نفلح، قال: فرجعنا إليه، قال: ما ردكم؟ قلنا: يا رسول الله كنت حلفت ألا تحملنا فخشينا أن نكون نسيناك يمينك، قال: "إني والله ما نسيتها، ولكن من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه". أبي موسى الأشعري دخلت [ ص: 125 ] على
قال : فأما تحريم الرجل زوجته على نفسه فقد ذكرنا ذلك في كتاب الطلاق. أبو بكر