ذكر من يقوم من الورثة بحق من قد مات إذا قذف الميت
أجمع أهل العلم أن للمقذوف طلب ما يجب له من الحد على القاذف. واختلفوا في رجل قذف رجلا فمات المقذوف قبل أن يحد القاذف، وفيمن قذف ميتا. فقالت طائفة: لأوليائه أن يجلدوه. هذا قول مالك، وأي الأولياء إذا كانوا في (القعدد) إليه سواء قام به، كان ذلك له . والشافعي.
قال يأخذ حد الميت ولده وعصبته من كانوا. وإذا كان عدد بنين فأيهم قام به حد له . الشافعي:
وفيه قول ثان: وهو أن حد الميت لا يأخذ به إلا الوالدان، أو الولد، والجد، وولد الولد ممن يرث ويورث. هذا قول أصحاب الرأي .
وقال أبو حنيفة: لا يأخذ بحد الميت إلا الولد، أو الوالد. وبهذا يأخذ - يعني يعقوب. وكان يقول: يأخذ الأخ أيضا، والأخت وأما غير هؤلاء فلا . ابن أبي ليلى
وفيه قول ثالث: وهو أن المقذوف إذا مات لم يكن لولده أن يطلبوا به، لأنه إنما كان لأبيهم وقد مات صاحب الحد. هذا قول . [ ص: 600 ] أحمد بن حنبل
قال ففي قول أبو بكر: المديني، إذا كانوا إخوة، فوقف بعضهم عن الأخذ بحد الميت فلمن شاء منهم أن [يقوم] بالحد، فإن عفا بعضهم قام به من لم يعف. فكان والشافعي: يقول: وإن قذف رجل ميتا، وشهد عليه بذلك الشهود، فجاء أخو الميت، فإن كان وارثا للميت، لا وارث له غيره أخذه بذلك. وإن كان معه وارث كان الحد لهم، وذلك أن الحد حق، وهو يورث كما يورث المال . أبو ثور
وكان يقول: إن [قذف] أم رجل، فعفا عنه [ابنها] فقام به أخوه لأمه، أخذ به له . الزهري
قال وقد قال قائل: إن الذي يقوم بحد الزنا، وحد القذف الإمام، دون المقذوف [التي] زني [فكما ليس] للتي زني بها أن تقوم به، فكذلك المقذوف ليس له أن يقوم به، فأما ما قاله أبو بكر: النعمان حيث جعل للولد والوالد دون غيرهما، فغير جائز؛ إذ لا حجة معه في استحقاق من ذكر ذلك من الولد والوالد دون الإخوة، وسائر الورثة والله أعلم . [ ص: 601 ]
قال وكل من أحفظ عنه من أهل العلم يقول: إذا كان المقذوف غائبا، فليس لأبيه، ولا لابنه أن يطلب بالقذف، ما دام المقذوف حيا. هذا مذهب أبو بكر: الشافعي، والنعمان، وأصحابه، وغيرهم، وإن أوصى المقذوف بذلك إلى من يقوم به بعد وفاته [فذلك] له في قول وأبي ثور، كما يقوم بسائر الحقوق . أبي ثور:
وقال أصحاب الرأي: لا حد على القاذف، وليس للولي أن يطلب به، وإن وكل المقذوف من يطلب بحقه جاز في قول . وكان للوكيل أن يضربه، وفي قول أصحاب الرأي: لا يحد حتى يحضر المقذوف، وإذا ضرب بعض الحد، ثم مات: ففي قول أبي ثور لأوليائه أن يقوموا بباقي الحد، وأيهم قام به فله ذلك . الشافعي:
وفي قول يقومون بما بقي على قدر حقوقهم. وقال أصحاب الرأي: يدرأ عنه الحد، ولا يحده . أبي ثور: