ذكر ما تجزئ الخطبة من الجمعة
اختلف أهل العلم فيما يجزئ من الخطبة للجمعة.
فقالت طائفة: يجزئ ما يقع عليه اسم خطبة، روينا عن : أنه كان يخطب يوم الجمعة بما قل أو كثر، وكان الشعبي يقول: ما جلس النبي صلى الله عليه وسلم على منبر قط، ومن رأى أن خطبة تجزئ عطاء بن أبي رباح ، مالك ، والأوزاعي وإسحاق ، وأبو يوسف، ومحمد ، وقال : يجزئ ما يكون كلام مجتمع يقع عليه اسم خطبة. أبو ثور
وفي هذه المسألة قولان آخران: أحدهما قول : وهو أن الإمام إن خطب خطبة واحدة، عاد فخطب ثانية، فإن لم يفعل حتى يذهب الوقت أعاد الظهر أربعا. قال: فإن جعلها خطبتين لم يفصل بينهما بجلوس، أعاد خطبته، فإن لم يفعل صلى أربعا، الشافعي أن يحمد الله، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويوصي بتقوى الله، ويقرأ شيئا من القرآن في الأولى، ويحمد الله [ ص: 70 ] ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويوصي بتقوى الله ويدعو في الآخرة. وأقل ما يقع عليه اسم خطبة من الخطبتين
والقول الآخر قول النعمان : وهو أن الإمام إن خطب يوم الجمعة بتسبيحة واحدة أجزأه.
قال : فأما ما قال أبو بكر النعمان فلا معنى له، ولا أعلم أحدا سبقه إليه، وغير معروف عند أهل المعرفة باللغة بأن يقال لمن قال سبحان الله، قد خطب، وإذا كان المقول هذا سبيله، فلا معنى للاشتغال به، وأما الذي قاله فلست أجد دلالة توجب ما قال، وقد عارض الشافعي غيره من أصحابنا فقال: يقال لمن قال بقوله: من أين أوجبت الجلسة بين الخطبتين فرضا أبطلت الجمعة بتركها؟ وقد أتى بالجمعة والخطبتين، وليست الجلسة من الجمعة؛ لأن الجمعة فرضها ركعتان، كذلك في حديث عمر، والخطبة معروفة، والجلسة غير هذا، ولو كانت الجلسة واجبة لم يجز أن تبطل الجمعة بتركها؛ لأنها غير هذا، فإن اعتل بجلوس النبي صلى الله عليه وسلم بين الخطبتين، فالفعل عنده وعند غيره لا يوجب فرضا، ولو ثبت أنه فرض لم يدل على إبطال الجمعة، ويقال له: وما الفرق بين الجلسة الأولى والجلسة بين الخطبتين؟ فإن اعتل بأن الجلسة بين الخطبتين من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فكذلك الجلسة الأولى من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر كلاما تركت ذكره ههنا كراهية التطويل. [ ص: 71 ] الشافعي