ذكر النهي عن استقبال القبلة واستدبارها بالغائط والبول
ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: . "إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة، ولا تستدبروها ببول ولا غائط، ولكن شرقوا، أو غربوا"
[ ص: 440 ]
257 - أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، ومحمد بن الصباح، عن عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عطاء بن يزيد الليثي، عن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبي أيوب الأنصاري، الشام وجدنا مراحيض قد جعلت نحو القبلة، فننحرف ونستغفر الله. "إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة، ولا يستدبرها، ولكن ليشرق، أو ليغرب" ، قال أبو أيوب: فلما قدمنا
حدثنا علي، عن أبي عبيد، في قوله مراحيض، واحدها مرحاض، وهي المذاهب أيضا، وفي حديث آخر، مرافق يعني الكنف، ومن حديث المغيرة: نزل وأبعد في المذهب، كل هذا كناية عن موضع الغائط.
258 - حدثنا محمد بن عبد الله، أنا أخبرني ابن وهب، عن مالك، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، رافع بن إسحاق، أنه سمع يقول: أبا أيوب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا ذهب أحدكم الغائط أو البول، فلا يستقبل القبلة بفرجه ولا يستدبرها.
[ ص: 441 ] قال وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب، فقالت: طائفة بظاهر هذه الأخبار، قالت: لا يجوز استقبال القبلة ولا استدبارها بغائط ولا بول في البراري والمنازل، هذا قول أبو بكر: وقال الثوري، أحمد: يعجبني أن يتوقى [ في ] الصحراء والبيوت، وكره مجاهد، ذلك. والنخعي
وحجة هذه الفرقة ظاهر هذه الأخبار التي فيها النهي عن العموم.
ورخصت طائفة في استقبال القبلة واستدبارها بالغائط والبول، هذا قول عروة ، وكان يقول: وأين أنت منها؟ وقد حكي هذا القول عن ربيعة.
واحتج بعض من يوافق هذا القول بحديث عائشة.
259 - حدثنا نا علي بن عبد العزيز، حجاج، نا حماد، نا عن خالد الحذاء، خالد بن أبي الصلت، قال: كنا عند فذكروا عمر بن عبد العزيز، فقال استقبال القبلة بالفروج، عراك بن مالك: إن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عنده أن ناسا يكرهون استقبال القبلة بفروجهم، فقال: "قد فعلوها استقبلوا بمقعدي القبلة" عائشة: . قالت
[ ص: 442 ] وبأحاديث قد ذكرنا أسانيدها في غير هذا الكتاب.
[ ص: 443 ] وقال بعضهم: الأشياء على الإباحة، وجاءت الأخبار في هذا الباب مختلفة، ولا يعرف ناسخها من منسوخها، فوجب إيقاف الخبرين، وحمل الأشياء على الإباحة التي كانت إذا خفي الناسخ من الخبرين.
وفرقت فرقة ثالثة بين استقبال القبلة واستدبارها في الصحاري والمنازل، فنهت عن ذلك في الصحاري، ورخصت فيه في المنازل، روي هذا القول عن وبه قال الشعبي، الشافعي، وإسحاق، وحكي عن هذا المعنى، حكى [ مالك عنه أنه سئل عن استقبال القبلة للغائط، أترى البيوت مثل الصحاري؟ قال: لا، ولا [ أرى ] في البيوت شيئا، وحكي ابن ] القاسم عنه أنه قال في البيوت: أحب عندي. ابن وهب
واحتج بعض من قال بهذا القول في النهي عن ذلك في الصحاري بخبر أبي أيوب، واحتج في الرخصة في ذلك في المنازل بحديث ابن عمر.
260 - حدثنا إبراهيم بن عبد الله، أنا أنا يزيد بن هارون، يحيى، أن محمد بن يحيى، أخبره أن عمه واسع بن حبان أخبره، عن قال: عبد الله بن عمر، لقد ظهرت يوما على ظهر بيت، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم جالسا [ ص: 444 ] على لبنتين مستقبل ابن عمر: بيت المقدس. ويقول ناس: إذا قعدت للغائط فلا تستقبل القبلة، ولا بيت المقدس، قال
ودفع حديث أبو ثور بأن قال: عائشة خالد بن أبي الصلت ليس بمعروف.
وقال أحمد: أما من ذهب إلى حديث فإن مخرجه حسن، وقال غير عائشة، أحمد: خالد معروف، قد روى عنه خالد الحذاء، والمبارك بن فضالة، وواصل مولى أبي [ عيينة ].
قال وأصح هذه المذاهب مذهب من فرق بين الصحاري والمنازل في هذا الباب، وذلك أن يكون ظاهر نهي النبي عليه السلام على العموم إلا ما خصت السنة مستثنى من جملة النهي، وإنما تكون الأخبار متضادة إذا جاءت جملة فيها ذكر النهي يقابل جملة ما فيها ذكر الإباحة، فلا يمكن استعمال شيء منها إلا بطرح ما ضادها، وسبيل هذا كسبيل نهي النبي عليه السلام عن بيع الثمر بالثمر جملة، ثم رخص في بيع العرايا بخرصها، فبيع العرية مستثنى من جملة نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمر بالثمر، وكذلك نهيه عن بيع ما ليس عند المرء، وإذنه في السلم. أبو بكر:
[ ص: 445 ] وهذا الوجه موجود في كثير من السنن، والله أعلم.
فلما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن نهيا عاما، واستقبل استقبال القبلة بالغائط والبول بيت المقدس مستدبرا الكعبة، كان إباحة ذلك مخصوصا في المنازل، مخصوصا من جملة النهي.