ذكر صفة الخطبة
قال : قد ذكرنا فيما مضى حديث أبو بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب، ولم يخطب كخطبتكم هذه، فدعا وصلى كما يصلي في العيد ركعتين، وروينا عن ابن عباس أنه عمر بن الخطاب فقالوا له: يا أمير المؤمنين ما رأيناك استسقيت؟ فقال: لقد طلبت القطر بمجاديح السماء التي يستنزل بها القطر قال: ( خرج يستسقي بالناس فما زاد على الاستغفار حتى رجع، فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ) ، ( استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ) .
وقد اختلفوا في فقالت طائفة: يخطب خطبتين يفصل بينهما بجلسة. [ ص: 373 ] كذلك قال خطبة الاستسقاء ، مالك . والشافعي
قال : يبدأ فيخطب الخطبة الأولى ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب بعض الخطبة الآخرة، مستقبل الناس في الخطبتين، ثم يحول وجهه إلى القبلة، ويحول رداءه، ويحول الناس أرديتهم معه، فيدعو سرا في نفسه ويدعو الناس معه، ثم يقبل على الناس بوجهه، فيحضهم ويأمرهم بخير، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعو للمؤمنين والمؤمنات، ويقرأ آية أو أكثر من القرآن ويقول: أستغفر الله لي ولكم. الشافعي
وكان يقول: يخطب في الاستسقاء خطبة خفيفة يعظهم ويحثهم على الخير. عبد الرحمن بن مهدي
وقال قائل: يقومون مع الإمام قياما يحولون أرديتهم ويدعون كذلك اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، لأن الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه دعا وحول رداءه وهو قائم"، والقائم المتضرع أذل من القاعد، فكلما كان أشد تذللا كان أقرب إلى الإجابة.