ذكر اختلاف أهل العلم فيمن خرج إلى سفر ثم رجع إلى حاجة ذكرها
اختلف أهل العلم في المرء يسافر فيقصر بعض الصلوات ثم يذكر حاجة فيرجع، فقالت طائفة: يتم الصلاة لأنه لم يبلغ سفرا يقصر فيه [ ص: 426 ] الصلاة، هكذا قال الثوري، وقال مالك : يتم الصلاة إذا رجع حتى يخرج فاصلا الثانية من بيته ويجاوز بيوت القرية.
وفيه قول ثان: قال الشافعي : في مسافر نابت له حاجة فرجع إلى أهله فحضرته الصلاة في طريقه، أو طريق أهله ذاهبا أو جائيا: قصر إلا أن يكون نوى في رجوعه المقام في أهله أربعا، ولو أتم كان أحب إلي، وقال أحمد: في رجل خرج مسافرا فبدا له في حاجة إلى بيته ليأخذها، فأدركته الصلاة، قال: هو مسافر إلا إذا كان له أهل، لأن ابن عباس قال: (إذا قدمت على أهل لك أو ماشية فأتم) ، قال الراوي عنه ذلك: راودته فقال: هو مسافر يقصر، قال إسحاق كما قال: إذا كان موضع الحاجة قدر ستة عشر فرسخا، فإن كان أقل لم يقصر، وإن أجمع من قريب أتم حتى يعود إلى موضعه.
قال أبو بكر : فإن بدا له أن يرجع تاركا لسفره وقد صلى بعض الصلوات قبل أن يبدو له في الرجوع، فإن طائفة قالت: تمت صلاته التي صلى ويتم في الصلاة، مرجعه إذا كان فيما لا يقصر إليه الصلاة، هذا قول سفيان الثوري ، وهذا يشبه مذهب الشافعي ، وبه قال أحمد. [ ص: 427 ]
وقد روينا عن الحسن أنه قال: إن كان في وقت صلاة أعاد تلك الصلاة، وإلا فقد مضت صلاته.
وكان الأوزاعي يقول: إذا سافر فسار عشرة أميال فصلى في ذلك الظهر والعصر ركعتين ركعتين، ثم بدا له أن يرجع إلى أهله يتم تلك الصلاتين ركعتين ركعتين.
قال أبو بكر : وقوله هذا قول ثالث.
قال أبو بكر : ليس عليه إعادة شيء مما صلى، لأنه أداها كما أمر ووجب عليه، وغير جائز أن يوجب عليه إذا فرض مرتين، ولا حجة مع من أوجب عليه إعادتها.


