101 - قال الشيخ: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد الشيرزي، أنا أنا زاهر بن أحمد، أنا أبو إسحاق الهاشمي، عن أبو مصعب، عن مالك، عن أبيه، عن سهيل بن أبي صالح، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أبي هريرة، " إن الله يرضى لكم ثلاثا، ويسخط لكم ثلاثا، يرضى لكم أن تعبدوه، ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا، [ ص: 203 ] وأن تناصحوا من ولى الله أمركم، ويسخط لكم: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال ".
هذا حديث صحيح أخرجه عن مسلم، عن شيبان بن فروخ، عن أبي عوانة، سهيل .
قوله: "قيل وقال" يريد: قيل وقول، جعل القال مصدرا، يقال: قلت قولا وقيلا وقالا، وفي قراءة ذلك عبد الله بن مسعود عيسى ابن مريم قال الحق.
وقيل في قوله: "قيل وقال" وجهان.
أحدهما: حكاية أقاويل الناس وأحاديثهم، والبحث عنها، فيقول: قال فلان كذا، وقيل لفلان كذا، وهو من باب التجسس المنهي عنه.
وقيل: هو فيما يرجع إلى أمر الدين، وذكر ما وقع فيه من الاختلاف، يقول: قال فلان كذا، وقال فلان كذا، من غير ثبت [ ص: 204 ] ويقين لكي يقلد ما سمعه، ولا يحتاط لموضع اختياره من تلك الأقاويل.
وقوله: "وإضاعة المال" قيل: هو الإنفاق في المعاصي، وهو السرف الذي نهى الله عنه، ويدخل فيه الإسراف في النفقة في البناء، ومجاوزة حد الاقتصاد فيه في الملبس والفرش، وتمويه الأواني والسقوف بالذهب والفضة، ويدخل فيه سوء القيام على ما يملكه من الرقيق والدواب حتى يضيع فيهلك، وقسمة ما لا ينتفع به الشريك، كاللؤلؤة والسيف يكسره، والحمام الصغير، والطاحونة الصغيرة التي تتعطل منفعتها بالقسمة، واحتمال الغبن الفاحش في البياعات ونحوها.
وقيل: هو دفع مال من لم يؤنس منه الرشد إليه، قال في قوله تعالى: ( الحسن فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ) ، قال: صلاح في دينه، وحفظ لماله.
وقوله: "وكثرة السؤال"، فإنها مسألة الناس أموالهم بالشره، وترك الاقتصاد فيه على قدر الحاجة، وقد يكون من السؤال عن الأمور، وكثرة البحث عنها، كما قال الله تعالى: ( لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ) ، وقال عز وجل: ( ولا تجسسوا ) .
وقد يكون من المتشابه الذي أمر بالإيمان بظاهره في قوله سبحانه وتعالى: ( فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب ) الآية. [ ص: 205 ] .