1231 - أخبرنا أنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أنا محمد بن يوسف، أنا محمد بن إسماعيل، أنا أبو اليمان، عن شعيب، أنا الزهري، خارجة بن زيد بن ثابت، قال: " لما نسخنا الصحف في المصاحف، فقدت آية من سورة [ ص: 516 ] الأحزاب زيد بن ثابت، كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها، لم أجدها مع أحد إلا مع أن خزيمة الأنصاري الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته شهادة رجلين ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ) ".
هذا حديث صحيح.
قوله: "لم أجدها مع أحد إلا مع خزيمة" ليس فيه إثبات القرآن بقول الواحد، لأن زيدا كان قد سمعها، وعلم موضعها من سورة الأحزاب بتعليم النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك غيره من الصحابة، فمنهم من نسيها، فلما سمع ذكر، وتتبعه الرجال في جمعه كان للاستظهار، لا لاستحداث العلم، فقد صح عن أنه سئل: من جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: أربعة كلهم من أنس الأنصار: أبي بن كعب، ومعاذ [ ص: 517 ] بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد.
وفي رواية: وأبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد، وأبو زيد.
وقد شركهم غيرهم فيه، وإن كان هؤلاء أشد اشتهارا.
وصح عبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبي بن [ ص: 518 ] كعب، ". ومعاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " استقرئوا القرآن من أربعة:
والقراء المعرفون أسندوا قراءتهم إلى الصحابة، فعبد الله بن كثير، ونافع أسندا إلى أبي بن كعب، وعبد الله بن عامر أسند إلى وأسند عثمان بن عفان، عاصم إلى علي، وعبد الله بن مسعود، وزيد، وأسند حمزة إلى عثمان وعلي، وهؤلاء قرؤوا على النبي صلى الله عليه وسلم، فثبت أن القرآن كان مجموعا محفوظا كله في صدور الرجال أيام حياة النبي صلى الله عليه وسلم مؤلفا هذا التأليف، إلا سورة براءة، قال قلت ابن عباس: لعثمان : ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال، وهي من المثاني وإلى براءة، وهي من المئين، فقرنتم بينهما، ولم تكتبوا بينهما سطر: بسم الله الرحمن الرحيم؟ فقال عثمان: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان، وتنزل عليه السور، وكان إذا نزل عليه الشيء، دعا بعض من كان يكتبه، فقال: ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، وكانت الأنفال من أوائل ما نزلت بالمدينة، وكانت براءة من آخر القرآن، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما، ولم أكتب بينهما سطر ( بسم الله الرحمن الرحيم. ) [ ص: 519 ] .
فثبت أن القرآن كان على هذا التأليف، ويشبه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم إنما ترك جمعه في مصحف واحد، لأن النسخ كان يرد على بعضه، ويرفع الشيء بعد الشيء من تلاوته، كما ينسخ بعض أحكامه، فلو جمعه، ثم رفعت تلاوة بعضه أدى ذلك إلى الاختلاف، واختلاط أمر الدين، فحفظه الله في القلوب إلى انقضاء زمان النسخ، ثم وفق لجمعه الخلفاء الراشدين. والجمع في زمان النبي صلى الله عليه وسلم