2116 - أخبرنا ، أنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، نا محمد بن يوسف ، نا محمد بن إسماعيل ، نا أبو نعيم زكريا ، قال: سمعت عامرا ، يقول: جابر ، " أنه كان يسير على جمل له قد أعيا، فمر النبي صلى الله عليه وسلم ، فضربه، فدعا له، فسار بسير ليس يسير مثله ، ثم قال: بعنيه بوقية. قلت: لا. ثم قال: بعنيه بوقية.
فبعته، فاستثنيت حملانه إلى أهلي، فلما قدمنا، أتيته بالجمل، ونقدني ثمنه، ثم انصرفت، فأرسل على أثري، قال: ما كنت لآخذ جملك فخذ جملك ذلك، فهو مالك " حدثني . [ ص: 159 ] .
هذا حديث متفق على صحته، أخرجه ، عن مسلم ، عن أبيه ، عن محمد بن عبد الله بن نمير زكريا .
واختلف أهل العلم فيمن باع دابته، واستثنى لنفسه ظهرها مدة، أو دارا واستثنى لنفسه سكناها مدة، فذهب قوم إلى أن البيع صحيح والشرط لازم، وهو قول ، الأوزاعي ، وابن شبرمة ، وأحمد وإسحاق ، وقال : إن استثنى مدة قريبة يجوز. مالك
واحتجوا بحديث جابر .
وذهب جماعة إلى أن البيع فاسد، وهو قول ، الشافعي وأصحاب الرأي ، لما روي عن جابر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الثنيا.
وأما قصة جابر ، وبيعه الجمل، فله تأويلان، أحدهما: أنه لم يكن استثنى ظهره في البيع شرطا، بل أعاره النبي صلى الله عليه وسلم بعد البيع، كما روينا في حديث ، أنه قال: "أخذته منك بوقية، اركبه " وروى سالم بن أبي الجعد ، عن شعبة المغيرة ، عن ، عن الشعبي جابر ، قال: " المدينة " بعت النبي صلى الله عليه وسلم جملا، وأفقرني ظهره إلى .
والإفقار في كلام العرب: إعارة الظهر [ ص: 160 ] للركوب، ومنه اشتق فقار الظهر.
وقال ، عن عطاء بن أبي رباح جابر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: المدينة " " قد أخذته، ولك ظهره إلى ، ويشبه أن يكون إنما رواه من رواه بلفظ الشرط، لأنه إذا وعده الإفقار والإعارة، كان ذلك أمرا لا يشك في الوفاء به، فعبر عنه بالشرط الذي لا خلف فيه.
والتأويل الثاني: أنه لم يكن جرى بينهما حقيقة بيع، فإنه لم يوجد هناك تسليم ولا قبض، وإنما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينفعه بشيء، فاتخذ بيع الجمل ذريعة إلى ذلك، بدليل أنه قال له حين أعطاه الثمن: . "ما كنت لآخذ جملك، فخذ جملك فهو مالك "
قال الإمام: ولو أكرى دابة، أو دارا من إنسان، ثم باعها يصح البيع على أصح قولي ، ومنفعتها مدة الإجارة للمكتري، لأنها كانت مستحقة له، فلا يتناولها البيع بخلاف ما لو استثناها لنفسه، فهو كما لو باع جارية، واستثنى لنفسه منفعة بضعها لا يصح البيع، ولو باع [ ص: 161 ] جارية قد زوجها من رجل آخر، صح البيع، ومنفعة بضعها للزوج. الشافعي
ويروى في حديث جابر ، أنه قال: لما قدمت المدينة أتيته به، فزادني وقية، ثم وهبه لي.
ويحتج بهذا من يجوز هبة المبيع من البائع قبل القبض، وهو قول جماعة من أهل العلم بخلاف البيع لا يجوز قبل القبض.