باب أخذ الأجرة على تعليم القرآن والرقية به.
2187 - أخبرنا ، أنا عبد الواحد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، نا محمد بن يوسف ، نا محمد بن إسماعيل سيدان بن مضارب أبو محمد الباهلي ، نا أبو معشر يوسف بن يزيد البراء ، حدثني عبيد الله بن الأخنس أبو مالك ، عن ، عن ابن أبي مليكة ، أن نفرا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مروا بماء فيهم لديغ، أو سليم، فعرض لهم رجل من أهل الماء، فقال: هل فيكم من راق؟ إن في الماء رجلا لديغا، أو سليما، فانطلق رجل منهم، فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء فبرأ، فجاء بالشاء إلى أصحابه، فكرهوا ذلك، وقالوا: أخذت على كتاب الله أجرا حتى قدموا ابن عباس المدينة ، فقالوا: يا رسول الله أخذ على كتاب الله أجرا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله " .
هذا حديث صحيح. [ ص: 268 ] .
قال الشيخ الإمام: في الحديث دليل على جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن، وجواز شرطه، وإليه ذهب ، عطاء والحكم ، وبه قال ، مالك ، والشافعي ، قال وأبو ثور الحكم : ما سمعت فقيها يكرهه.
وفيه دليل على جواز الرقية بالقرآن، وبذكر الله، وأخذ الأجرة عليه، لأن القراءة والفقه من الأفعال المباحة، وفيه إباحة أجر الطبيب والمعالج.
وذهب جماعة من أهل العلم إلى أن أخذ الأجرة والعوض، على تعليم القرآن غير مباح، وهو قول ، الزهري وأبي حنيفة ، وإسحاق ، وقال ، عن منصور إبراهيم : أنه كره أجر المعلم، وقال : لا بأس به ما لم يشترط. جابر بن زيد
واحتجوا بما روي ، عن ، قال: قلت يا رسول الله رجل أهدى إلي قوسا ممن كنت أعلمه الكتاب والقرآن، وليست بمال، فأرمي عليها في سبيل الله؟ قال: عبادة بن الصامت " إن كنت تحب أن تطوق طوقا من نار فاقبلها " .
ومن أباحه، تأول الحديث على أنه كان تبرع به، ونوى الاحتساب فيه، ولم يكن قصده وقت التعليم إلى طلب عوض ونفع، فحذره النبي صلى الله عليه وسلم إبطال أجره وحسبته، كما لو رد ضالة إنسان حسبة لم يكن له أن يأخذ عليه عوضا، فأما إذا لم يحتسب، وطلب عليه الأجرة، فجائز بدليل حديث . ابن عباس
وذهب قوم إلى أنه لا بأس بأخذ المال ما لم يشترط، وهو قول ، الحسن ، وابن سيرين . [ ص: 269 ] . والشعبي
وقال بعض أهل العلم: أخذ الأجرة على تعليم القرآن له حالان، فإذا كان في المسلمين غيره ممن يقوم به، حل له أخذ الأجرة على تعليم القرآن، لأنه غير متعين عليه، وإن كان في حال أو موضع لا يقوم به غيره، لم يحل له أخذ الأجرة عليه، وتأول على هذا اختلاف الأخبار فيه، ويستدل بحديث من يرى بيع المصاحف، وأخذ الأجرة على كتبتها. ابن عباس
واختلف أهل العلم في بيع المصاحف، قال : بئس التجارة بيع المصاحف وكتابتها بالأجر، ويروى عنه، أنه كان يقول: وددت أن الأيدي تقطع في بيع المصاحف، وكره بيعها وشراءها ابن عمر علقمة وشريح وابن سيرين ، وكرهت طائفة بيعها ورخصوا في شرائها، روي ذلك عن والنخعي ، وبه قال ابن عباس ، سعيد بن جبير والحكم ، وقال : الأمر في شرائها أهون، وما أعلم في بيعها رخصة. أحمد بن حنبل
ورخص أكثر الفقهاء في بيعها وشرائها، وهو قول ، الحسن ، والشعبي وعكرمة ، وإليه ذهب ، سفيان الثوري ومالك ، ، والشافعي وأصحاب الرأي .