باب الطلاق على الهزل.
2356 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي، أنا أبو الحسن الطيسفوني، أنا عبد الله بن عمر الجوهري، أنا أحمد بن علي الكشميهني، نا نا علي بن حجر، عن إسماعيل بن جعفر، ابن حبيب بن أردك، عن عن عطاء بن أبي رباح، ابن ماهك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: " ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد: الطلاق، والنكاح، والرجعة ". أبي هريرة، عن [ ص: 220 ] .
قال هذا حديث حسن غريب، أبو عيسى: وابن ماهك عندي هو يوسف بن ماهك، وابن حبيب بن أردك هو عبد الرحمن بن حبيب.
قال الإمام : اتفق أهل العلم على أن طلاق الهازل يقع ، وإذا جرى صريح لفظ الطلاق على لسان العاقل البالغ لا ينفعه أن يقول : كنت فيه لاعبا أو هازلا ، لأنه لو قبل ذلك منه ، لتعطلت الأحكام ، ولم يشأ مطلق ، أو ناكح ، أو معتق أن يقول : كنت في قولي هازلا ، إلا قال ، فيكون في ذلك إبطال أحكام الله تعالى ، فمن تكلم بشيء مما جاء ذكره في هذا الحديث ، لزمه حكمه ، وخص هذه الثلاث بالذكر ، لتأكيد أمر الفرج ، والله أعلم .
واتفق أهل العلم على أن لا يقع ، قال طلاق الصبي ، والمجنون علي : ألم تعلم أن القلم رفع عن ثلاثة : عن المجنون حتى يفيق ، وعن الصبي حتى يدرك ، وعن النائم حتى يستيقظ ، ويروى هذا من علي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : [ ص: 221 ] " رفع القلم عن ثلاث" .
أو حلف بالله أن لا يفعل كذا ، ففعله ناسيا ، فذهب جماعة إلى أنه لا يحنث ، وهو قول واختلف أهل العلم فيمن علق طلاق امرأته ، أو عتق عبده على فعل من أفعاله ، ففعله ناسيا ، عطاء ، وعمرو بن دينار ، وأحد قولي والشعبي ، وتلا الشافعي ، ( الشعبي لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) ، وذهب قوم إلى أنه يحنث ، وهو قول مكحول ، وقتادة ، وإليه ذهب والزهري ، الأوزاعي ، ومالك ، وابن أبي ليلى ، والثوري ، وأصحاب الرأي ، في أحد قوليه ، وكان والشافعي يحنث في الطلاق ، ويقف عن إيجاب الحنث في سائر الأيمان ، قال أحمد بن حنبل سألت شعبة : الحكم وحمادا عن الرجل يمر بالعشار ومعه رقيق ، يقول : هم أحرار ، قال الحكم : ليس بشيء ، وقال حماد : أخشى أن يعتقوا .
قال الإمام : وهذا قياس قول أهل العلم .
واختلف أهل العلم في طلاق المكره ، فذهب جماعة إلى أنه لا يقع ، وكذلك لا يصح إعتاقه ، ولا شيء من تصرفاته بالإكراه ، لما روي عن صفية بنت شيبة ، قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : [ ص: 222 ] " لا طلاق ولا عتاق في إغلاق" . عائشة ، عن
ومعنى الإغلاق ، قيل : هو الإكراه ، كأنه يغلق عليه الباب ، ويحبس حتى يطلق .
وهو قول عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن عباس ، وبه قال وعبد الله بن الزبير ، شريح ، وعطاء ، وطاوس ، وجابر بن زيد ، والحسن ، والشعبي ، وعمر بن عبد العزيز ، والقاسم ، وسالم ، وإليه ذهب مالك ، والأوزاعي ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق .
وذهب قوم إلى أن واقع ، وهو قول طلاق المكره النخعي ، وقتادة ، وإليه ذهب والزهري ، أصحاب الرأي ، وقال القيد كره ، والوعيد كره . شريح :
وقال الكره : القتل ، أو الضرب الشديد ، والتخويف بقتل الأب ، أو الابن ، أو الأخ ليس بإكراه . أحمد :
وقال بعضهم : هو إكراه في جميع الأمور .
واتفقوا على من أكره على الردة ، فتلفظ بها ، لا يكفر ، لقوله سبحانه وتعالى : ( إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) .
واختلفوا في فذهب بعض أهل العلم إلى أن طلاقه لا يقع ، لأنه لا يعقل ، كالمجنون ، وهو قول طلاق السكران ، عثمان ، وبه قال وابن عباس ، القاسم بن محمد ، وطاوس ، وعمر بن عبد العزيز ، ويحيى بن [ ص: 223 ] سعيد ، وإليه ذهب والليث بن سعد ، ربيعة ، وأبو يوسف ، وإسحاق ، وأبو ثور ، والمزني .
وذهب آخرون إلى أن طلاقه واقع ، لأنه عاص لم يزل عنه به الخطاب ، ولا الإثم ، بدليل أنه يؤمر بقضاء الصلوات ، ويأثم بإخراجها عن وقتها ، وبه قال علي ، وروي ذلك عن سعيد بن المسيب ، وسليمان بن يسار ، وعطاء ، والحسن ، والشعبي ، والنخعي ، وابن سيرين ، وهو قول ومجاهد ، مالك ، والثوري ، وظاهر مذهب والأوزاعي ، الشافعي ، وأبي حنيفة ، وقالوا : لو قتل قتل ، واحتجوا بأن الصحابة بلغوا حد السكران حد المفتري ، لأنه إذا سكر افترى ، فلولا أنه مؤاخذ بافترائه ، لم يحدوه حد المفترين ، وقال هؤلاء : أقواله لازمة .
إلا أنهم توقفوا في قتله إذا ارتد في حال السكر استيناء به ليتوب في صحوه ، وهو لو ارتد صاحيا ، لاستتيب ، ولم يقتل في فوره ، فكذلك إذا ارتد وهو سكران يستتاب في حال ما يعقل .