باب المن والفداء .
فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ) ، أي : سلاحها ، وأصل الوزر : ما يحمله الإنسان ، وسمي السلاح أوزارا ، لأنه [ ص: 80 ] يحمل ، ومنه قوله سبحانه وتعالى : ( قال الله سبحانه وتعالى : ( يحملون أوزارهم ) ، أي : ثقل ذنوبهم .
وقال في قوله عز وجل : ( سعيد بن جبير حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء ) ، قال : لا يفادى أسيرهم ، ولا يمن عليهم حتى يثخن فيهم القتل ، وقال في قوله سبحانه وتعالى : ( حتى تضع الحرب أوزارها ) : خروج عيسى عليه السلام .
2712 - أخبرنا أنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي، نا محمد بن يوسف، نا محمد بن إسماعيل، نا عبد الله بن يوسف، نا الليث، سمع سعيد بن أبي سعيد، قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلا قبل أبا هريرة، نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة، يقال له: ثمامة بن أثال، فربطوه في سارية من سواري المسجد، فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم، [ ص: 81 ] "ما عندك يا ثمامة؟" فقال: عندي خير يا محمد، إن تقتلني تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال، فسل منه ما شئت حتى كان الغد، ثم قال له: "ما عندك يا ثمامة"؟ قال: ما قلت لك: إن تنعم تنعم على شاكر، فتركه، حتى كان بعد الغد، فقال: "ما عندك يا ثمامة؟" فقال: عندي ما قلت لك، قال: "أطلقوا ثمامة"، فانطلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل، ثم دخل المسجد، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، يا محمد، والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي، والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك، فأصبح دينك أحب الدين إلي، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد إلي، وإن خيلك أخذتني، وأنا أريد العمرة، فماذا ترى؟ "فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمره أن يعتمر"، فلما قدم مكة، قال له قائل: صبوت، قال: لا، ولكن أسلمت مع [ ص: 82 ] محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذا حديث متفق على صحته، أخرجه عن مسلم، عن قتيبة، ليث.
وفيه دليل على جواز وجواز المن على الكافر ، وإطلاقه بغير المال ، دخول المشرك المسجد ، وربط الأسير في المسجد .