309 - أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي، أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال، نا أبو العباس الأصم.
ح وأخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، ومحمد بن أحمد العارف، قالا: أنا نا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري، أنا أبو العباس الأصم، أنا الربيع، أنا الشافعي، عن إبراهيم بن محمد، عن عباد بن منصور، [ ص: 111 ] أبي رجاء العطاردي، عن عمران بن الحصين، "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر رجلا كان جنبا أن يتيمم، ثم يصلي، فإذا وجد الماء اغتسل".
هذا حديث متفق على صحته، أخرجه عن محمد، عن أبي الوليد، سلم بن زرير، وأخرجه عن مسلم، عن أحمد بن سعيد الدارمي، عن عبيد الله بن عبد المجيد، سلم بن زرير، عن أبي رجاء.
وعمران بن الحصين أبو نجيد أبو الخزاعي الأزدي نزل البصرة.
وأبو رجاء العطاردي: اسمه عمران بن ملحان، ويقال: عمران بن عبد الله، ويقال: عمران بن تيم البصري.
وروي قال: كانت تصيبني الجنابة فأمكث الخمس والست، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الصعيد الطيب وضوء المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، وإذا وجد الماء فليمسه بشره". أبي ذر، عن [ ص: 112 ] .
قال الإمام رضي الله عنه: وفي حديث عمار دليل على أن كما يكفي للمحدث، فمسح الوجه واليدين بالتراب تارة يكون بدلا عن غسل أعضاء الوضوء في حق المحدث، وتارة يكون بدلا عن غسل جميع البدن في حق الجنب، والحائض، والميت، عند العجز عن استعمال الماء لعدم، أو مرض يخاف منه الهلاك أو زيادة المرض، وتارة يكون بدلا عن غسل لمعة من بدنه بأن كان على عضو من أعضاء طهارته جرح يخاف من إيصال الماء إليه الهلاك، أو تلف العضو، أو زيادة الوجع، فعليه أن يغسل الصحيح من أعضائه، ويتيمم بالتراب على الوجه واليدين بدلا عن غسل موضع الجرح. مسح الوجه واليدين كاف للجنب
وإذا ضرب يده على التراب، فعلق بها تراب كثير، فلا بأس أن ينفخ فيها حتى يخف ما عليها من التراب، كما جاء في الحديث، فلو أزال بالنفخ جميع ما عليها من التراب لم يصح تيممه عند بعض أهل العلم، وهو قول وذهب بعضهم إلى أنه يجوز، وهو قول الشافعي، أصحاب الرأي، حتى قالوا: لو ضرب يده على صخرة صماء لا غبار عليها، فمسح وجهه ويديه جاز، والأول أولى، لقوله سبحانه وتعالى: [ ص: 113 ] ( فتيمموا صعيدا طيبا ) ، قال " الصعيد: هو التراب ". ابن عباس:
وروي حذيفة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لنا الأرض كلها مسجدا، وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء". عن
خص التراب بكونه طهورا، وعن هذا قال "لا يصح الشافعي: إنما يجوز بما يقع عليه اسم التراب من كل أرض سبخها ومدرها وبطحائها وغيره مما يعلق باليد منه غبار". التيمم بالزرنيخ، والنورة، والجص، ونحوه،
وجوز أصحاب الرأي التيمم بالزرنيخ والجص والنورة وغيرها من طبقات الأرض، لما روي عن جابر، وهذا الحديث مجمل، وحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "جعلت الأرض مسجدا وطهورا"، حذيفة مفسر، والمفسر من الحديث يقضي على المجمل.
وفي حديث عمار دليل على أن التيمم ضربة واحدة للوجه والكفين، [ ص: 114 ] وهو قول علي، وابن عباس، وعمار، ومن التابعين قول الشعبي، وعطاء بن أبي رباح، وبه قال ومكحول، الأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وجماعة من أصحاب الحديث.
وما روي عن عمار، أنه قال: "تيممنا إلى المناكب" فهو حكاية فعله، لم ينقله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الإمام: كما حكى عن نفسه التمعك في حال الجنابة، فلما سأل النبي صلى الله عليه وسلم، وأمره بالوجه والكفين انتهى إليه، وأعرض عن فعله.
وذهب جماعة إلى أن التيمم ضربتان: ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين، وهو قول عبد الله بن عمر، وجابر، ومن التابعين قول سالم بن عبد الله بن عمر، والحسن، وبه قال وإبراهيم النخعي، مالك، وسفيان الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأصحاب الرأي، واحتجوا بحديث ابن الصمة، وهو ما.