3282 - وأخبرنا أبو بكر محمد بن محمد بن علي الطوسي، نا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الإسفراييني، أنا محمد بن محمد بن ورمويه، نا أبو زكريا يحيى بن محمد بن غالب، نا أخبرنا يحيى بن يحيى، عن هشيم، بهذا الإسناد، وقال: "الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر، فإذا عبرت، وقعت". يعلى بن عطاء،
قال: وأحسبه قال: "ولا يقصها إلا على واد، أو ذي رأي، والرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة".
قال أبو إسحاق الزجاج في قوله: "لا يقصها إلا على واد، أو ذي رأي" الواد لا يحب أن يستقبلك في تفسيرها إلا بما تحب، وإن لم يكن عالما بالعبارة، لم يعجل لك بما يغمك، وأما ذو الرأي، فمعناه ذو العلم بعبارتها، فهو يخبرك بحقيقة تفسيرها، أو بأقرب ما يعلم منها، ولعله أن يكون في تفسيرها موعظة تردعك عن قبيح أنت عليه، أو يكون فيها بشرى، فتشكر الله عليها.
قوله: "والقيد ثبات في الدين" وذلك لأن القيد يمنع صاحبه عن النهوض والتقلب، كذلك وهذا إذا كان مقيدا في مسجد، أو في سبيل من سبل [ ص: 215 ] الخير، أو عمل من أعمال البر، فإن رآه مسافر، فهو إقامة عن السفر، وكذلك إذا رأى دابته مقيدة، فإن رآه مريض، أو محبوس، طال مرضه وحبسه، أو مكروب طال كربه. الورع يمنع صاحبه من النهوض والتقلب فيما لا يوافق الدين،
وروى أيوب، عن مرسلا أبي قلابة، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "إن الرؤيا تقع على ما عبر، ومثل ذلك كمثل رجل رفع رجله، فهو ينتظر متى يضعها، فإذا رأى أحدكم رؤيا، فلا يحدث بها إلا ناصحا، أو عالما".
وروي عن قال: جاء رجل إلى قتادة، فقال: إني رأيت كأني أعشبت، ثم أجدبت، ثم أعشبت، ثم أجدبت، فقال له عمر بن الخطاب، عمر: أنت رجل تؤمن، ثم تكفر، ثم تؤمن، ثم تكفر، ثم تموت كافرا، فقال الرجل: لم أر شيئا، فقال عمر: قد قضي لك ما قضي لصاحب يوسف.
والغل: كفر، لقوله سبحانه وتعالى: ( غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا ) ، وقوله تعالى: ( إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا ) ، وقد يكون بخلا؛ لقوله عز وجل: ( ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ) ، وقد يكون كفا عن المعاصي إذا كان في الرؤيا ما يدل على الصلاح، بأن يرى ذلك لرجل صالح، روي أن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين سلمان، فرأى وأبي بكر، سلمان رؤيا، فأعرض عنه، فقال له لأبي بكر يا أخي، ما لك قد أعرضت عني؟ فقال: إني رأيت يديك قد جمعتا إلى عنقك، فقال: الله أكبر، جمعت يداي عن الشر إلى يوم القيامة. [ ص: 216 ] . أبو بكر: