باب شهادة الأعضاء.
قال الله سبحانه وتعالى: ( اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم ) ، وقال جل ذكره: ( هذا يوم لا ينطقون ) .
سئل عن " قوله: ( ابن عباس لا ينطقون ) ، وقوله عز وجل: ( والله ربنا ما كنا مشركين ) ، فقال: إنه ذو ألوان، مرة ينطقون، ومرة يختم عليهم ". [ ص: 145 ] .
وقال سبحانه وتعالى: ( فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان ) ، أي: لا يسأل سؤال الاستعلام، ولكن يسألهم تقريرا وإلزاما للحجة، كما قال سبحانه وتعالى: ( فوربك لنسألنهم أجمعين ) .
وقال جل ذكره: ( بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره ) ، أي: على نفسه جوارح بصيرة بما جنى عليها، وهو قوله سبحانه وتعالى: ( يوم تشهد عليهم ألسنتهم ) .
وقوله: ( ولو ألقى معاذيره ) ، أي: ولو أدلى بكل حجة، وقيل: ولو اعتذر بكل عذر، وقيل: ولو ألقى ستوره.
والمعذار: الستر، وليس هذا من بصر العين، بل هو من قولهم: فلان بصير بالعلم، ومن ذلك قوله سبحانه وتعالى: ( فبصرك اليوم حديد ) ، أي: علمك بما أنت فيه نافذ.
وقال ، " في قوله عز وجل: ( الحسن كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ) ، قال: لكل آدمي في عنقه قلادة، يكتب فيها نسخة عمله، فإذا مات، طويت وقلدها، وإذا [ ص: 146 ] بعث نشرت له، وقيل له: ( اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ) ، ابن آدم أنصفك من جعلك حسيب نفسك.
وقال سبحانه وتعالى: ( من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ) ، أي: لا صداقة، وهي المخالة والخلال، ومنه قوله سبحانه وتعالى: ( لا بيع فيه ولا خلال ) ، وقوله سبحانه وتعالى: ( فترى الودق يخرج من خلاله ) ، هي جمع خلل مثل جبل وجبال، وقوله عز وجل: ( ولأوضعوا خلالكم ) ، قال الزجاج : أي: أسرعوا فيها يخل بكم، وقيل: لأوضعوا مراكبكم خلالكم، أي: وسطكم.
4328 - أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أبو الحسين محمد بن عمر بن حفصويه السرخسي ، سنة خمس وثمانين وثلاث مائة، أنا أبو يزيد حاتم بن محبوب ، نا ، نا عبد الجبار بن العلاء ، قال: سمعه سفيان معي من روح بن القاسم ، عن أبيه، سهيل بن أبي صالح ، قال: سأل الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال: "هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ليس في سحاب؟ " قالوا: لا يا رسول الله. أبي هريرة
قال: "فهل تضارون في رؤية [ ص: 147 ] الشمس عند الظهيرة ليست في سحاب؟" قالوا: لا يا رسول الله.
قال: "والذي نفسي بيده، لا تضارون في رؤية ربكم، كما لا تضارون في رؤيتهما " ، قال: " فيلقى العبد، فيقول: أي فل ألم أكرمك؟ ألم أسودك؟ ألم أزوجك؟ ألم أسخر لك الخيل والإبل، وأتركك تترأس وتتربع؟ قال: بلى يا رب.
قال: فظننت أنك ملاقي؟ قال: لا يا رب.
قال: فاليوم أنساك كما نسيتني.
قال: فيلقى الثاني، فيقول: ألم أسخر لك الخيل والإبل، وأتركك تترأس وتتربع؟ قال: فيقول: بلى يا رب.
قال: فظننت أنك ملاقي؟ فيقول: يا رب لا.
قال: فاليوم أنساك كما نسيتني.
قال: ثم يلقى الثالث، فيقول: ما أنت؟ فيقول: أنا عبدك، آمنت بك، وبنبيك، وبكتابك، وصمت، وصليت، وتصدقت، ويثني بخير ما استطاع.
فيقال له: أفلا نبعث عليك شاهدنا؟ قال: فيفكر في نفسه من الذي يشهد عليه، فيختم على فيه، ويقال لفخذه: انطقي، قال: فتنطق فخذه، ولحمه، وعظامه بما [ ص: 148 ] كان يعمل، قال: وذلك المنافق، وذلك ليعذر من نفسه، وذلك الذي سخط الله عليه، قال: ثم ينادي مناد: ألا اتبعت كل أمة ما كانت تعبد، قال: فتتبع أولياء الشياطين الشياطين، قال: واتبعت اليهود والنصارى أولياءهم إلى جهنم، قال: ثم نبقى أيها المؤمنون، ثم نبقى أيها المؤمنون، ثم نبقى أيها المؤمنون، فيأتينا ربنا وهو ربنا، فيقول: علام هؤلاء قيام؟ فنقول: نحن عباد الله المؤمنون، وعبدناه وهو ربنا، وهو آتينا ويثيبنا، وهذا مقامنا، فيقول: أنا ربكم فامضوا، قال: فيوضع الجسر وعليه كلاليب من النار، تخطف الناس، فعند ذلك حلت الشفاعة لي، اللهم سلم سلم، قال: فإذا جاوزوا الجسر، فكل من أنفق زوجا من المال مما يملك في سبيل الله، فكل خزنة الجنة تدعوه: يا عبد الله ، يا مسلم هذا خير، فتعال.
قال : يا رسول الله، إن ذلك لعبد لا توى عليه، يدع بابا ويلج من آخر. أبو بكر
فضرب النبي صلى الله عليه وسلم على منكبيه، قال: "والذي نفسي بيده، إني لأرجو أن تكون منهم " عن .
قال عبد الجبار: أملاه علي ، وأنا مع أبي . سفيان
أخرجه ، [ ص: 149 ] عن مسلم محمد بن أبي عمرو ، عن ، عن سفيان سهيل ، إلى قوله: " وذلك الذي سخط الله عليه " .
قوله: " تترأس وتتربع " ، ويروى: " ترأس وتربع " ، ترأس، أي: تكون رئيسهم، وتربع، أي: تأخذ المرباع من أموالهم، وهو الربع من رأس ما غنموه، إذا غزا بعضهم بعضا، كان الرئيس في الجاهلية يأخذه خالصة دون أصحابه.
ويروى: " تربع وتدسع " ، أي: تعطي فتجزل، والعرب تقول للجواد: هو ضخم الدسيعة وهي الجفنة، وقيل: هي المائدة الكريمة.