755 - أخبرنا أنا أبو عثمان الضبي، حدثنا أبو محمد الجراحي، نا أبو العباس المحبوبي، ، نا أبو عيسى نا محمد بن بشار، محمد بن خالد بن عثمة، نا ، حدثني إبراهيم بن سعد ، عن محمد بن إسحاق مكحول ، عن عن كريب، ، عن ابن عباس ، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: عبد الرحمن بن عوف "إذا سها أحدكم في صلاته، فلم يدر واحدة صلى أو ثنتين، فليبن على واحدة، فإن لم يدر ثنتين صلى أو ثلاثا، فليبن على ثنتين، فإن لم يدر ثلاثا صلى أو أربعا، فليبن على ثلاث، وليسجد سجدتين قبل أن يسلم". [ ص: 283 ] .
هذا حديث حسن صحيح.
قلت: هذا الحديث يشتمل على حكمين.
أحدهما: أنه إذا يأخذ بالأقل، والثاني: أن محل سجود السهو قبل السلام. شك في صلاته، فلم يدر كم صلى،
أما الأول، فأكثر العلماء على أنه يبني على الأقل، ويسجد للسهو، وذهب أصحاب الرأي إلى أنه يتحرى، ويأخذ بغلبة الظن، فإن غلب على ظنه أنها ثالثته أضاف إليها ركعة أخرى، وإن كان غالب ظنه أنها رابعته، فيأخذ به، هذا إذا كان يعتريه الشك مرة بعد أخرى، فإن كان ذلك أول مرة سها، فعليه أن يستأنف الصلاة عندهم، واحتجوا في التحري بما روي عن ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: عبد الله بن مسعود "إذا شك أحدكم في صلاته، فليتحر الصواب، فليتم عليه، ثم يسلم ويسجد سجدتين".
هذا حديث صحيح. [ ص: 284 ] .
ومن ذهب إلى البناء على اليقين قال: حديث ، أبي سعيد مفسر يصرح بالبناء على اليقين، فالأخذ به أولى. وعبد الرحمن بن عوف
ومعنى التحري المذكور في حديث عند أصحاب ابن مسعود : هو البناء على اليقين على ما جاء مفسرا في حديث الشافعي ، لأن حقيقة التحري: هو طلب أحرى الأمرين، وأولاهما بالصواب، وأحراهما هو البناء على اليقين، لما فيه من الأخذ بالاحتياط في إكمال الصلاة. أبي سعيد
وقد يكون التحري بمعنى اليقين، كما قال الله سبحانه وتعالى: ( فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا ) .
وأما محل سجود السهو، فقد اختلف الإخبار فيه، فرواه أبو سعيد الخدري، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن بحينة قبل السلام، ورواه ، ابن مسعود بعد السلام. وأبو هريرة
وعن هذا الاختلاف تشعبت مذاهب الفقهاء، فذهب أكثر [ ص: 285 ] فقهاء المدينة مثل ، يحيى بن سعيد وربيعة ، وغيرهما إلى أنه يسجدهما قبل السلام، وبه قال ، وغيره من أهل الحديث، وجعلوا حديث الشافعي ، أبي سعيد وابن بحينة ناسخا لغيره.
روي عن أنه قال: كل قد فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أن تقديم السجود قبل السلام آخر الأمرين. الزهري
وروى ، أن محمد بن إبراهيم ، وأبا السائب القارئ كانا يسجدان سجدتي السهو قبل السلام. أبا هريرة
وذهب قوم إلى أنه يسجد بعد السلام، وبه قال ، وأصحاب الرأي، لحديث سفيان الثوري . ابن مسعود
وقال إن كان سهوه بزيادة زادها في الصلاة، سجد بعد السلام، لحديث ذي اليدين، وإن كان سهوه بنقصان، سجد قبل السلام، لحديث مالك: ابن بحينة ، وقال: كل حديث ورد في سجود السهو، يستعمل في موضعه، فإن ترك التشهد الأول سجد قبل السلام، لحديث ابن بحينة ، وإن صلى الظهر خمسا سجد بعد السلام، لحديث ، وكذلك إن سلم عن الركعتين سجد بعد السلام، لحديث [ ص: 286 ] ابن مسعود ، وكذلك قال أبي هريرة إسحاق .
أما كل سهو ليس فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر، فعند أحمد: يسجد قبل السلام، وعند إسحاق : إن كان زيادة، فيسجد بعد السلام، وإن كان نقصانا فقبل السلام.
وقال فيمن شك لم يدر كم صلى؟ يترك الشك. أحمد
وترك الشك على وجهين: أحدهما: إلى اليقين، والآخر: إلى التحري، فمن رجع إلى اليقين، وطرح الشك، سجد قبل السلام على حديث ، وإذا رجع إلى التحري، سجد بعد السلام على حديث أبي سعيد . [ ص: 287 ] . ابن مسعود