الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            837 - أخبرنا عمر بن عبد العزيز ، أنا القاسم بن جعفر ، أنا أبو علي اللؤلؤي، نا أبو داود ، نا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا حسين بن عيسى الحنفي، نا الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليؤذن لكم خياركم، وليؤمكم قراؤكم". [ ص: 400 ] .

                                                                            وروي عن عبد الله بن عمر ، قال: "كان سالم مولى أبي حذيفة ، يؤم المهاجرين الأولين في مسجد قباء قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم، وكان أكثرهم قرآنا".

                                                                            وحضر ابن عمر مسجدا، إمام ذلك المسجد مولى، فقال له المولى: تقدم فصل، فقال عبد الله: "أنت أحق أن تصلي في مسجدك".

                                                                            قلت: وتجوز إمامة العبد، روي عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، أنهم كانوا يأتون عائشة أم المؤمنين بأعلى الوادي هو، وعبيد بن عمير ، والمسور بن مخرمة ، وناس كثير، فيؤمهم أبو عمرو مولى عائشة ، وأبو عمرو غلامها حينئذ لم يعتق.

                                                                            وروي أن عائشة ، كان يؤمها عبدها ذكوان من المصحف، [ ص: 401 ] وعن عروة، أن ذكوان أبا عمرو، وكان عبدا لعائشة ، أعتقته عن دبر منها يقوم يقرأ لها في رمضان.

                                                                            واختلف الناس في إمامة الصبي الذي يعقل الصلاة، فأجاز قوم، منهم الحسن، وبه قال إسحاق بن راهويه ، وقال الشافعي : يؤم الصبي إلا في الجمعة.

                                                                            وكره قوم الصلاة خلفه، منهم الشعبي ، وبه قال مالك، والثوري ، والأوزاعي ، وأحمد، وأصحاب الرأي، وقال الزهري : إذا اضطروا إليهم أمهم.

                                                                            واحتج من أجازه بما روي عن عمرو بن سلمة ، قال: انطلق أبي وافدا إلى النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من قومه، فعلمهم الصلاة، وقال: "يؤمكم أقرؤكم" فنظروا، فلم يكن أحد أكثر قرآنا مني، لما كنت أتلقى من الركبان، فقدموني بين أيديهم، وأنا ابن ست، أو سبع سنين، وكان أحمد يضعف أمر عمرو بن سلمة . [ ص: 402 ] .

                                                                            قلت: ولا بأس بإمامة الأعمى، لما روي عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم "استخلف ابن أم مكتوم يؤم الناس وهو أعمى".

                                                                            وأجازوا إمامة ولد البغي والمبتدع، قال الحسن: صل وعليه بدعته.

                                                                            وقال مالك، عن يحيى بن سعيد : إن رجلا كان يؤم الناس بالعقيق، فأرسل إليه عمر بن عبد العزيز فنهاه.

                                                                            قال مالك: إنما نهاه، لأنه كان [ ص: 403 ] لا يعرف من أبوه.

                                                                            قال عبيد الله بن عدي بن الخيار لعثمان وهو محصور: " إنك إمام عامة، ونزل بك ما ترى، ويصلي لنا إمام فتنة ونتحرج، فقال: الصلاة أحسن ما يعمل الناس، فإذا أحسن الناس، فأحسن معهم، وإذا أساؤوا فاجتنب إساءتهم ".

                                                                            قال الزهري : لا نرى أن يصلى خلف المخنث إلا من ضرورة لا بد منها. [ ص: 404 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية