[ ص: 281 ] الفصل السادس
في
nindex.php?page=treesubj&link=21768كيفية ملازمة الحكمة لضابطها وبيان أقسامها
فنقول : الحكمة اللازمة لضابطها إما أن تكون ناشئة عنه ، وإما أن لا تكون ناشئة عنه .
والتي لا تكون ناشئة عنه : إما أن تكون للوصف دلالة على الحاجة إليها ، أو لا تكون كذلك .
فالأول كشرع الرخصة في السفر لدفع المشقة الناشئة من السفر .
والثاني : كالحكم بصحة البيع بإفضائه إلى الانتفاع بالعوض ، فإن الانتفاع لازم لصحة البيع ظاهرا وليس ناشئا عن البيع ، ولكن للبيع ، وهو التصرف الصادر من الأهل في المحل ، وهو الإيجاب والقبول دلالة على الحاجة إليه .
والثالث : كما في ملك نصاب الزكاة فإنه يناسب إيجاب الزكاة من حيث إنه نعمة ، والنعمة تناسب الشكر لإفضاء الشكر إلى زيادة النعمة على ما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=7لئن شكرتم لأزيدنكم ) ، والزكاة صالحة لأن تكون شكرا لما فيها من إظهار النعمة ، وإظهار النعمة في العرف يعد شكرا .
ولا يخفى أن ما مثل هذا المقصود
[1] وهو زيادة النعمة ملازم لترتيب إيجاب الزكاة على ذلك النصاب ، وليس زيادة النعمة ناشئة عن نفس ملك النصاب ، كما كانت المشقة ناشئة عن السفر ، ولا لملك النصاب دلالة على الحاجة إلى زيادة النعمة كدلالة البيع على الحاجة إلى الانتفاع
[ ص: 281 ] الْفَصْلُ السَّادِسُ
فِي
nindex.php?page=treesubj&link=21768كَيْفِيَّةِ مُلَازَمَةِ الْحِكْمَةِ لِضَابِطِهَا وَبَيَانِ أَقْسَامِهَا
فَنَقُولُ : الْحِكْمَةُ اللَّازِمَةُ لِضَابِطِهَا إِمَّا أَنْ تَكُونَ نَاشِئَةً عَنْهُ ، وَإِمَّا أَنْ لَا تَكُونَ نَاشِئَةً عَنْهُ .
وَالَّتِي لَا تَكُونُ نَاشِئَةً عَنْهُ : إِمَّا أَنْ تَكُونَ لِلْوَصْفِ دَلَالَةٌ عَلَى الْحَاجَةِ إِلَيْهَا ، أَوْ لَا تَكُونَ كَذَلِكَ .
فَالْأَوَّلُ كَشَرْعِ الرُّخْصَةِ فِي السَّفَرِ لِدَفْعِ الْمَشَقَّةِ النَّاشِئَةِ مِنَ السَّفَرِ .
وَالثَّانِي : كَالْحُكْمِ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ بِإِفْضَائِهِ إِلَى الِانْتِفَاعِ بِالْعِوَضِ ، فَإِنَّ الِانْتِفَاعَ لَازِمٌ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ ظَاهِرًا وَلَيْسَ نَاشِئًا عَنِ الْبَيْعِ ، وَلَكِنْ لِلْبَيْعِ ، وَهُوَ التَّصَرُّفُ الصَّادِرُ مِنَ الْأَهْلِ فِي الْمَحَلِّ ، وَهُوَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ دَلَالَةً عَلَى الْحَاجَةِ إِلَيْهِ .
وَالثَّالِثُ : كَمَا فِي مِلْكِ نِصَابِ الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ يُنَاسِبُ إِيجَابَ الزَّكَاةِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ نِعْمَةٌ ، وَالنِّعْمَةُ تُنَاسِبُ الشُّكْرَ لِإِفْضَاءِ الشُّكْرِ إِلَى زِيَادَةِ النِّعْمَةِ عَلَى مَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=7لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ) ، وَالزَّكَاةُ صَالِحَةٌ لِأَنْ تَكُونُ شُكْرًا لِمَا فِيهَا مِنْ إِظْهَارِ النِّعْمَةِ ، وَإِظْهَارُ النِّعْمَةِ فِي الْعُرْفِ يُعَدُّ شُكْرًا .
وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا مِثْلَ هَذَا الْمَقْصُودِ
[1] وَهُوَ زِيَادَةُ النِّعْمَةِ مُلَازِمٌ لِتَرْتِيبِ إِيجَابِ الزَّكَاةِ عَلَى ذَلِكَ النِّصَابِ ، وَلَيْسَ زِيَادَةُ النِّعْمَةِ نَاشِئَةً عَنْ نَفْسِ مِلْكِ النِصَابِ ، كَمَا كَانَتِ الْمَشَقَّةُ نَاشِئَةً عَنِ السَّفَرِ ، وَلَا لِمِلْكِ النِّصَابِ دَلَالَةٌ عَلَى الْحَاجَةِ إِلَى زِيَادَةِ النِّعْمَةِ كَدَلَالَةِ الْبَيْعِ عَلَى الْحَاجَةِ إِلَى الِانْتِفَاعِ