533 - حدثنا عن مروان بن معاوية ، قال : أتيت محمد بن سوقة نعيم بن أبي هند فأخرج إلي صحيفة فإذا فيها : " أبي عبيدة بن الجراح ، إلى ومعاذ بن جبل سلام عليك ، أما بعد ، فإنا عهدناك ، وشأن نفسك لك مهم فأصبحت وقد وليت أمر هذه الأمة أحمرها وأسودها ، يجلس بين يديك الشريف والوضيع والصديق والعدو ولكل حصة من العدل فانظر كيف أنت عند ذلك ، يا عمر بن الخطاب : إنا نحذرك يوما تعنو فيه الوجوه ، وتجف فيه القلوب ، وتنقطع فيه الحجج بحجة ملك قهرهم بجبروته ، والخلق داخرون له يرجون رحمته ويخافون عقابه ، وإنا نحذرك ما حذرت به الأمم قبلنا ، عمر وإنا كنا نحدث أن أمر هذه الأمة سيرجع في آخر زمانها أن يكون إخوان العلانية أعداء السريرة ، وإنا نعوذ بالله أن ينزل كتابنا منك سوى المنزل الذي نزل من قلوبنا ، وإنا كتبنا به نصيحة لك ، والسلام عليك . فكتب إليهما : من من إلى عمر بن الخطاب أبي عبيدة بن الجراح سلام عليكما ، أما بعد فإنكما كتبتما إلي تذكران أنكما عهدتماني ، وأمر نفسي إلي مهم ، وإني أصبحت قد وليت أمر هذه الأمة أحمرها وأسودها ، يجلس بين يدي [ ص: 303 ] الشريف والوضيع والعدو والصديق ولكل حصة من العدل كتبتما : فانظر كيف أنت عند ذلك يا ومعاذ بن جبل : وإنه لا حول ولا قوة عند ذلك عمر ، لعمر إلا بالله كتبتما تحذراني ما حذرت منه الأمم قبلنا ، وقديما كان اختلاف الليل والنهار بآجال الناس يقربان كل بعيد ويبليان كل جديد ويأتيان بكل موعود حتى يصير الناس إلى منازلهم من الجنة والنار ، كتبتما تذكراني أنكما كنتما تحدثانني أن أمر هذه الأمة سيرجع في آخر زمانها أن يكون إخوان العلانية أعداء السريرة ولستم بأولئك ، وليس هذا بزمان ذلك ، وإنما ذلك زمان يظهر فيه الرغبة والرهبة ، تكون رغبة بعض الناس إلى بعض لصلاح دنياهم ورهبة بعض الناس من بعض لصلاح دنياهم ، كتبتما تعوذان بالله أن أنزل كتابكما سوى المنزل الذي نزل من قلوبكما فإنكما كتبتما به نصيحة لي وقد صدقتما فلا تدعا الكتاب إلي ، فإنه لا غنى عنكما ، والسلام عليكما " .
[ ص: 304 ]