ولما وجدنا المومئ في الصلاة قد أمر أن يجعل إيماءه للسجود أخفض من إيمائه للركوع مخالفة بينهما ، إذ كانا شيئين مختلفين ، وجب بذلك أن نأمره أن يخالف بين القعود البدل من القيام وبين القعود للتشهد إذ كانا شيئين مختلفين ، فثبت بذلك مذهب أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد في التربع في الصلاة ، وأحد قولي في التربع فيها إلى موضع الركوع . ثم نظرنا في ذلك فوجدنا القائم يركع في قيامه ، وكان القياس على ذلك أن يكون القاعد يركع في قعوده الذي جعل بدلا من قيامه ، فثبت بذلك أيضا ما ذهب إليه زفر أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد .
ثم وجدنا في هذا الباب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثا متصلا حسن الإسناد وهو ما :
454 - حدثنا قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس ، هارون بن عبد الله الجمال ، قال : حدثنا عن أبو داود الحفري ، حفص ، قال إسحاق ، وهو ابن غياث : عن قال حميد ، إسحاق ، وهو الطويل : عن عبد الله بن شقيق ، عن رضي الله عنها ، قالت : " عائشة رأيت رسول الله صلى [ ص: 235 ] الله عليه وسلم يصلي متربعا " .
455 - حدثنا قال : حدثنا أحمد بن شعيب ، ثم ذكر الحديث . هارون بن عبد الله ،
قال لم يرو هذا الحديث عن أحمد بن شعيب : حفص إلا أبو داود الحفري .
وأما فإن أهل العلم اختلفوا في ذلك ، فقال بعضهم : يصلي مستلقيا على ظهره ، مستقبلا بوجهه للقبلة ، وممن قال ذلك منهم : من كان لا يطيق الصلاة قائما ولا قاعدا ويطيقها مضطجعا على جنبه أو مستلقيا على قفاه أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد .
وقال بعضهم : يصليها مضطجعا على جنبه الأيمن ، مستقبل القبلة بوجهه كذلك .
ولما اختلفوا في ذلك وجدنا المصلي مستلقيا على ظهره يكون مستقبلا للقبلة بوجهه وبصدره وبقدميه وبجميع أعضائه التي يكون السجود عليها التي لو كان يطيق الصلاة قائما ، وعلى الحال التي لو ذهبت علته وأطاق القيام في الصلاة استوى قائما في قبلته كهيئته .
ووجدناه إذا صلى مضطجعا على جنبه ، غير مستقبل بكليته القبلة ، وعلى حال لو ذهبت علته فأراد استقبال القبلة استقبل بخلاف ما هو عليه ، وصار موضع قبلته غير قبلته التي كان مستقبلا لها بوجهه .