الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  زكاة الخيل والبرذون .

                  واختلف أهل العلم في الخيل السائمة ، فقال بعضهم : إن كانت ذكورا كلها فلا شيء فيها ، وكذلك إن كانت ذكورا وإناثا يلتمس صاحبها نسلها ، ففيها الزكاة ، والمصدق في ذلك بالخيار ، إن شاء أخذ من كل فرس دينارا ، وإن شاء قومها دراهم فأخذ من كل مائتي درهم خمسة دراهم ، وممن قال ذلك : أبو حنيفة ، وزفر ، حدثنا بذلك محمد بن العباس ، عن يحيى [ ص: 318 ] بن سليمان الجعفي ، عن الحسن بن زياد ، عن زفر بما حكيناه عنه من ذلك .

                  قال : وهو قول أبي حنيفة ، وقد روي في ذلك عن عمر كما .

                  634 - حدثنا ابن أبي داود ، قال حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا جويرية بن أسماء ، عن مالك ، عن الزهري ، عن السائب بن يزيد ، قال : " رأيت أبي يقيم الخيل ويدفع صدقتها إلى عمر بن الخطاب " .

                  635 - وما حدثنا بكار ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن أنس ، أن عمر - رضي الله عنه - كان " يأخذ من الفرس عشرة ، ومن البرذون خمسة " .

                  636 - وما قد حدثنا سليمان ، قال : حدثنا الخصيب بن ناصح ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، فذكر بإسناده مثله .

                  وكان هذان الحديثان مما احتج به من ذهب إلى قول أبي حنيفة ، وزفر ، الذي حكيناه عنهما فيما ذهبا إليه في هذا الباب .

                  وأما حديث مالك منهما فإن الذي فيه قول السائب : رأيت أبي يقيم الخيل ويدفع صدقتها إلى عمر ، فهذا قد يحتمل أن يكون أريد به خيل التجارة ، ولا يكون في هذا الحديث حجة لمن أوجب الصدقة فيها إذا كانت سائمة ليست للتجارة .

                  وأما حديث قتادة منهما فالذي فيه : " أن عمر - رضي الله عنه - كان يأخذ من الفرس عشرة ومن البرذون خمسة " ، ولم يبين فيه على أي وجه كان يأخذ ذلك ، فلا حجة فيه أيضا ، إذ لا يبان فيه لما ذكرناه ولو كان قد تبين في ذلك أنه أريد به الصدقة لم يكن فيه أيضا حجة لما قال أبو حنيفة ، وزفر ، لأنه لم يذكر في ذلك سائمة ، ولا ذكورا ، ولا إناثا ، ولا أنها كانت ذكورا وإناثا يلتمس أصحابها نسلها ، كما قال أبو حنيفة ، وزفر ، فيما حكيناه عنهما ، وكان الذي يأخذه عمر عن الفرس في ذلك خلاف البقر والغنم ، لأنهما إنما كانا يذهبان إلى أن المراد الذي يؤخذ من الخيل من كل فرس دينار ، ويقوم دراهم على ما قد ذكرناه عنهما في ذلك .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية