وقد روي في هذا الباب حديث عن يحتج به من ذهب إلى إيجاب الصدقة في الخيل السائمة ، ويستدل به على أن عمر - رضي الله عنه - لم يأخذ الصدقة من الخيل تبرعا ، وأنه إنما أخذها على وجوبها فيها . عمر
660 - وذلك أن يحيى حدثنا ، قال : حدثنا نعيم ، قال : حدثنا قال : أخبرنا ابن المبارك ، قال : حدثني ابن جريج ، عمرو بن الحسن ، أن حيي بن يعلى أخبره ، أنه سمع يقول : ابتاع يعلى بن أمية ، عبد الرحمن بن أمية أخو من رجل من أهل يعلى بن أمية اليمن فرسا أنثى بمائة قلوص ، فندم البائع فلحق بعمر ، فقال : غصبني يعلى وأخوه فرسا لي ، فكتب إلى يعلى ، فأخبره الخبر ، فقال " إن الخيل لتبلغ هذا عندكم ؟ " فقال : ما علمت فرسا بلغ هذا قال عمر : " عمر : " فضرب على الخيل دينارا دينارا . فنأخذ من أربعين شاة شاة ، ولا نأخذ من الخيل شيئا ، خذ من الخيل من كل فرس [ ص: 326 ] دينارا
يقال لهم : أما هذا الحديث فمنكر ، لأن عمرو بن الحسين الذي رواه ليس ممن يؤخذ مثل هذا بمثل روايته ، إذ كان غير معروف في رواة العلم ، وإذ كان أثبات الأئمة الحفاظ قد رووا عن خلاف ذلك ، وهم : عمر زهير بن معاوية ، وأبو إسحاق السبيعي ، وحارثة بن مضرب .
الحديث الذي حكيناه في هذا الباب ، وهل الصدقات تؤخذ بالقياس ؟ وبأن ما كثر ثمنه أولى بها مما قل ثمنه ؟ لو كان ذلك كذلك ما كانت خمس أواق من الورق أولى بالصدقة من دار للقنية قيمة خمسة آلاف أوقية .
ولو كان ذلك كذلك أيضا لما كانت الغنم أولى بالزكاة من الحمير ، إذ كانت الحمير أرفع أثمانا منها ، ولعمر - رضي الله عنه - أوقف عندما وقف الله الحق عنده من مجاوزته إلى غيره مما في هذا الحديث ، ومع أنه لا ينبغي لأحد أن يلحق بالزكوات ما ليس منها ، لأنه يدخل ما يلحقه من ذلك في الآي اللاتي تلونا من كتاب الله - عز وجل - في الزكوات .