وقال بعضهم : لم يرد بهذه الآية إلا الشيخ الكبير ، والعجوز الكبير المطيقان للصوم ، فرخص لهما في الإفطار تخفيفا عنهما ، وجعل عليهما أن يطعما مكان ذلك الصوم ، الذي يفطرانه ، وأن يجعلا في ذلك كمن سواهما من الشباب والأصحاء . ورووا ذلك عن [ ص: 418 ] . ابن عباس :
905 - حدثنا قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا روح ، عن ابن أبي عروبة ، عن قتادة ، عزرة ، عن عن سعيد بن جبير ، قال : كان ابن عباس ، ثم نسخ ذلك بهذه الآية : ( رخص للشيخ الكبير والعجوز الكبير في ذلك وهما يطيقان الصوم ، أن يفطرا إن شاءا ، وأن يطعما عن كل يوم مسكينا ولا قضاء عليهما ، فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) " فثبت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة والمرضع إذا خافتا أفطرتا ، وأطعمتا عن كل يوم مسكينا .
906 - حدثنا أحمد بن الحسن ، قال : حدثنا عن عبد الوهاب بن عطاء ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن عروة ، سعيد ، عن مثله ، وزاد : " ولا قضاء عليهما . ابن عباس ،
وكان بعضهم يقرؤها : وعلى الذين يطوقونه فدية طعام مسكين على معنى : يطوقونه ولا يطيقونه .
907 - حدثنا علي بن شيبة ، قال : حدثنا قال : حدثنا روح ، قال : حدثنا ابن جريج ، عن محمد بن عباد بن جعفر ، مولى أبي عمرو ، عائشة ، رضي الله عنها ، كانت تقرأ : يطوقونه . عائشة أن
908 - حدثنا علي بن شيبة ، قال : حدثنا قال : حدثنا روح ، قال : حدثنا زكريا بن إسحاق ، عن عمرو بن دينار ، أنه سمع عطاء ، يقول : وعلى الذين يطوقونه فدية طعام مسكين . ابن عباس ،
قال " ليست بمنسوخة ، هو ابن عباس : " . الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما ، فيطعمان مكان كل يوم مسكينا
909 - حدثنا قال : حدثنا أبو شريح ، محمد بن زكريا ، قال : حدثنا قال : حدثنا الفريابي ، سفيان ، عن عن منصور ، عن مجاهد ، أنه يقرأ هذه الآية : وعلى الذين يطوقونه ، قال : " ابن عباس ، " . هو الشيخ الكبير يطعم عنه نصف صاع لكل يوم
فكان معنى يطوقونه عند هؤلاء الذين قرؤوا هذه الآية كذلك يؤخذون به ، كما :
910 - حدثنا أحمد بن الحسن ، قال : حدثنا قال : حدثنا عبد الوهاب بن عطاء ، عمران بن [ ص: 419 ] حدير ، عن قال : عكرمة ، " . الذين يطوقونه الذين يؤخذون به ، والذين يطيقونه يصومونه
وقد رويت هذه القراءة عن كما ذكرنا ، وروي عنه في المراد بها ما وصفنا . ابن عباس
وقد روي عنه أيضا خلاف هذه القراءة .
911 - حدثنا فهد ، قال : حدثنا محول بن إبراهيم ، قال : حدثنا عن إسرائيل بن يونس ، سالم ، عن عن سعيد بن جبير ، ابن عباس ، وعلى الذين يطيقونه ) قال : " الذين يجشمونه ولا يطيقونه للحبلى والمريض والكبير وصاحب العطاس " . في قوله : (
وكأن المراد بالطاقة في هذا عند هو الطاقة التي معها المشقة على ما في حديث ابن عباس عزرة ، عن سعيد ، عن الذي رويناه ، وليس على الطاقة التي لا مشقة لها . ابن عباس ،
912 - حدثنا قال : حدثنا يزيد بن سنان ، قال : حدثنا أبي ، عن معاذ بن هشام ، عن قتادة ، عزرة ، عن أن سعيد بن جبير ، كانت له جارية ترضع فجهدت ، فقال لها : " أفطري ، فإنك بمنزلة ( ابن عباس ، الذين يطيقونه ) " .
ففي هذا الحديث ما يدل على أنها قد كانت تطيق الصوم بمشقة عليها وجهد لها ، فدل ذلك من قراءة على أنها على إثبات الطاقة ، لا على نفيها ، وعلى أن الطاقة المرادة في ذلك هي الطاقة التي معها المشقة والجهد ، لا ما سواها من الطاقات اللاتي لا جهد معها ولا مشقة . ابن عباس
وقد ثبت بهذه التأويلات اللاتي ذكرنا وانتفى أن يكون لهم الرخصة في ترك صومه لفدية يفتدونها منه ، لأن الذين ذهبوا إلى أن الآية التي تلونا منسوخة كما قال إيجاب صوم شهر رمضان في عين الشهر على الحاضرين ، البالغين ، المكلفين ، المطيقين لصومه ، فيما روينا عنه من ذلك في هذا الكتاب ، ذهبوا إلى أنه قد كان للناس جميعا الفدية من الصوم بالإطعام ، حتى نسخ الله - عز وجل - ذلك بما نسخه به مما قد ذكرناه في هذا الباب ، ولأن الذين ذهبوا إلى أن الآية غير منسوخة قرؤوها على التطويق ، لا على الطاقة جعلوا الطعام المذكور فيها على المطوقين غير المطيقين كما روينا عن سلمة بن الأكوع في هذه القراءة عن عائشة في الموافقة لها على ذلك ، وفي تأويله ذلك على ما تأوله عليه ، ولأن الذين ذهبوا إلى الرواية الأخرى التي رويناها ، عن ابن عباس وقرؤوها على إثبات الطاقة ، جعلوا الطعام المذكور فيها بدلا من الصيام على المطيقين له بالمشقة والجهد ، لا بما [ ص: 420 ] سواهما ، وجعلوا من لا مشقة عليه في الصوم ، ولا جهد عليه فيه من الداخلين في قوله : ( ابن عباس ، فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) فقد عاد صوم شهر رمضان في عين الشهر فرضا على المطيقين للصوم بلا مشقة ، ولا اجتهاد من الحاضرين المطيقين .