ولما كان من مذهب ابن عباس ، أن الملامسة هي الجماع ، أباح للجنب التيمم إذا كان التيمم مذكورا بعقب الملامسة ، وهذا وأبي موسى قد تابع أبو موسى في أن [ ص: 100 ] الملامسة الجماع ، وتابعه في ابن عباس وحاج إباحة الجنب التيمم ، بالآية التي في سورة النساء ، وأن الملامسة المذكورة فيها هي الجماع ، فلم يدفعه عبد الله بن مسعود عن ذلك ، ولم يكن منعه الجنب من التيمم لخلافه إياه في تأويل الآية ، وإنما كان بالعلة التي اعتل بها ، ولما وقفنا من مذاهب أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ما ذكرنا ، عقلنا بذلك أن الذين أباحوا التيمم في الجماع عند عدم الماء ، هم الذين جعلوا الملامسة المذكورة في الآية للجماع ، وأن الذين منعوا من التيمم في الجماع عند عدم الماء هم الذين جعلوا الملامسة المذكورة في الآية ما دون الجماع ، وأنهم ذهبوا إلى أن التيمم لما جعل بدلا من الوضوء ، لم يكن بدلا من الغسل ، ثم وجدنا السنة الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الجنب إذا عدم الماء أنه يتيمم ، وقد روى ذلك عنه ابن مسعود وغيره . عمار بن ياسر
92 - حدثنا قال : حدثنا عيسى بن إبراهيم الغافقي ، عن ابن عيينة ، عن أبي إسحاق ، ناجية ، عمار - رضي الله عنه - ، قال : أصابتني جنابة وليس معي ماء ، فتمعكت كما تتمعك الدابة وأتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكرت ذلك له ، فقال : " أما كان يكفيك التيمم " . عن
93 - حدثنا قال : حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، عن إسرائيل ، أبي إسحاق ، عن ناجية بن كعب ، قال : تمارى ابن مسعود ، وعمار في الرجل تصيبه الجنابة ، ولا يجد الماء ، فقال لا يصلي حتى يجد الماء ، وقال ابن مسعود : عمار : كنت في الإبل فأصابتني جنابة ، فلم أقدر على الماء ، فتمعكت كما يتمعك الحمار ، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكرت ذلك له ، فقال : " إنما كان يكفيك من ذلك أن تيمم بالصعيد ، فإذا قدرت على الماء اغتسل " .
فوفقنا بذلك على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أباح من سننه التيمم للجنابة عند عدم الماء ، وفي ثبوت ذلك عنه - صلى الله عليه وسلم - ثبوت قول من جعل الملامسة التي ذكرها الله - عز وجل - للجماع ، وقد سد ذلك أيضا ما قد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حمله للجنب التيمم عند عدم الماء في الصلاة . أمامة ابنة أبي العاص
94 - حدثنا يونس ، قال : أخبرنا أن ابن وهب ، حدثه ، عن مالكا عامر بن عبد الله بن [ ص: 101 ] الزبير ، عن عمرو بن سليم الزرقي ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " كان يصلي وهو حامل أبي قتادة السلمي ، - صلى الله عليه وسلم - وهي ابنة أمامة بنت زينب بنت رسول الله أبي العاص بن ربيعة بن عبد شمس ، فإذا سجد وضعها ، وإذا قام حملها " . عن
95 - حدثنا عبد الملك بن مروان أبو بشر الرقي ، قال : حدثنا عن حجاج بن محمد ، قال : أخبرني ابن جريج ، عامر بن عبد الله بن الزبير ، عمرو بن سليم الزرقي أخبره ، أنه سمع أبا يقول : " كان النبي صلى الله عليه وسلم ، يصلي قتادة ، وهي ابنة وأمامة ابنة زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم ، أبي العاص بن الربيع على رقبته ، إذا ركع وضعها ، وإذا قام من سجوده أخذها فأعادها على رقبته " . أن
96 - حدثنا قال : حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا خالد بن مخلد القطواني ، قال : حدثني سليمان بن بلال ، قال : أخبرني محمد بن عجلان ، عامر بن عبد الله بن الزبير ، عن وسعيد بن أبي سعيد المقبري ، عمرو بن سليم الزرقي ، عن قال : " أبي قتادة الأنصاري ، على رقبته يحملها إذا ركع وضعها ، وإذا قام أعادها " . وأمامة رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي
97 - حدثنا قال : حدثنا أبو بكرة ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن ابن عجلان ، المقبري ، عن عمرو بن سليم ، عن أبي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مثله . قتادة ،
98 - حدثنا قال : حدثنا أبو أمية ، عن أبو عاصم ، عن ابن عجلان ، عامر بن عبد الله بن الزبير ، عن وسعيد بن أبي سعيد المقبري ، عمرو بن سليم ، عن أبي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثله . قتادة ،
99 - حدثنا قال : حدثنا محمد بن علي البغدادي ، قال : حدثنا خلف بن هشام البزار ، عن أبيه ، عن إبراهيم بن سعد ، أبي سلمة ، قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " يصلي وأمامة ابنة عبد الله بن الحارث ، عنده ، فإذا ركع وضعها ، وإذا قام حملها " . زينب ابنة أبي العاص عن [ ص: 102 ] فهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد حمل في صلاته وهو غير مأمون منها مماسة وجهه أو رأسه وما سوى ذلك من يديه ، لأن من عادات الصبيان جارية على ذلك ، فلو كان ذلك منها ناقضا لطهارته إذا لكان أبعد الناس - صلى الله عليه وسلم - من أن يتعرض في صلاته ما هو غير مأمون على بعض طهارته التي بها تتم صلاته فثبت بما ذكرنا أن الملامسة المذكورة في الآية التي تلونا هي الجماع لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبالدلائل التي ذكرنا عليها . أمامة
وهذا قول أبي حنيفة وزفر ، وأبي يوسف ، رحمهم الله ورضي عنهم بمنه وكرمه . ومحمد بن الحسن