الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            27 - باب دخول مكة

                                                            1601 - قال الشافعي : أحب للرجل إذا أراد دخول مكة أن يغتسل .

                                                            1602 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى ، حدثنا أبو الربيع ، حدثنا حماد ، عن أيوب ، عن نافع أن ابن عمر كان " لا يقدم مكة إلا بات بذي طوى ، حتى يصبح ويغتسل ، ثم يدخل مكة نهارا " ، ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله .

                                                            1603 - قال الشافعي ( رضي الله عنه ) ثم يمضي إلى البيت فلا يفرح فيبدأ بالطواف .

                                                            [ ص: 171 ]

                                                            1604 - قلت : وهذا لما روينا في حديث [أبي ] الأسود ، عن عروة قال ، أخبرتني عائشة أنه أول شيء بدأ به - يعني رسول لله صلى الله عليه وسلم - حيث قدم مكة أنه " توضأ ثم طاف بالبيت ، ثم أبو بكر ، ثم عمر مثل ذلك " . قال عروة : ثم حج عثمان فرأيته أول شيء بدأ به الطواف بالبيت ، ثم معاوية ، وعبد الله بن عمر ، ثم ابن الزبير بن العوام ، ثم رأيت المهاجرين والأنصار يفعلون ذلك ثم أمي وخالتي .

                                                            1605 - وروينا عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان " يدخل مكة من كداء من الثنية العليا التي بالبطحاء ويخرج من الثنية السفلى " .

                                                            1606 - وروي عن ابن عمر " أنه دخل المسجد من باب بني شيبة " .

                                                            وروي ذلك من وجه آخر مرفوعا .

                                                            1607 - قال الشافعي ( رضي الله عنه ) : وإذا رأى البيت قال : اللهم زد هذا البيت شرفا وتعظيما وتكريما ومهابة وزد من شرفه وعظمه وكرمه ، ممن حجه واعتمره تشريفا وتكريما وبرا ، اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام .

                                                            1608 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، حدثنا أبو العباس الأصم ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا سعيد بن سالم ، عن ابن جريج : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى البيت رفع يديه وقال : " اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة وزد من شرفه وكرمه ممن حجه أو اعتمره تشريفا وتكريما وتعظيما وبرا " .

                                                            1609 - وروينا في حديث الثوري عن أبي سعيد الشامي ، عن مكحول ، قال [ ص: 172 ] : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل مكة فرأى البيت رفع يديه وكبر وقال : " اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام . . " ثم ذكر الدعاء الذي رواه الشافعي .

                                                            1610 - قال الشافعي : فإذا انتهى إلى الطواف اضطبع فأدخل رداءه تحت منكبه الأيمن ورده على منكبه الأيسر حتى يكون منكبه الأيمن مكشوفا ، ثم استلم الركن الأسود إن قدر على استلامه .

                                                            1611 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني ، أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي ، حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني ، حدثنا يحيى بن سليم . [ح ] وأخبرنا أبو علي الروذباري ، أخبرنا أبو بكر بن داسة ، حدثنا أبو داود ، حدثنا محمد بن سليمان الأنباري ، حدثنا يحيى بن سليم ، عن أبي خثيم ، عن أبي الطفيل ، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم " اضطبع فاستلم فكبر ، ثم رمل ثلاثة أطواف " وفي رواية الزعفراني قال : اضطبع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ورملوا ثلاثة أشواط ومشوا أربعا .

                                                            1612 - قال الشافعي : وقال عند استلامه : اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم .

                                                            1613 - أخبرنا أبو نصر عمر بن عبد العزيز بن قتادة ، أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسن السراج ، حدثنا مطين ، حدثنا إبراهيم بن محمد الشافعي ، حدثنا حفص بن غياث ، عن أبي العميس ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي أنه كان يقول إذا استلم الحجر : " اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك واتباعا لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم " .

                                                            1614 - وفي رواية أخرى عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي أنه كان إذا مر بالحجر الأسود فرأى عليه زحاما استقبله وكبر .

                                                            [ ص: 173 ]

                                                            1615 - وروينا عن ابن عمر أنه " كان يأتي البيت فيستلم الحجر ويقول : بسم الله والله أكبر " .

                                                            1616 - قال الشافعي : ثم يمضي على يمينه فيرمل ثلاثة أطواف من الحجر إلى الحجر ويمشي أربعة .

                                                            1617 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني ، حدثنا شجاع بن الوليد ، قال : سمعت موسى بن عقبة يحدث عن نافع ، عن ابن عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان " إذا طاف في الحج والعمرة أول ما يقدم فإنه يسعى ثلاثة أطواف بالبيت ويمشي أربعا " .

                                                            1618 - وروينا في حديث عبد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : " رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحجر إلى الحجر ثلاثا ، ومشى أربعا " .

                                                            1619 - قال الشافعي : وأحب أن يستلم ما قدر عليه ولا يستلم من الأركان إلا الحجر واليماني ، يستلم اليماني بيده ثم يقبلها ولا يقبله ويستلم الحجر بيده ويقبلها ويقبله إن أمكنه التقبيل .

                                                            1620 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، حدثني علي بن حمشاذ ، حدثنا أبو خليفة أن أبا الوليد الطيالسي حدثهم ، قال : حدثنا ليث ، عن ابن شهاب ، عن سالم ، عن ابن عمر ، أنه قال : " لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح من البيت إلا الركنين اليمانيين " .

                                                            [ ص: 174 ]

                                                            1621 - وروينا عن عطاء بن السائب ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير ، عن أبيه ، عن ابن عمر ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " مسحهما يحط الخطايا " .

                                                            1622 - وروينا في حديث نافع ، قال : " رأيت ابن عمر استلم الحجر بيده وقبل يده وقال : ما تركته منذ رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعله " .

                                                            1623 - وروينا عن الزبير بن عربي أن رجلا سأل ابن عمر ، عن استلام الحجر ؟ قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمه ويقبله .

                                                            1624 - وروينا عن ابن عباس أنه قبله وسجد عليه ، وقال : " رأيت عمر بن الخطاب قبله وسجد عليه ، ثم قال : رأيت رسول صلى الله عليه وسلم فعل هكذا " .

                                                            1625 - وأخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان بن الحسن الفقيه ، إملاء حدثنا الحسن بن مكرم ، حدثنا أبو عمر الحوضي ، حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : " رأيت عمر قبل الحجر وقال : والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك ما قبلتك " .

                                                            1626 - وروى عمر بن قيس ، عن عطاء ، عن جابر بن عبد الله : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " استلم الحجر فقبله واستلم الركن اليماني فقبل يده " .

                                                            [ ص: 175 ]

                                                            1627 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا عبد الصمد بن علي البزار ، حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر ، حدثنا الحسن بن موسى الأشيب ، حدثنا ثابت بن يزيد ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن لهذا الحجر لسانا وشفتين يشهد لمن استلمه يوم القيامة بحق " .

                                                            1628 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان ، حدثنا أحمد بن عبيد ، حدثنا العباس بن الفضل الأسفاطي ، حدثنا أحمد بن شبيب ، حدثنا أبي ، عن يونس ، عن الزهري ، حدثني مسافع الحجبي سمع عبد الله بن عمرو يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة ولولا ما مسهما من خطايا بني آدم لأضاءا ما بين المشرق والمغرب وما مسهما من ذي عاهة ولا سقيم إلا شفي " .

                                                            1629 - قال الشافعي : وأحب كلما حاذى به [يعني الحجر الأسود ] أن يكبر وأن يقول في رمله : اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا ، وسعيا مشكورا ويقول في الأطواف الأربعة : اللهم اغفر وارحم واعف عما تعلم وأنت الأعز الأكرم ، اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " .

                                                            1630 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو عثمان سعيد بن محمد بن محمد بن عبدان ، وأبو عبد الرحمن السلمي ، قالوا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا العباس بن محمد الدوري ، حدثنا يحيى بن أبي بكير ، حدثنا إبراهيم بن [ ص: 176 ] طهمان ، حدثني خالد الحذاء ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : " طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم على بعيره كلما أتى الركن أشار إليه وكبر " .

                                                            1631 - أخبرنا أبو طاهر الفقيه ، حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن القطان ، حدثنا علي بن الحسن الدرابجردي ، حدثنا أبو عاصم ، وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد ، عن ابن جريج ، عن يحيى بن عبيد ، عن أبيه أنه سمع عبد الله بن السائب يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بين الركنين : " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " .

                                                            1632 - قال الشافعي : فإذا فرغ من طوافه صلى خلف المقام ركعتين يقرأ في الأولى بـ قل يا أيها الكافرون . . ، وفي الآخرة بـ قل هو الله أحد كل واحدة منها بعد أم القرآن ، ثم يعود إلى الركن فيستلمه .

                                                            1633 - قلت : وهذا الذي ذكره الشافعي موجود في حديث حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه في حج النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                            * * *

                                                            التالي السابق


                                                            الخدمات العلمية