فصل:
وقد لبس إبليس على أصحاب الأموال من أربعة أوجه أحدها من جهة كسبها فلا يبالون كيف حصلت وقد فشا الربا في أكثر معاملاتهم وأنسوه حتى أن جمهور معاملاتهم خارجة عن الإجماع وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة nindex.php?page=hadith&LINKID=651941عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: nindex.php?page=treesubj&link=30208_18580 "ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء من أين أخذ المال من حلال أو حرام" والثاني من جهة البخل بها
nindex.php?page=treesubj&link=2646فمنهم من لا يخرج الزكاة أصلا إنكالا على العفو ومنهم من يخرج بعضا ثم يغلبه البخل فينظر أن المخرج يدفع عنه ومنهم من يحتال لإسقاطها مثل أن يهب المال قبل الحول ثم يسترده ومنهم من يحتال بإعطاء الفقير ثوبا يقومه عليه بعشرة دنانير وهو يساوي دينارين ويظن ذلك الجاهل أنه قد تخلص ومنهم من يخرج الرديء مكان الجيد ومنهم من يعطي
[ ص: 382 ] الزكاة لمن يستخدمه طول السنة فهي على الحقيقة أجرة ومنهم من يخرج الزكاة كما ينبغي فيقول له إبليس ما بقي عليك فيمنعه أن يتنفل بصدقة حبا للمال فيفوته أجر المتصدقين ويكون المال رزق غيره.
وبإسناد عن
الضحاك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال أول ما ضرب الدرهم أخذه إبليس فقبله ووضعه على عينه وسرته وقال بك أطغى وبك أكفر رضيت من ابن آدم بحبه الدينار من أن يعبدني وعن
الأعمش ، عن
شقيق عن
عبد الله قال إن الشيطان يرد الإنسان بكل ريدة فإذا أعياه اضطجع في ماله فيمنعه أن ينفق منه شيئا والثالث من حيث التكثير بالأموال فإن
nindex.php?page=treesubj&link=29544الغني يرى نفسه خيرا من الفقير وهذا جهل لأن الفضل بفضائل النفس اللازمة لها لا تجمع حجارة خارجة عنها كما قال الشاعر:
غنى النفس لمن يعقل خير من غنى المال وفضل النفس في الأنفس
وليس الفضل في الحال
والرابع في إنفاقها فمنهم من ينفقها على وجه التبذير والإسراف تارة في البنيان الزائد على مقدار الحاجة وتزويق الحيطان وزخرفة البيوت وعمل الصور وتارة في
nindex.php?page=treesubj&link=18684_24622اللباس الخارج بصاحبه إلى الكبر والخيلاء وتارة في المطاعم الخارجة إلى السرف وهذه الأفعال لا يسلم صاحبها من فعل محرم أو مكروه وهو مسؤول عن جميع ذلك.
وبإسناد
عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يا ابن آدم لا تزول قدماك يوم القيامة بين يدي الله عز وجل حتى تسأل عن أربع عمرك فيما أفنيته وجسدك فيما أبليته ومالك من أين اكتسبته وأين أنفقته"؟ ومنهم
nindex.php?page=treesubj&link=18702_18697من ينفق في بناء المساجد والقناطر إلا أنه يقصد الرياء والسمعة وبقاء الذكر فيكتب اسمه على ما بنى ولو كان عمله لله عز وجل لاكتفى بعلمه سبحانه وتعالى ولو كلف أن يبني حائطا من غير أن يكتب اسمه عليه لم يفعل ومن هذا الجنس إخراجهم الشمع في رمضان في الأنوار طلبا للسمعة ومساجدهم طوال السنة مظلمة لأن إخراجهم قليلا من دهن كل ليلة لا يؤثر في المدح ما يؤثر في إخراج شمعة في رمضان ولقد كان إغناء الفقراء بثمن الشمع أولى ولربما خرجت
[ ص: 383 ] الأضواء الكثيرة السرف الممنوع منه غير أن الرياء يعمل عمله وقد كان
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل يخرج إلى المسجد وفي يده سراج فيضعه ويصلي ومنهم من إذا تصدق أعطى الفقير والناس يرونه فيجمع بين قصده مدحهم وبين إذلال الفقير وفيهم من يجعل منه الدنانير الخفاف فيكون في الدينار قيراطان ونحو ذلك وربما كانت رديئة فيتصدق بها بين الجمع مكشوفة ليقال قد أعطى فلان فلانا دينارا وبالعكس من هذا كان جماعة الصالحين المتقدمين يجعلون في القرطاس الصغير دينارا ثقيلا يزيد وزنه على دينار ونصف ويسلمونه إلى الفقير في سر فإذا رأى قرطاسا صغيرا ظنه قطعة فإذا لمسه وجد تدوير دينار ففرح فإذا فتحه ظنه قليل الوزن فإذا رآه ثقيلا ظنه يقارب الدينار فإذا وزنه فرآه زائدا على الدينار اشتد فرحة فالثواب يتضاعف للمعطي عند كل مرتبة ومنهم من يتصدق على الأجانب ويترك بر الأقارب وهم أولى وبإسناد
عن سليمان بن عامر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: nindex.php?page=treesubj&link=23468_23495 "الصدقة على المسلمين صدقة والصدقة على ذوي الرحم اثنتان صدقة وصلة" ومنهم من يعلم فضيلة التصدق على القرابة إلا أن يكون بينهما عداوة دنيوية فيمتنع من مواساته مع علمه بفقره ولو واساه كان له أجر الصدقة والقرابة ومجاهدة الهوى وقد روي
عن nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب الأنصاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح".
قال المصنف رحمه الله وإنما قبلت هذه الصدقة وفضلت لمخالفة الهوى فإن من تصدق على ذي قرابة بحبه فقد اتفق على هواه ومنهم من يتصدق ويضيق على أهله في النفقة وقد روي
nindex.php?page=hadith&LINKID=668757عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=treesubj&link=26093 "أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غنى وابدأ بمن تعول" وبإسناد
nindex.php?page=hadith&LINKID=668749عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "تصدقوا فقال رجل عندي دينار فقال تصدق به على نفسك قال عندي دينار آخر قال تصدق به على زوجتك قال عندي دينار آخر قال تصدق به على ولدك قال عندي دينار آخر قال تصدق به على خادمك قال عندي آخر قال أنت أبصر به" nindex.php?page=treesubj&link=18702_18697ومنهم من ينفق في الحج ويلبس عليه إبليس بأن الحج قربة وإنما مراده الرياء والفرجة ومدح الناس قال رجل
لبشر الحافي أعددت ألفي درهم للحج فقال أحججت قال نعم قال اقض دين
[ ص: 384 ] مدين قال ما تميل نفسي إلا إلى الحج قال مرادك أن تركب وتجيء ويقال فلان حاجي ومنهم من ينفق على الأوقات والرقص ويرمي الثياب على المغني ويلبس عليه إبليس بأنك تجمع الفقراء وتطعمهم وقد بينا أن ذلك مما يوجب فساد القلوب ومنهم من إذا جهز ابنته صاغ لها دست الفضة ويرى الأمر في ذلك قربة وربما كانت له ختمة فتقدم مجامر الفضة ويحضر هناك قوم من العلماء فلا هو يستعظم ما فعل ولا هم ينكرون اتباعا للعادة ومنهم من يجوز في وصيته ويحرم الوارث ويرى أنه ماله يتصرف فيه كيف شاء وينسى أنه بالمرض قد تعلقت حقوق الوارثين به وبإسناد
عن nindex.php?page=showalam&ids=131أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من خاف عند الوصية قذف في الوباء" nindex.php?page=treesubj&link=30434والوباء واد في جهنم وعن
الأعمش عن خيثمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الشيطان يقول ما غلبني عليه ابن آدم فلن يغلبني على ثلاث آمره بأخذ المال من غير حقه وآمره بإنفاقه في غير حقه ومنعه من حقه".
فَصْلٌ:
وَقَدْ لَبَّسَ إِبْلِيسُ عَلَى أَصْحَابِ الْأَمْوَالِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا مِنْ جِهَةِ كَسْبِهَا فَلَا يُبَالُونَ كَيْفَ حَصَلَتْ وَقَدْ فَشَا الرِّبَا فِي أَكْثَرِ مُعَامَلَاتِهِمْ وَأَنْسَوْهُ حَتَّى أَنَّ جُمْهُورَ مُعَامَلَاتِهِمْ خَارِجَةٌ عَنِ الْإِجْمَاعِ وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ nindex.php?page=hadith&LINKID=651941عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: nindex.php?page=treesubj&link=30208_18580 "لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يُبَالِي الْمَرْءُ مِنْ أَيْنَ أَخَذَ الْمَالَ مِنْ حَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ" وَالثَّانِي مِنْ جِهَةِ الْبُخْلِ بِهَا
nindex.php?page=treesubj&link=2646فَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُخْرِجُ الزَّكَاةَ أَصْلًا إِنْكَالًا عَلَى الْعَفْوِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُخْرِجُ بَعْضًا ثُمَّ يَغْلِبُهُ الْبُخْلُ فَيَنْظُرُ أَنَّ الْمَخْرَجَ يَدْفَعُ عَنْهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْتَالُ لِإِسْقَاطِهَا مِثْلَ أَنْ يَهَبَ الْمَالَ قَبْلَ الْحَوْلِ ثُمَّ يَسْتَرِدُّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْتَالُ بِإِعْطَاءِ الْفَقِيرِ ثَوْبًا يُقَوِّمُهُ عَلَيْهِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَهُوَ يُسَاوِي دِينَارَيْنِ وَيَظُنُّ ذَلِكَ الْجَاهِلُ أَنَّهُ قَدْ تَخَلَّصَ وَمِنْهُمْ مَنْ يُخْرِجُ الرَّدِيءَ مَكَانَ الْجَيِّدِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطِي
[ ص: 382 ] الزَّكَاةَ لِمَنْ يَسْتَخْدِمُهُ طُولَ السَّنَةِ فَهِيَ عَلَى الْحَقِيقَةِ أُجْرَةٌ وَمِنْهُمْ مَنْ يُخْرِجُ الزَّكَاةَ كَمَا يَنْبَغِي فَيَقُولُ لَهُ إِبْلِيسُ مَا بَقِيَ عَلَيْكَ فَيَمْنَعُهُ أَنْ يَتَنَفَّلَ بِصَدَقَةٍ حُبًّا لِلْمَالِ فَيَفُوتُهُ أَجْرُ الْمُتَصَدِّقِينَ وَيَكُونُ الْمَالُ رِزْقَ غَيْرِهِ.
وَبِإِسْنَادٍ عَنِ
الضَّحَّاكِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَوَّلُ مَا ضُرِبَ الدِّرْهَمُ أَخَذَهُ إِبْلِيسُ فَقَبَّلَهُ وَوَضَعَهُ عَلَى عَيْنِهِ وَسُرَّتِهِ وَقَالَ بِكَ أَطْغَى وَبِكَ أُكَفِّرُ رَضِيتُ مِنِ ابْنِ آدَمَ بِحُبِّهِ الدِّينَارَ مِنْ أَنْ يَعْبُدَنِي وَعَنِ
الْأَعْمَشِ ، عَنْ
شَقِيقٍ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ قَالَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَرُدُّ الْإِنْسَانَ بِكُلِّ رَيْدَةٍ فَإِذَا أَعْيَاهُ اضْطَجَعَ فِي مَالِهِ فَيَمْنَعُهُ أَنْ يُنْفِقَ مِنْهُ شَيْئًا وَالثَّالِثُ مِنْ حَيْثُ التَّكْثِيرُ بِالْأَمْوَالِ فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29544الْغَنِيَّ يَرَى نَفَسْهُ خَيْرًا مِنَ الْفَقِيرِ وَهَذَا جَهْلٌ لِأَنَّ الْفَضْلَ بِفَضَائِلِ النَّفْسِ اللَّازِمَةِ لَهَا لَا تَجْمَعُ حِجَارَةً خَارِجَةً عَنْهَا كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
غِنَى النَّفْسِ لِمَنْ يَعْقِلُ خَيْرٌ مِنْ غِنَى الْمَالِ وَفَضْلُ النَّفْسِ فِي الْأَنْفُسِ
وَلَيْسَ الْفَضْلُ فِي الْحَالِ
وَالرَّابِعُ فِي إِنْفَاقِهَا فَمِنْهُمْ مَنْ يُنْفِقُهَا عَلَى وَجْهِ التَّبْذِيرِ وَالْإِسْرَافِ تَارَةً فِي الْبُنْيَانِ الزَّائِدِ عَلَى مِقْدَارِ الْحَاجَةِ وَتَزْوِيقِ الْحِيطَانِ وَزَخْرَفَةِ الْبُيُوتِ وَعَمَلِ الصُّوَرِ وَتَارَةً فِي
nindex.php?page=treesubj&link=18684_24622اللِّبَاسِ الْخَارِجِ بِصَاحِبِهِ إِلَى الْكِبَرِ وَالْخُيَلَاءِ وَتَارَةً فِي الْمَطَاعِمِ الْخَارِجَةِ إِلَى السَّرَفِ وَهَذِهِ الْأَفْعَالُ لَا يَسْلَمُ صَاحِبُهَا مِنْ فِعْلِ مُحَرَّمٍ أَوْ مَكْرُوهٍ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ.
وَبِإِسْنَادٍ
عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "يَا ابْنَ آدَمَ لَا تَزُولُ قَدَمَاكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى تَسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ عُمُرِكَ فِيمَا أَفْنَيْتَهُ وَجَسَدِكَ فِيمَا أَبْلَيْتَهُ وَمَالِكَ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبْتَهُ وَأَيْنَ أَنْفَقْتَهُ"؟ وَمِنْهُمْ
nindex.php?page=treesubj&link=18702_18697مَنْ يُنْفِقُ فِي بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَالْقَنَاطِرِ إِلَّا أَنَّهُ يَقْصِدُ الرِّيَاءَ وَالسُّمْعَةَ وَبَقَاءَ الذِّكْرِ فَيَكْتُبُ اسْمَهُ عَلَى مَا بَنَى وَلَوْ كَانَ عَمَلُهُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَاكْتَفَى بِعِلْمِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَلَوْ كُلِّفَ أَنْ يَبْنِيَ حَائِطًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُكْتَبَ اسْمُهُ عَلَيْهِ لَمْ يَفْعَلْ وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ إِخْرَاجُهُمُ الشَّمْعَ فِي رَمَضَانَ فِي الْأَنْوَارِ طَلَبًا لِلسُّمْعَةِ وَمَسَاجِدُهُمْ طَوَالَ السَّنَةِ مُظْلِمَةٌ لِأَنَّ إِخْرَاجَهُمْ قَلِيلًا مِنْ دُهْنِ كُلِّ لَيْلَةٍ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْمَدْحِ مَا يُؤَثِّرُ فِي إِخْرَاجِ شَمْعَةٍ فِي رَمَضَانَ وَلَقَدْ كَانَ إِغْنَاءُ الْفُقَرَاءِ بِثَمَنِ الشَّمْعِ أَوْلَى وَلَرُبَّمَا خَرَجَتِ
[ ص: 383 ] الْأَضْوَاءُ الْكَثِيرَةُ السَّرَفَ الْمَمْنُوعَ مِنْهُ غَيْرَ أَنَّ الرِّيَاءَ يَعْمَلُ عَمَلَهُ وَقَدْ كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَخْرُجُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَفِي يَدِهِ سِرَاجٌ فَيَضَعُهُ وَيُصَلِّي وَمِنْهُمْ مَنْ إِذَا تَصَدَّقَ أَعْطَى الْفَقِيرَ وَالنَّاسُ يَرَوْنَهُ فَيَجْمَعُ بَيْنَ قَصْدِهِ مَدْحَهُمْ وَبَيْنَ إِذْلَالِ الْفَقِيرِ وَفِيهِمْ مَنْ يَجْعَلُ مِنْهُ الدَّنَانِيرَ الْخِفَافَ فَيَكُونُ فِي الدِّينَارِ قِيرَاطَانِ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَرُبَّمَا كَانَتْ رَدِيئَةً فَيَتَصَدَّقُ بِهَا بَيْنَ الْجَمْعِ مَكْشُوفَةً لِيُقَالَ قَدْ أَعْطَى فُلَانٌ فُلَانًا دِينَارًا وَبِالْعَكْسِ مِنْ هَذَا كَانَ جَمَاعَةُ الصَّالِحِينَ الْمُتَقَدِّمِينَ يَجْعَلُونَ فِي الْقِرْطَاسِ الصَّغِيرِ دِينَارًا ثَقِيلًا يَزِيدُ وَزْنُهُ عَلَى دِينَارٍ وَنِصْفٍ وَيُسَلِّمُونَهُ إِلَى الْفَقِيرِ فِي سِرٍّ فَإِذَا رَأَى قِرْطَاسًا صَغِيرًا ظَنَّهُ قِطْعَةً فَإِذَا لَمَسَهُ وَجَدَ تَدْوِيرَ دِينَارٍ فَفَرِحَ فَإِذَا فَتَحَهُ ظَنَّهُ قَلِيلَ الْوَزْنِ فَإِذَا رَآهُ ثَقِيلًا ظَنَّهُ يُقَارِبُ الدِّينَارَ فَإِذَا وَزَنَهُ فَرَآهُ زَائِدًا عَلَى الدِّينَارِ اشْتَدَّ فَرْحَةً فَالثَّوَابُ يَتَضَاعَفُ لِلْمُعْطِي عِنْدَ كُلِّ مَرْتَبَةٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَصَدَّقُ عَلَى الْأَجَانِبِ وَيَتْرُكُ بِرَّ الْأَقَارِبِ وَهُمْ أَوْلَى وَبِإِسْنَادٍ
عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: nindex.php?page=treesubj&link=23468_23495 "الصَّدَقَةُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ صَدَقَةٌ وَالصَّدَقَةُ عَلَى ذَوِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ" وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْلَمُ فَضِيلَةَ التَّصَدُّقِ عَلَى الْقَرَابَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ فَيَمْتَنِعُ مِنْ مُوَاسَاتِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِفَقْرِهِ وَلَوْ وَاسَاهُ كَانَ لَهُ أَجْرُ الصَّدَقَةِ وَالْقَرَابَةِ وَمُجَاهَدَةُ الْهَوَى وَقَدْ رُوِيَ
عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=50أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "إِنَّ أَفْضَلَ الصَّدَقَةِ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الْكَاشِحِ".
قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ وَإِنَّمَا قُبِلَتْ هَذِهِ الصَّدَقَةُ وَفُضِّلَتْ لِمُخَالَفَةِ الْهَوَى فَإِنَّ مَنْ تَصَدَّقَ عَلَى ذِي قَرَابَةٍ بِحُبِّهِ فَقَدِ اتَّفَقَ عَلَى هَوَاهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَصَدَّقُ وَيُضَيِّقُ عَلَى أَهْلِهِ فِي النَّفَقَةِ وَقَدْ رُوِيَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=668757عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : nindex.php?page=treesubj&link=26093 "أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ" وَبِإِسْنَادٍ
nindex.php?page=hadith&LINKID=668749عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "تَصَدَّقُوا فَقَالَ رَجُلٌ عِنْدِي دِينَارٌ فَقَالَ تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ قَالَ عِنْدِي دِينَارٌ آخَرُ قَالَ تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى زَوْجَتِكَ قَالَ عِنْدِي دِينَارٌ آخَرُ قَالَ تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى وَلَدِكَ قَالَ عِنْدِي دِينَارٌ آخَرُ قَالَ تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى خَادِمِكَ قَالَ عِنْدِي آخَرُ قَالَ أَنْتَ أَبْصَرُ بِهِ" nindex.php?page=treesubj&link=18702_18697وَمِنْهُمْ مَنْ يُنْفِقُ فِي الْحَجِّ وَيُلَبِّسُ عَلَيْهِ إِبْلِيسُ بِأَنَّ الْحَجَّ قُرْبَةٌ وَإِنَّمَا مُرَادُهُ الرِّيَاءُ وَالْفُرْجَةُ وَمَدْحُ النَّاسِ قَالَ رَجُلٌ
لِبِشْرٍ الْحَافِي أَعْدَدْتُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ لِلْحَجِّ فَقَالَ أَحَجَجْتَ قَالَ نَعَمْ قَالَ اقْضِ دَيْنَ
[ ص: 384 ] مَدِينٍ قَالَ مَا تَمِيلُ نَفْسِي إِلَّا إِلَى الْحَجِّ قَالَ مُرَادُكَ أَنْ تَرْكَبَ وَتَجِيءَ وَيُقَالُ فُلَانٌ حَاجِيٌّ وَمِنْهُمْ مَنْ يُنْفِقُ عَلَى الْأَوْقَاتِ وَالرَّقْصِ وَيَرْمِي الثِّيَابَ عَلَى الْمُغَنِّي وَيُلَبِّسُ عَلَيْهِ إِبْلِيسُ بِأَنَّكَ تَجْمَعُ الْفُقَرَاءَ وَتُطْعِمُهُمْ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُوجِبُ فَسَادَ الْقُلُوبِ وَمِنْهُمْ مَنْ إِذَا جَهَّزَ ابْنَتَهُ صَاغَ لَهَا دَسْتَ الْفِضَّةِ وَيَرَى الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ قُرْبَةً وَرُبَّمَا كَانَتْ لَهُ خَتْمَةٌ فَتُقَدَّمُ مَجَامِرُ الْفِضَّةِ وَيَحْضُرُ هُنَاكَ قَوْمٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ فَلَا هُوَ يَسْتَعْظِمُ مَا فَعَلَ وَلَا هُمْ يُنْكِرُونَ اتِّبَاعًا لِلْعَادَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَجُوزُ فِي وَصِيَّتِهِ وَيَحْرِمُ الْوَارِثَ وَيَرَى أَنَّهُ مَالُهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ وَيَنْسَى أَنَّهُ بِالْمَرَضِ قَدْ تَعَلَّقَتْ حُقُوقُ الْوَارِثِينَ بِهِ وَبِإِسْنَادٍ
عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=131أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "مَنْ خَافَ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ قُذِفَ فِي الْوَبَاءِ" nindex.php?page=treesubj&link=30434وَالْوَبَاءُ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ وَعَنِ
الْأَعْمَشِ عَنْ خَيْثَمَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "إِنَّ الشَّيْطَانَ يَقُولُ مَا غَلَبَنِي عَلَيْهِ ابْنُ آدَمَ فَلَنْ يَغْلِبَنِي عَلَى ثَلَاثٍ آمُرُهُ بِأَخْذِ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ حَقِّهِ وَآمُرُهُ بِإِنْفَاقِهِ فِي غَيْرِ حَقِّهِ وَمَنْعِهِ مِنْ حَقِّهِ".